فصل الإنجيل لهٰذا الأحد من (لو ٧: ١١-١٧)، محدِّثًا إيانا عن إقامة السيد المسيح لـ”ابن أرملة نايِين”؛ فبينما كان السيد المسيح متوجهًا إلى مدينة تسمى “نايين” ومعه كثير من تلاميذه وعدد كبير من الشعب، التقى ميْتًا محمولاً عند باب المدينة كان ابنًا وحيدًا لأمه المترملة. ولنا أن نتخيل مدى المأسآة والألم الذي كانت تعانيه تلك الأرملة التي فقدت زوجها والآن تفقد ابنها وحيدها!! ومن دون شك، فإنها كانت تبكي وتصرخ مارة بها حالة شديدة من الآلام والمعاناة والاضطراب الذهنيّ فيما سوف تحمله الأيام لها بعد أن تُركت وحيدة. لقد كانت تشعر بالمرارة والانكسار والذل، مثل “نُعمِي” التي ذُكرت في “سفر راعوث”، حيث فقدت زوجها وابنيها في أرض الغربة لتعود محمَّلة بمشاعر آلام تحدث “الكتاب المقدس” عنها: “وكان عند دُخولهما بيت لحم أن المدينة كلها تحركت بسببهما، وقالوا: «أهٰذه نُعمِي؟». فقالت لهم: «لا تدعوني نُعمِي بل اُدعوني مُرة، لأن القدير قد أمرَّني جدًّا. إني ذهبتُ ممتلئةً وأرجَعني الرب فارغةً. لماذا تدعونني نُعمِي، والرب قد أذلني والقدير قد كسَّرني؟».”.
إلا أن الله المتحنن محب البشر يعرِف قدر احتمال كل إنسان واحتياجه؛ فكما يذكر “القديس يوحنا الذهبيّ الفم”: [إذ هو مملوء حبًّا للإنسان، ومهتم بخلاصنا … لا يتوقف من جانبه عن أن يعمل، حتى إن لم يهتم أحد بذٰلك!]. ويتقدم السيد المسيح: “فلما رآها الرب تحنن عليها، وقال لها: «لا تبكي».”. ولم يواسِها بكلمات فقط، بل: “تقدم ولمس النعش، فوقف الحاملون. فقال: «أيها الشاب، لك أقول: قُم!». فجلس الميْت وابتدأ يتكلم، فدفعه إلى أمه.”. إن الله يتحنن على كل إنسان، فالجميع صنعة يديه وموضوع محبته؛ ولٰكن ربما تمر بك الآلام والضيقات وتشعر أنك قد تُركت من الله، كما شعرت “نُعمي”، ومع هٰذا ينبغي أن يكون لك الإيمان والثقة أنه يراك، ويعرِف أوجاعك وآلامك وضيقات قلبك ويتحنن عليك. وحتمًا سيتقدم إليك بعمل عظيم يخفف تلك الأوجاع، فهو يعرف بحكمته اللانهائية التي لا تُحد ما تحتاجه بالحقيقة. فعلينا جميعًا أن نثق به وبمحبته لنا أكثر جدًّا من محبتنا لأنفسنا، وبعمله الدائم من أجل خلاصنا. من الممكن أن لا تُدرِك حكمته الآن، ولٰكنك “ستفهم فيما بعد”. وضَعْ دائمًا نُصب عينيك كلمات “القديس أُمبروسيوس”: “أليس، بالحريّ، يليق بنا أن نلجأ إلى الإيمان الذي يخفف عنا أحمالنا الثقيلة؟”.