إنجيل هٰذا الأحد من (لو ٢٠: ٩-١٩)، وفيه يقدم السيد المسيح “مَثل الكرم والكرامين”. وكثيرًا ما كان يستخدم السيد المسيح الأمثال في حديثه إلى الشعب إذ: “بأمثال كثيرة مثل هٰذه كان يكلمهم حسبما كانوا يستطيعون أن يسمعوا …”. (مر ٤: ٣٣). وفي هٰذا المثل “الكرم والكرامين”، نجده يعبّر ببساطة عن قصة إنسان يملِك كرمًا وتركه لكرامين يرعَوه، وغادر بعيدًا إلى زمان طويل. ثم أرسل عبيدًا له واحدًا تِلو الآخر للحصول على ثمار كرمه؛ فلم يقبلوهم الكرامون، بل أهانوهم وجلدوهم وجرَّحوهم جميعهم! فأرسل صاحب الكرم ابنه الحبيب لعلهم يهابونه، لكنهم تآمروا عليه وقرروا قتله ليكون الميراث لهم وحدهم!! وإذ أقدم عليهم أخرجوه خارج الكرم وقتلوه بالفعل!!! فيتساءل السيد المسيح: “فماذا يفعل بهم صاحب الكرم؟ يأتي ويُهلك هؤلاء الكرامين ويُعطي الكرم لآخرين”.
وبالرغم من أن هٰذا المثل كان السيد يقصد به أولاً رؤساء الكهنة والكتبة الذين يَحملون آنذاك مسؤولية تعليم الشعب وقيادته في الطريق الروحيّ الصحيح إلى الله، ولم يكونوا أمناء، وهم قد فهِموا تلك الرسالة الموجهة إليهم من السيد المسيح ولذا أرادوا الإسراع بإلقاء القبض عليه: “فطلب رؤساء الكهنة والكتبة أن يُلقوا الأيادي عليه في تلك الساعة، ولكنهم خافوا الشعب، لأنهم عرَفوا أنه قال هٰذا المثل عليهم.”، فإن المثل أيضًا رسالة موجهة إلى كل إنسان أُعطي من الله مواهب وعطايا وهو لا يستخدمها بأسلوب صحيح.
لقد ائتمن الله كل إنسان في الحياة على نفسه، وكيف أن يقودها إلى الله، في حياة روحية عميقة صحيحة، لا وَفق رغباته الخاصة وتفسيراته الشخصية نحو الله. أيضًا هناك من اتسعت الهبة التي أُعطوا إياها من الله فائتُمنوا على آخرين كأُسرهم، أو أقربائهم، أو شعبٍ ما يرعَوه. ومع كل أمانة، يقدم الله نِعمًا مخصوصة إلى هٰذا الإنسان كي يستخدمها على نحو سليم في خدمة من حوله فيجذبهم إلى محبة الله. وويل لكل من أهمل أمانته واستخدم ما لديه من أجل ذاته! إذ لن يجد سوى حكم السيد المسيح: “يأتي ويُهلك هؤلاء الكرامين ويعطي الكرم لآخرين”. كُن أمينًا في كل أمور حياتك كي ما تردد مع “إِشَعْياء النبيّ”: “هٰأنذا والأولاد الذين أعطانيهم الرب …” (إش ٨: ١٨).
الأسقف العام رئيس المركز الثقافيّ القبطيّ الأُرثوذكسيّ