No Result
View All Result
أهنئ المِصريِّين جميعًا بذكرى انتصارات أكتوبر المجيدة، متمنيًا لـ”مِصر” ولشعبها العظيم كل السلام والخير والرخاء، كما أهنئ رجال القوات المسلحة بهٰذه المناسبة العطرة التي تعيد لأذهاننا وتجدد ذكرى بطولات جيشنا الباسل التي شهِد لها العالم بأسره. لقد كان انتصار أكتوبر المجيد تحديًا للعراقيل كافةً التي وُضعت أمام المِصريِّين. ولٰكن لم يُدرك العدُو ولا العالم أنه كلما ازدادت التحديات أمام المِصريّ قوِيت عزيمته وشُحذت إرادته من أجل عبور المستحيل وتخطي الأزمات وتحقيق الانتصارات والإنجازات. ففي أعقاب هجمة 1967م، وفقْد الأرض والسلاح والعتاد، بُني ساتر ترابيّ تردد عنه أنه حصين منيع، و”الخط الذي لا يقهر”، والذي يُعد الأقوى من “خط ماجينو” الذي بنَوه الفرنسيُّون بعد الحرب العالمية الأولى،ولا تعني محاولة عبوره سوى الموت، إلى جانب أن قاعدته تحتوي على أنابيب تصب في “قناة السويس” لتُشعل سطحها بوقود النابالم عند محاولة عبورها؛ وهٰكذا بات العبور ضربًا من التحدي للحياة. أيضًا كان احتياج شديد إلى بناء الجيش من معَدات وتدريبات لخوض معركة تصنع التاريخ؛فقد أشارت الهزيمة إلى وجود نقاط ضعف وثُغرات يُعوزها بناء داخليّ وتغيير.
كانت البداية مع المِصريِّين الأبطال الحقيقيِّين صانعي النصر، في مرحلة البناء التي سارت جنبًا إلى جنب مع الجنود الأبطال الذين لم يتوقفوا عن تنمية ما لديهم من إمكانات ومهارات وتسخيرها في جعل العدُو يكابد خَسارة تلو الخَسارة في أثناء “حرب الاستنزاف” على مدار ثلاث سنوات ونصف السنة تقريبًا، متضمنة ثلاث مراحل: الصمود، والتصدي والدفاع، ثم الردع والحسم. وهٰكذا كانت القوات المسلحة المِصرية تُبنى من الداخل، وتحقق لها استكمال بناء منظومتي “الدفاع الجويّ” و”القوات الجوية”، وإعادة التنظيم والتدريب لأفرادها، وفي الوقت نفسه تُشحِذ الهمم وتستخدم المهارات الفكرية والتخطيطية والقتالية في عمليات عسكرية ناجحة حمَّلت العدُو خسائر جسيمة، وأعادت الثقة لأبناء “مِصر”.
بطولات مصرية
بزغت البطولات المِصرية عقب ما تعرضت له “مِصر” من محنة عام 1967م، وقدمت “مِصر” كل يوم أبطالاً لا يعرفون سوى حب الوطن الذي يفوق كل محبة أخرى في حياتهم؛ وظلت تلك المسيرة حتى تحقق النصر في السادس من أكتوبر عام 1973م. وقد تضمنت “حرب الاستنزاف” كثيرًا من الهجمات التي وُجهت إلى قوات الاحتلال في “سيناء” ومناطق غيرها، والتي تضمنت عمليات كثيرة منها: عملية تفجير حفار إسرائيليّ في المحيط الأطلنطيّ، وعملية “تدمير إيلات” التي فيها لُغم الميناء وقُتل عسكريون وأُغرقت بارجة إسرائيلية بأيدي رجال الضفادع البشرية المِصريِّين.
العميد “إبراهيم الرافعي”
هو قائد “المجموعة 39 ـ قتال” التي أُوكلت إليها مهام خطيرة في “حرب الاستنزاف” نُفّذت بنجاح. لُقب بـ«أسطورة الصاعقة المِصرية» إذ قام بتنفيذ أكثر من 70 عملية انتحارية خلف خطوط العدُو 1967-1973م!! منها: تدمير معبر الجيش الإسرائيليّ على “قناة الدفرسوار”.
عُرف عن العميد “إبراهيم الرافعي” منذ التحاقه بـ”الكلية الحربية”، ثم بـ”سلاح المشاة” بعد تخرجه، بالشجاعة والجُرأة المنقطعة النظير. وقد شهِدت “مِصر” بطولاته عندما وقع العُدوان الثلاثيّ عام 1956م عندما شارك في الدفاع عن مدينة “بورسعيد”، وفي بناء أول قوة للصاعقة المِصرية. كذٰلك أظهر بطولات متنوعة يصعب حصرها إبان مشاركته في “حرب اليمن”. ثم وقع عليه الاختيار لقيادة مجموعة من الفدائيِّين للقيام ببعض العمليات الخاصة في “سيناء”، أُطلق عليها فيما بعد اسم “المجموعة 39 ـ قتال”، قامت بقيادته بعدد من المهام الصعبة مثل: نسف قطار للعدُو عند “الشيخ زويد”، ونسف «مخازن الذخيرة» التي تركتها قواتنا بعد تراجعها من عُدوان 1967م، بالإضافة إلى أسر أول ضابط إسرائيليّ والعودة به إلى “القاهرة” دون إصابات.
برعت “المجموعة 39 ـ قتال” في تنفيذ عمليات عديدة حتى إنها أصابت العدُو بالذعر، وأطلقت الصحف الإسرائيلية عليها اسم “الشياطين المِصريِّين”! وفي عام 1968م، أُوكلت إلى المجموعة مُهمة إحضار “صواريخ أرض أرض” كان العدُو قد نشرها لمقاومة بناء القوات المسلحة المِصرية ولمعرفة مدى تأثيرها في الأفراد والمعَدات حال استخدامها على الجيش المِصريّ. وإذا البطل المِصريّ ورجال مجموعته الجُسْر يعبرون “قناة السويس”، ثم يعودون حاملين ثلاثة صواريخ!! أثارت تلك المُهمة صدًى كبيرًا في كل من “مِصر” و”إسرائيل” حتى تسببت في عزل القائد الإسرائيليّ الذي كان مسؤولاً عن قواعد الصواريخ!! كذٰلك قامت “المجموعة 39 ـ قتال” بقيادة العميد “الرافعي” بالثأر لمقتل الفريق الشهيد “عبد المنعم رياض”: فقد عبروا القناة، واحتلوا موقع “المُعدية 6” التي أُطلقت القذائف منها؛ فقتلوا جُنود العدُو، ورفعوا العلم المِصريّ على حُطام المُعدية بعد أن دمروها كاملاً، وظل مرفوعًا قرابة ثلاثة أشهر.
ومع بَدء معارك أكتوبر، نجحت كتيبة الصاعقة بقيادة “الرافعي” في تدمير آبار البترول في “مَِنطَِقة بلاعيم” شرق القناة لحرمان العدُو من استفادتها، كما نجحت في الإغارة على “مطار الطور” وتدمير بعض طائرات العدُو الرابضة به. وفي 18/10، عبر رجال “الرافعي” القناة حتى وصلوا إلى “مِنطَقة الدفرسوار” من أجل تدمير المعبر الذي أقامه العدُو للوصول للغرب، وتمكنوا بالفعل من تفجيره وإيقاف الزحف الإسرائيليّ إلى المنطقة. وفي أثناء خوض اقتتالات مع العدُو، أصيب البطل “إبراهيم الرافعي” جراء دانة صوبت من أحد المدافع الإسرائيلية قربه، ثم نُقل إلى “مستشفى الجلاء”، لٰكنه فارق الحياة مقدِّمًا حياته ودماءه فداء “مِصر”.
“أحمد نصر عبد الحليم”
هو أحد أبطال الصاعقة البحْرية في حربي “الاستنزاف” و”أكتوبر”. استطاع عبور “قناة السويس” 49 مرة بين عامي 1969-1970م!! كما تمكن من أسر ضابط إسرائيليّ. ومن بطولاته في إحدى المهام أنه ظل قُرابة 48 ساعة في مياه “قناة السويس” ليتمكن من إنقاذ أحد أبطال إحدى عمليات النسف والتي وجهت نحو إحدى الدوريات الإسرائيلية، وتمكن من العودة بالبطل مع سلاحه “RPG“ إلى الضَّفة الأخرى من القناة. كذٰلك اشترك فى تطهير “قناة السويس”.
ولم تتوقف بطولات النصر عند أبطال الجيش العظيم لٰكنها سرت إلى كل مِصريّ؛ وعلى سبيل المثال:
الفدائية “سالمة شميط”
لم يكُن يبدو على مظهرها سوى أنها امرأة بدوية بسيطة ترعى الأغنام. إلا أنها في واقع الأمر السيدة “سالمة شميط” إحدى الشخصيات المِصرية الصُلبة التي قامت بأعمال فدائية بشجاعة نادرة وسرية تامة. كانت أعين العدُو تراها راعية أغنام بصحراء “سيناء”، لٰكنها كانت تحمل ألغامًا يسلمها لها زوجها وأبناؤها على ظهرها، وتنقُلها إلى أقرب موقع للهدف وتضع عليه علامة، وتَطمُرها في الأرض ليلاً في طريق المدرعات الإسرائيلية. احتملت استشهاد زوجها في إحدى العمليات، ثم استشهاد ابنها في عملية تالية، وأسْر الابن الثاني في ثالثة. وفي كل ذٰلك لم تفقد أبدًا صلابتها، بل حين قامت المخابرات الإسرائيلية باستدعائها للتأثير في ابنها الأسير للاعتراف بتنظيمه المسلح، فإذا هي تقوي ابنها على التماسك والصلابة حتى تتحرر الأرض!!
إن أكتوبر العظيم هو حلقات مترابطة من العمل والتدرب والبطولات حتى اكتمل النصر في مسيرة أبطال لم تنتهِ ولن تتوقف.
كل عام وجميع المِصريِّين بخير.
No Result
View All Result