إنجيل هٰذا الأحد من (لو ١٠: ١-٢٠)، وفيه يُرسل السيد المسيح رسْله إلى المدن اليهودية للنداء فيها بالتوبة، مقدِّمًا لهم الوصايا والتعاليم اللازمة لهم لأداء هذه الخدمة. وفي كلمات السيد المسيح، يمكننا أن نرى بوضوح أسس الخدمة الروحية الناجحة ومنها:
• أولًا: الاعتماد على الله في الخدمة لا على الإمكانات البشرية: “لا تحملوا كيسًا ولا مِزودًا ولا أحذية”؛ فإن الخدمة هي عمل روحيّ، ولا ينمو أو ينجح إلا بالحياة الروحية العميقة للإنسان. وعندما يعتقد البعض أن سبب نجاح خدمته هو ما يملِكه من إمكانات، فإن هٰذا ما هو إلا سير في طريق مؤدٍّ إلى مزيد من الابتعاد عن الهدف الحقيقيّ! بل إنه على النقيض، نجد أن السيد المسيح يطلب من رسله أن يتنازلوا أولًا عما يملِكونه، معتمدين أولًا على الله الذي سيهب لهم القدرة مع جميع ما يحتاجونه.
• ثانيًا: رسالة الخدمة هي النداء بالتوبة، فيقول: “واشفوا المرضى الذين فيها، وقولوا لهم: قد اقترب منكم ملكوت الله.”؛ وعلى من يحمل رسالتهم تلك أن يقدمها إلى النفوس بكل أمانة معتمدًا على الله. أما رفض الإنسان للتوبة، فهو أمر يقع كاملًا عليه وهو من سيتحمل تلك دينونة: “وأية مدينة دخلتموها ولم يقبلوكم، فاخرجوا إلى شوارعها وقولوا: حتى الغبار الذي لصِق بنا من مدينتكم نَنْفُضه لكم. ولٰكن اعلموا هٰذا أنه قد اقترب منكم ملكوت الله. وأقول لكم: إنه يكون لسَدوم في ذٰلك اليوم حالة أكثر احتمالًا مما لتلك المدينة.”.
• ثالثًا: فرح الخدمة الحقيقيّ هو الأبدية إذ قد سبق السيد المسيح فنبهنا قائلا: “ولٰكن لا تفرحوا بهٰذا: أن الأرواح تخضع لكم، بل افرحوا بالحريّ أن أسماءكم كُتبت في السماوات.”. إن فرح الإنسان الحقيقيّ لا يكون بأمور زائلة في العالم، بل بتلك الأمور الأبدية التي لن تنتهي. يقول القديس “يوحنا الذهبيّ الفم”: “الأمور الزمنية تُشبه الماء، كالسَّيل الذي ينجرف سريعًا … وأما الأمور الروحية فهي كالصخرة.”.
الأسقف العام رئيس المركز الثقافيّ القبطيّ الأُرثوذكسيّ