تمضي الأيام، وتمر الأزمان، وتبقى “مِصر” كما هي شامخة بأبنائها المخْلصين المحبين لها ولكل شعبها. والحب أحد الصفات المهمة للحياة والبناء، ومع تلك المحبة تسري الحياة والفرح. وفي لقاء محبة بين رئيس “مِصر” السيد “عبد الفتاح السيسي” وبين المِصريِّين، جاءت تهنئة سيادته تأكيدًا جديدًا لتلك الأبوة الرائعة، ورسالة فرح تؤكد دائمـًا أن “رئيس مِصر” هو أب محب، ومسؤول عن جميع أبناء الشعب الواحد، يشاركهم أفراحهم وأعيادهم في محبة واقتدار. فبعد عام هو الثاني على التوالي، يحضَُر السيد الرئيس بشخصه لتهنئة الأقباط في قداس “عيد الميلاد المجيد” بالكاتدرائية في أثناء صلواتهم؛ ليقدِّم درسـًا جديدًا، وقُِدوة رائعة مستمرة، طالما قدَّمتها “مِصر” إلى العالم، ليخُطّ التاريخ ما فعله سيادته، ليكون مثالاً يُحتذى به في العالم بأسره، وومضة ضوء في حياة المِصريِّين.
لقد حث السيد الرئيس الجميع على تهنئة بعضهم البعض، وقدَّم تهنئة مكتوبة في بيان سابق لسيادته، ثم قدَّمه عمليـًّا في الليلة نفسها. وجاءت كلماته بسيطة ورقيقة وعملية عمقـًا وحكمةً وسلامـًا، في أثناء حُضوره لتهنئة الشعب بالكاتدرائية. اتسمت كلمات سيادته بالأبوة الكاملة لجميع المِصريِّين؛ فهو أب لهم ومسؤول عنهم، فنجد فيها:
المحبة
لقد أكد في كلماته وتعبيراته أهمية المحبة الحقيقية؛ فكما أن رسالة “السيد المسيح” للمحبة والسلام إلى العالم، هٰكذا ينبغي أن يكون ذٰلك نهجـًا للمِصريِّين في حياتهم، فقال سيادته: “… مش السنة اللي فاتت إحنا قلنا: عايزين نحب بعضنا بجد، ونحترم بعضنا بجد؟ فيا رب نعرف نحب بعضنا بجد! فكل سنة وأنتم طيبين”. أ. هـ. لقد أوضح “رئيس مِصر” أن الطريق الذي يبدأ بالمحبة ينتهي بأعظم الإنجازات، وأن رباط المحبة هو الرباط الذي يوحد الشعب ويقويه ويثبته معـًا في التصدي لأصعب الظروف التي يمكن أن تمر به في مناحي الحياة شتى.
التنوع
وكما أن في المحبة تكمن وَحدة الشعب وقوته اللتان لا تستطيع أيّة عواصف اقتلاعهما أو تحطيمهما، فإن ما يحطم أيّ أُمة هو انقسامها على ذاتها. فكانت وصية السيد الرئيس إلى الجميع: أن يحفظوا وَحدتهم، وأن يتفهموا فكرة التنوع التي تميز كل إنسان ليتكامل هو والآخر: “إحنا مع بعض. يا رب يديم الحب يعني! فأنا عايز أوصيكم، وأوصي نفسي، وأوصي كل اللي الموجودين معانا هنا: شوفوا: تاني، ما فيش حاجة تؤذينا، لا ظروفنا الاقتصادية، ولا حتى ظروفنا السياسية، ولا أيّ حاجة. أيّ حاجة ممكن نقدر عليها، إلا إن إحنا نختلف. وعايز أقول لكم: إن ربنا ـ سبحانه وتعالى ـ سُننه في الوجود التنوع والاختلاف، سُننه في الوجود التنوع والاختلاف، ما فيش حاجة واحدة غيره هو. لٰكن ربنا، سبحانه وتعالى ـ خلقنا مختلفين: أديان، أشكال، ألوان، لغات، عادات، تقاليد؛ كل حاجة ما حدش يقدر يخلي الناس ـ وأنا قلت الكلام دا قبل كدا ـ ما حدش لا قِدر قبل كدا ولا هيقدر بعد كدا ـ يخلي الناس حاجة واحدة، ما حدش هيقدر يعمل دا.”. أ. هـ. إن التنوع في حياتنا أحد الأمور المهمة التي يجب تفهمها واستيعابها، وإدراك ما تحمله من مزايا ودوافع لتحقيق النجاح والتقدم والرقيّ. إننا عندما نتكامل جميعـًا، نُصبح معـًا كلحن يملأ الكَون بسحر أنغامه المتنوعة المتغيرة، في تناسق مبدع راقٍ، يعبّر عن عقل وفكر واعٍ لحقيقة إنسانيتنا التي خلقنا بها الله ـ تبارك اسمه. وهٰكذا عندما يُدرك البشر قيمة تنوعهم لحياتهم ونموهم معـًا، يستطيعون أن يقبلوا محبة الآخرين المختلفين عنهم، فيتحقق قول السيد الرئيس: “مش أَقبله بس، أَقبله بحب! لأنه هو ربنا خلقنا كدا …”. أ. هـ.
المسؤولية
وبكل ما تحمل الأبوة من محبة ومسؤولية وتضحية، يقدِّم الرئيس “السيسي” تقديره لأبناء الشعب المِصريّ من الأقباط، على مواقفهم الوطنية في الفترات العصيبة التي مرت بـ”مِصر”، وأن يكون العام الجديد عام استعادة ما فُقد من أبنائه: “إن شاء الله السنة دي ونكون ـ لو لينا عمر ونصيب من أهل الدنيا ـ إن السنة الجاية ما يكونش فيه بيت واحد من بيوتكم، ولا كنيسة واحدة من كنايسكم، إلا لما نكون رجّعناها. خلي بالكم: دا مش تفضُّل مننا، دا مش تفضُّل مننا، دا حق، وإحنا مش هننسى أبدًا لكم، ولا لقداسة البابا الموقف الوطنيّ المشرِّف العظيم اللي اتعمل خلال الفترة دي.”. أ.هـ.
الوَحدة
إن “مِصر” دائمـًا عظيمة وغنية بأبنائها، فهي بلد الأمن والسلام والخير، فكتب سيادته: “«مِصر» (هي) التي اختارها الله الحميد المجيد لتكون ملاذًا آمنـًا للسيد المسيح وأمه العذراء الطاهرة؛ إن في ذٰلك دلالة بالغة على ما أراده الله ـ سبحانه وتعالى ـ لـ«مِصر» لتظل منبعـًا للسلام والمحبة، وموطنـًا للأمن والاستقرار . وهي قيم نبيلة يقتضي الحفاظ عليها: أن نظل جميعـًا، مسلمين ومَسيحيِّين، يدًا واحدة وصفـًّا واحدًا.”. أ. هـ. فـ”مِصر” هي البلد الذي لجأ إليه “إبراهيم” خليل الله، و”يعقوب”، و”يوسُِف” وإخوته، و”موسى” كليم الله؛ إنها ملجأ الأنبياء وملاذها، لأن مِن أمنها واستقرارها أن يأتي إليها الجميع من بقاع الأرض شتى. وكما جاء في الكتاب: أن الله “العليّ متسلط في مملكة الناس وأنه يعطيها من يشاء”، هٰكذا أعد الله الرئيس “السيسي” لهٰذه المرحلة الدقيقة والهامة من حياة المِصريِّين ليقودهم ويوحدهم على قلب رجل واحد.
وهٰكذا يمر بنا “عيد الميلاد المجيد”: نحتفل به معـًا مع أب حكيم، وهب له الله من حكمة “سليمان” ليقود شعبـًا وأمة من أعرق الأمم، ويحمل قلبـًا محبـًّا رقيقـًا لجميع أبناء شعبه صغارًا وكبارًا: فقد حدث أنه بعد تهنئته للأقباط، وخروج سيادته من الكاتدرائية، أنه أُبلغ بطلب طفل صغير يرغب في مصافحته والتقاط صورة معه، فلم يكُن من الأب العظيم إلا أن وافق وانتظر الطفل، محققـًا رغبته، مسعدًا قلب طفل في ليلة “عيد الميلاد”.
كل عام وجميعنا بخير. وليحفظ الله “مِصر” ووَحدتها وشعبها معـًا، تحت قيادة رئيسها القدير “عبد الفتاح السيسي”. وأختِم بكلمات سيادته: “تحيا «مصر» بيننا كلنا …”! أ. هـ.
الأسقف العام رئيس المركز الثقافيّ القبطيّ الأُرثوذكسيّ