No Result
View All Result
تحدَّثت في المقالة السابقة عن بدء حكم “الظاهر بيبرس” (658هـ -676هـ/1260م -1277م)، وقد كان مملوكًا لـ”البندقداري” إلى أن أخذه “الملك الصالح نجم الدين أيوب”، ومع قتل الأمير “فارس الدين أقطاي”، خرج “بيبرس” إلى بلاد الشام لدى “الملك الناصر صلاح الدين يوسف”، ثم انتقل إلى الكرك لدى الملك “المغيث” ثم عاد إلى بلاد الشام مرة ثانية حتى عام 658هـ (1260م) عندما أرسل رسالة إلى السلطان “قطز” وعاد إلى مصر. قاد “بيبرس” مقدمة الجيش المصري في الحرب معالتتار، وبعد الانتصار على التتار، تآمر “بيبرس” مع عدد من الأمراء لقتل “قطز”، وتم لهم الأمر.
صار “بيبرس” سلطان مصر وأرسل إلى ملوك البلاد الأخرى بأمر سلطانه، ودخل إلى القاهرة فيذكر المقريزي عن ذلك: “وَكَانَت الْقَاهِرَة قد زينت لقدوم الْملك المظفر قطز وَالنَّاس فِي فَرح ومسرات بقتل التتر. فَلَمَّا طلع النَّهَار نَادَى الْمُنَادِي فِي النَّاس: ترحموا على الْملك المظفر وَادعوا لسلطانكم الْملك القاهر ركن الدّين بيبرس. ثمَّ فِي آخر النَّهَار أَمر بِالدُّعَاءِ للْملك الظَّاهِر. فغم النَّاس ذَلِك وخافوا من عودة دولة الممالك البحرية وَسُوء مملكتهم وجورهم.”. وقد لقب “بيبرس” نفسه بلقب “الملك القاهر” ثم غيره إلى “الملك الظاهر” بعد أن أشار عليه الوزير “زين الدين يعقوب بن الزبير” بأن يبدل اللقب، لأن كل من تسمى به لم يحالفه النجاح في السلطنة.
وقد أشار عدد من المؤرخون أنه بعد أن تولى “بيبرس” الحكم بدأ في التقرب من الأمراء بتوزيع المناصب على من يثق به منهم؛ كما عفا عن عدد من المسجونين، فيذكر ابن التغري: “ثم أفرج عمن بالحبوس من أصحاب الجرائم … وتقدم بالإفراج عن الأجناد المحبوسين الإنعام عليهم … ثم إنه أخرج الملك المنصور نور الدين عليًا ابن الملك المعز أيبك التركماني وأمه وأخاه ناصر الدين قافان من مصر إلى بلاد الأشكري (البيزنطيين)، وكانوا معتقلين بقلعة الجبل.”. وأيضًا حاول التقرب من الشعب فقام بإلغاء الضرائب التي أقرها “المظفر قطز”، فيذكر المقريزي: “وَكَانَ قطز قد أحدث فِي هَذِه السّنة حوادث كَثِيرَة عِنْد حركته لقِتَال التتر: مِنْهَا تصقيع الْأَمْلَاك وتقويمها وَأخذ زَكَاتهَا من أَرْبَابهَا وَأخذ من كل وَاحِد من النَّاس من جَمِيع أهل إقليم مصر دِينَارا وَأخذ من التّرْك الْأَهْلِيَّة ثلثهَا. فَأبْطل الْملك الظَّاهِر جَمِيع مَا أحدثه قطز وَكتب بِهِ توقيعاً …”.
واجه “بيبرس” عدد من الحركات الرافضة لحكمه لكنه أخمدها، ومنها: حركة “علم الدين سنجر” نائب السلطان بدمشق الذي رفض تولي “الظاهر بيبرس” السلطة دون استشارة الأمراء؛ وأعلن نفسه حاكمًا على دمشق، كما رفض كتابات ورسل “بيبرس” إليه للعدول عن موقفه. فما كان من “بيبرس” إلا أن قام بإرسال حملة عسكرية لإخضاع “علم الدين” وإخماد فتنته، وقد نجحت الحملة العسكرية في مهمتها وألقي القبض على “علم الدين سنجر” حيث أقتيد إلى القاهرة واعتقل في قلعة الجبل ثم عفا عنه “بيبرس” فيما بعد.
أيضًا واجه “بيبرس” حركة داخلية بزعامة رجل شيعي يدعى “الكوراني” حيث قام أتباعه بحركة انتفاضية عام 658هـ (1260م)، فقام “بيبرس” بقمع الانتفاضة وقبض على زعماء الحركة وعلق جميعهم على باب زويلة. وأيضًا قضى “الظاهر بيبرس” على حركة “حصن الدين بن ثعلب” المعادية لحكم المماليك.
وفي تلك الأثناء، تمكن التتار من دخول حلب وقتلوا بعض من فيها بينما فر آخرين من المدينة. ثم تقدم التتار إلى حماة فلم يتمكنوا منها، فتوجهوا إلى حمص حيث تقاتل التتار مع جيوش كل من: حاكم حماة، وحاكم حمص مع عساكر حلب، انتهت بهزيمة كبيرة للتتار الذين عادوا إلى حلب وأساءوا إلى أهلها. فقام “الظاهر بيبرس” بتجهيز الجيش لمواجهة التتار وتمكن من استعادة حلب منهم.
وما زال الحديث في “مصر الحلوة”.. لا ينتهي!
الأسقف العام رئيس المركز الثقافي القبطي الأرثوذكسي

No Result
View All Result