إنجيل هٰذا الأحد من (يوحنا ٤: ١-٤٢)، وهو “أحد السامرية” حيث السيد المسيح يلتقي فيه المرأةَ السامرية فيقودها شيئًا فشيئًا إلى التوبة؛ لتصبح أول مبشرة بالسيد المسيح في العالم. وفي قصة السامرية نلاحظ:
• محبة الله التي تسعى لاجتذاب النفس الإنسانية المعتادة على الخطيئة حتى أصبحت جزءًا منها، ولا تفكر في العودة إلى حِضن “الآب”. إننا في الأحد الماضي، قد رأينا الابن الضال وهو يفكر ويقرر العودة إلى حياته الأولى، ليجد الآب في انتظاره. إلا أننا نجد اليوم نموذجًا مختلفًا، إذ نلتقي نفسًا لا تعرِف الله، وقد عاشت حياتها بعيدًا عنه، فتتقدم محبة الله لتجتذب تلك النفس من ظلمتها؛ يقول الكتاب: “وكان لا بد له أن يجتاز السامرة”، نعم كان لا بد للسيد المسيح ـ إذ توجد نفس تحتاج إليه ومفتقرة إلى التوبة ـ أن يسعى هو لها من أجل خلاصها.
• أن الله “يريد أن الجميع يَخلُصون، وإلى معرفة الحق يقبلون.” (١تي ٢:٣-٤)، فيحب كل نفس بشرية ويُسَرّ بتوبتها وعودتها، مهما ازدات خطيئتها جدًّا! إذ رحمته أوسع ومحبته أكبر، يقول المرنم داود: “لأن رحمتك قد عظُمت فوق السماوات، وإلى الغَمام حقك.” (مز ١٠٨: ٤). وهٰكذا، ينادي الله كل نفس: “هلم نتحاجَجْ يقول الرب. إن كانت خطاياكم كالقِرمز تبْيَضّ كالثلج. إن كانت حمراء كالدُّودِيّ تَصير كالصوف”. (إش ١: ١٨).
• أن مرة ثانية، نجد محبة الله تحترم حرية الإنسان: فكما احترمت محبة الأب ابنه ورغبته في تركه، وظل منتظرًا عودته برغبته، هٰكذا لم تجبر محبة الله المرأة السامرية الخاطئة على التوبة؛ فنجد أن السيد المسيح يقتادها إلى التوبة في حواره معها، لتترك في نهايته جَرَّتها وتُسارع بأن تبشر أهل السامرة أنها قد وجدت “المَسِيا” المخلِّص!
• الله يرى كل نفس ويُدرِك أعماقها؛ وفيما هو يفعل ذٰلك، هو أيضًا يرى ما فيها من إيجابيات ويمتدحها لكي ما يقتادها إلى التوبة الحقيقية الصادقة؛ ففي حوار السيد المسيح مع السامرية، امتدح صدقها: “هٰذا قلتِ بالصدق”، وهٰكذا اقتادها إلى التوبة.
لا تقلق، فمحبة الله للبشر عظيمة، وهو يبحث عن تلك النقاط المضيئة في حياتك ليقتادك في طريق الأبدية؛ فإن قصبة مرضوضة لا يَقصِف وفتيلة خامدة لا يُطفئ.