No Result
View All Result
تحدَّثت في مقالة سابقة عن وضع “المُظَفَّر قطز” خطة لملاقاة المغول في فلسطين، ومعاهدة عكا بين “قطز” و”الفرنج”؛ وفي سهل “عين جالوت” تقاتلت الجيوش قتالاً عظيمًا حتى انتصر “الملك المُظَفَّر قطز” وانكسر المغول. توجَّه “المُظَفَّر قطز” إلى الشام ثم عاد إلى مصر، وفي أثناء العودة تم اغتياله وكان ذلك في عام 658هـ (1260م). وقد اتفق المؤرخون على أمر قتل “قطز” أثناء عودته في الصالحية، بينما اختلفوا في أمر من قام بقتله. ومَلَك من بعده الملك “الظاهر بيبرس”.
أمَّا عن أحوال الكنيسة في تلك الفترة، فقد كان الحديث قد انتهى بنا عن البابا كيرلس الثالث” (ابن لُقلُق)، الخامس والسبعين في بطاركة الإسكندرية، الذي جلس على الكرسي المرقسي (١٢٣٤/١٢٣٥-١٢٤٢/١٢٤٣م)، وقد ذُكِر عنه أنه أعاد “السيمونية” ممَّا نفَّر الشعب منه فابتعدوا عنه، كما وضع رسومًا سنوية على عدد من الأديرة والبلدان التي وضعها تحت رئاسته مباشرة. وأيضًا في عهده تمزَّقت العلاقة بين الأقباط والسريان، ممَّا أدى إلى تزايد حدة الأمور بينه وبين الأقباط وكبار الأمة القبطية!
أمَّا رجال الدولة ومسؤولوها، فقد استمالهم إليه بالهبات والمال، ولم يكونوا على دراية بما يقوم به من مخالفات دينية، ولكن كَثُرت الشكاوى في البطريرك، ممَّا أثر في مكانة البطريرك لدى الحكام ورجال الدولة. واستمرت تصرفات البطريرك حتى ضاقت به الرعية ذَرْعًا، إلى أن تحننت السماء ومات سنة 1242/1243م؛ وظل الكرسي المرقسي خاليًا بدون أب بطريرك مدة سبع سنين وستة أشهر وعشرين يومًا حتى خلفه “البابا أثناسيوس الثالث” على كرسي الإسكندرية.
البابا أثناسيوس الثالث (1250م- 1261م)
السادس والسبعون في بطاركة الإسكندرية؛ فبعد وفاة “البابا كيرلس الثالث”؛ قام الآباء الأساقفة بتدبير أمور الكنيسة، فيذكر القس منسى يوحنا: “كان الأساقفة يدبِّرون شؤون الكنيسة في كل إيبارشية، والناس في سكون غير مهتمين بانتخاب غيره؛ بسبب الأتعاب التي لاقوها من كيرلس قبل توليه وفي مدة رئاسته”. وأخيرًا عقدوا مجمعًا لرسامة الشماس “ابن القس” المعروف باسم “أبي المكارم بن كليل” وتمت رسامته عام 1251م في عهد سلطنة السلطان “أيبك”.
وما أن جلس البابا “أثناسيوس الثالث” على الكرسي المرقسي، حتى بدأ في إصلاح ما أفسده سلفه “البابا كيرلس الثالث” (ابن لُقلُق)؛ فقام بإلغاء السيمونية وشدَّد على الكهنة الذين نالوا رسامتهم بالسيمونية (أي بدفع مبالغ مالية لينالوا رتبة الكهنوت). وظل يبني ما تمَّ هدمه حتى تنيح عام 1262م، بعد أن جلس بطريركًا مدة 11 سنة وشهر واحد. وقام البابا “أثناسيوس الثالث” بطبخ الميرون عام 1257م وحضر معه 12 من الآباء الأساقفة.
ومن الأمور التي حدثت في عهده ما ذكره المقريزي: “وفي أيامه أخذ الوزير الأسعد شرف الدين هبة الله بن صاعد الفائزي الجوالي من النصارى مضاعفة، وفي أيامه ثارت عوام دمشق وخربت كنيسة مريم بدمشق بعد إحراقها ونَهْب ما فيها، وقَتْل جماعة من النصارى بدمشق ونَهْب دورهم وخرابها في سنة ثمان وخمسين وستمائة، بعد موقعة عين جالوت وهزيمة المغول. فلمَّا دخل السلطان الملك المظفر قظز إلى دمشق، قرر على النصارى بها مائة ألف وخمسين ألف درهم جمعوها من بينهم، وحملوها إليه بسفارة الأمير فارس الدين أقطاي المُستَعرب أتابك العسكر”. وقد ذكر أن “البابا أثناسيوس الثالث” عاصر حكم كل من: شجرة الدر – المعز عز الدين أيبك – الملك المنصور – الملك المُظَفَّر – الملك الظاهر بيبرس. وقد خلفه على الكرسي السكندري “البابا يوحنا السابع”، و”البابا غبريال الثالث”.
وما زال الحديث في “مصر الحلوة”.. لا ينتهي!
الأسقف العام رئيس المركز الثقافي القبطي الأُرثوذكسي

No Result
View All Result