إنجيل هٰذا الأحد من (لو ٩: ١٠-١٧)، وفيه عودة الآباء الرسل من إرسالية السيد المسيح لهم للتبشير في القرى بالتوبة؛ وما إن عادوا حتى تحدثوا مع السيد المسيح عن تفاصيل خدمتهم: “ولما رجع الرسل أخبروه بجميع ما فعلوا فأخذهم وانصرف منفردًا إلى موضع خلاء لمدينة تسمى بيت صيدا”. فقد كان السيد المسيح ينصت لكلمات تلاميذه ويصحح لهم المفاهيم ويعلمهم بكل التعاليم التي يحتاجونها؛ ومن أمثلة ذلك أنهم عندما عادوا فرحين من خدمتهم بأن الشياطين تخضع لهم، قدَّم لهم التعليم الصحيح في أنه ينبغي أن يفرحوا لأن أسماءهم قد كُتبت في ملكوت السماوات. إن سر الفرح الحقيقيّ ليس ما يوهَب للإنسان من سلطان أو مواهب أو معرفة، وإنما السعادة الحقيقية هي في وجود الإنسان في حضرة الله مظلَّلاً بمحبته العظيمة وبمراحمه الأبدية.
وعندما علِمت الجموع بمكان السيد المسيح مع تلاميذه أسرعوا إليه، إذ هم على يقين بأنه يعلم احتياجاتهم الحقيقية التي تمَس حياتهم؛ فنجد:
• اهتمام السيد المسيح بحياة الإنسان الروحية فيقول “الكتاب”: “فالجموع إذ علِموا تبِعوه فقبِلهم وكلمهم عن ملكوت الله”؛ فالهدف الأول للسيد المسيح هو الاهتمام بالحياة الروحية للإنسان كي تقترب إلى الله، وهذا بدوره ينقُلها إلى مستوى الحياة الفُضلى التي جاء السيد المسيح من أجل أن يهبها للإنسان: “أما أنا فقد أتيتُ ليكون لهم حياة وليكون لهم أفضل”؛ وقد عبّر عن ذلك القديس “أغسطينوس” فقال: “فليشكرك قلبي ولساني، ولتقُل كل عظامي: من مثلك يا رب؟! لتقُل هي: فأجبني وقُل لنفسي: خلاصكِ أنا هو.”.
• اهتمام السيد المسيح لا بالجانب الروحيّ من حياة الإنسان فقط بل يتسع ليصل إلى نفسه وجسده: فبعد أن قدَّم التعاليم الروحية وهب الشفاء لكل نفس تطلبه: “والمحتاجون إلى الشفاء شفاهم”. إن الله يهتم بالإنسان خليقته في كل احتياجاته فهو يدركها ويعرفها ويقدمها له معتنيًا به.
• أيضًا اهتمام السيد المسيح بالطعام: فعندما تقدَّم التلاميذ إليه طالبين منه أن يَصرِف الجمع ليذهبوا إلى القرى لشراء الطعام إذ بدأ الليل من الاقتراب، قدَّم لهم السيد المسيح أعظم الدُّروس في الاتكال على الله في جميع أمور الحياة إذ أشبع الجموع – وكانوا خمسة آلاف رجل ما عدا النساء والأطفال – عندما بارك الأرغفة الخمسة والسمكتين؛ فعند الله لا مستحيل، ولا شيء غير ممكن لديه!
الأسقف العام رئيس المركز الثقافيّ القبطيّ الأُرثوذكسيّ