كتاب “الحكمة” هو تجميع لسلسلة مقالات نُشرت بجريدة “أخبار اليوم” في المدة من أبريل وحتى أغسطس تحت عنوان “مبادئ”. وحين طلبت جريدة “أخبار اليوم” كتابة مقالة أسبوعية تُنشر بالجريدة، فكرت كثيرًا فيما يمكن أن يقدَّم في مقالة يقرأها المِصريون جميعًا على اختلاف انتماءاتهم وأفكارهم؛ ما هي القواعد المشتركة التي يمكن أن نتفق عليها جميعًا ونبني بها أنفسنا ومجتمعنا. فوجدت كلمة “مبادئ” تتردد في ذهني؛ إذ هناك ثلاثة أشياء ثابتة في الحياة: التغير، والاختيار، والمبادئ.
والمبادئ هي ما يرسَخ في فكر الإنسان، ومن ثَم حياته، فهي التي ترسِم له طريقه وخُطواته؛ وهي ما يبني الإنسان عليه خياراته. ومتى استطعنا أن نضع المبادئ الصحيحة لحياتنا كانت رحلتنا في درب الحياة سهلة وبسيطة وفي الوقت نفسه عميقة؛ فحياة الإنسان تُحسب قيمتها وأهميتها بعمقها، وليس بطول أيامها.
وفي ظل ما نحياه من ظروف تجتاح العالم كله من صراعات وتوترات وقلق ـ حتى بات الإنسان وكأنه يسير على ارتفاع شاهق ويحتاج إلى حفظ توازنه لَئلا يسقط ـ ترددت في أعماقي صدى الكلمات: “كونوا حكماء كالحيات”. فكانت الحكمة هي خير ما أبدأ به؛ حيث نجتمع إليها ونستقي من ينابيعها ما يسهِّل لنا سبلنا في هٰذا العالم.
إننا حين نتحدث عن الحكمة فإننا نَسبح في السماويات حيث اللَّه كلِّيّ الحكمة ومصدر ها فنغتذي ونرتوي بما نحتاج إليه في رحلة أيامنا، متذكرين ما قيل: “أرسِل شعاع حكمتك لتبدد ظلمتنا فتُشرق صورتك فينا”.
الرب يجعل هٰذا الكتاب سبب بركة لكل من يقرأه.
السادس من نوفمبر 2013م
السابع والعشرين من بابه 1729ش
الثالث من محرم 1435 هــ
الأنبــا إرميــا الأسقف العام، رئيس المركز الثقافيّ القبطيّ الأرثوذكسيّ
مساعد الأمين العام لبيت العائلة المصرية