فصل الإنجيل لهذا الأحد من (مر 10: 17-31)، يحادثنا عن لقاء السيد المسيح والشاب الغنيّ؛ وفيه نجد:
• سؤال الشاب الغني للسيد المسيح عن الحياة الأبدية وكيفية أن يمكنه الوصول إليها: “أيها المعلم الصالح، ماذا أعمَل لأرث الحياة الأبدية؟”. الحياة الأبدية هي الهدف الذي ينشغل به الإنسان المَسيحيّ على الأرض، وهي كانت وصية السيد المسيح من خلال تعاليمه: “اُطلبوا أولًا ملكوت الله وبِره، وهذه كلها تُزاد لكم.” (مت 6: 33). ولكن: كيف الوصول إلى هذا الهدف؟
• الوصول للحياة الأبدية: يكون في البداية من خلال الله وبعَلاقة حقيقية به؛ وقد أوضح السيد المسيح ذلك للشاب فقال له: “أنت تعرِف الوصايا: لا تزْنِ، لا تقتُل، لا تسرِق، لا تشهد بالزور، لا تسلُب، أكرم أباك وأمك.”؛ والوصية يجب أن تكون معاشة أي يسلك بها الإنسان في حياته، فإنه يوجد من يحفظ كلمات الوصايا ويرددها، ولكن لا تجد لها أثرًا حقيقيًّا في حياته؛ إنه لم يبدأ بعد الطريق.
• الخطوة التالية التي يشير لها السيد المسيح في حديثه: وهي محبة الله من كل القلب والفكر، حتى إنه يترك كل شيء ويتبعه في الطريق: “يُعْوِزك شيء واحد: اذهب بِع كل ما لك وأعطِ الفقراء، فيكون لك كَنز في السماء، وتعالَ اتبعني حاملًا الصليب.”. لا يقدِر أيّ إنسان أن يترك كل شيء من أجل الله ما لم يكُن يحبه حبًّا يفوق أيّ شيء! فهذه هي المحبة التي ترتفع به بعيدًا عن مُغرِيات العالم وكُنوزه إذ يكون الله هو الكل في الكل؛ يقول “القديس أُغسطينوس”: “اِعرِفي يا نفسي هذه الحقيقة، واغرَقي في لُجَّة صلاحه! وادخلي إلى خيره الحقيقيّ غير المتغير، ولتصِر أحشائي جمرًا متقدًا يرتفع لهيبه إلى حيث صلاح الله”!!
• المشكلة الحقيقية في حياة الإنسان التي تكمن في الاتكال على قوة أخرى غير الله؛ فالشاب الغنيّ مضى حزينًا لأنه كان يتكل على أمواله التي تُشعره بالأمان في الحياة: “يا بَنيَّ، ما أعسر دُخول المتكلين على الأموال إلى ملكوت الله!” ولكن، لا أمان حقيقيًّا في هذا العالم إلا في الله. إن كانت في حياتك أمور تشغلك عن الله، أو اتكال على آخَر سواه، فالجأ إليه واطلب معونته، لأن ما: “عند الناس غير مستطاع، ولكن ليس عند الله، لان كل شيء مستطاع عند الله.”.