أهنئكم جميعًا بالعام الجديد 2023م، و”عيد الميلاد” الذي يحتفل به مَسيحيو الشرق اليوم، مصلين إلى الله أن يهب للجميع كل خير وبركة، وأن يزيد بلادنا “مِصر” البركات ويحفظها من كل شر.
في “ليلة الميلاد” أنشدت الملائكة: “المجد لله في الأعالي، وعلى الأرض السلام، وبالناس المسرة.”، إعلانًا بقدوم رسالة الفرح السماوية إلى كل البشرية. فبالميلاد فرِح الإنسان باستعادته السلام مع الله، بعد أن فصلته خطيئته عن الله كلي القداسة فقيل: “آثامكم صارت فاصلة بينكم وبين إلهكم”، وهٰكذا لم يعُد سلام بين الله والإنسان حتى استحق عتابه: “ليتك أصغيت لوصاياي، فكان كنهر سلامُك وبرُّك كلُجج البحر.”. وبالميلاد بدأت رحلة استعادة ذلك السلام المفقود، فيقول القديس بولس الرسول: “فجاء وبشَّركم بسلام، أنتم البعيدين والقريبين.”.
وحين يستعيد الإنسان سلامه مع الله، يعود إليه سلامه مع نفسه، لأن السلام الحقيقيّ هو هبة من الله -تبارك اسمه – الذي قال عن ذاته: “أنا الرب وليس غيري … صانع السلام”، وشعر الإنسان بهذه الهبة العظيمة فأخذ يناجي الله: “يا رب تجعل لنا سلامًا لأنك كل أعمالنا صنعتها لنا.”. وقد تحدث “السيد المسيح” عن السلام الذي سيهبه لتلاميذه: “سلامًا أترك لكم. سلامي أعطيكم.”. وفي سلام الإنسان مع نفسه، صارت الإمكانية لصنع السلام مع الآخرين، بل أضحى السلام من الوصايا المهمة التي يجب أن يجتهد الإنسان في تنفيذها حتى قيل: “من أراد أن يحب الحياة ويرى أيامًا صالحة، فلْيَكْفُف لسانه عن الشر وشفتيه أن تتكلما بالمكر، ليُعْرِضْ عن الشر ويصنعِ الخير، ليطلبِ السلام ويَجِدَّ في أثره.”. وهٰكذا في “ليلة الميلاد” يعم البشر الفرح بالسلام. وهنا أتذكر قصة حقيقية كانت في ليلة الميلاد، إذ توقفت الحرب، وعم السلام بين الجنود من الجانبين، وذابت العداوة بينهما، واستعاد الكل السلام والأفراح بتذكار ميلاد «ملك السلام» كوعد الكتاب: “وبالناس المسرة”.
فلنطلب إلى الله أن يهب لنا سلامًا لا يتزعزع، وأن ينعم على العالم بالسلام في كل أرجائه، وأن يحفظ البشرية من الحروب والأوبئة والفناء.
كل عام وجميعكم بخير.
الأسقف العام رئيس المركز الثقافيّ القبطيّ الأرثوذكسيّ