“على بركة الله، نأذن نحن «عبد الفتاح السيسي» رئيس «جُمهورية مصر العربية» ببَدء تشــغيل «قناة السويس الجديدة».”. هٰكذا انتهى فخامة الرئيس من كلمته في حفل افتتاح “قناة السويس الجديدة”، ليبدأ فتح الطريق أمام “مِصر” والمِصريِّين لمتابعة العمل والجهد، طريق هو من ألف خُطوة كما ذكر سيادته، نحو تقديم مزيد إلى “مِصر” والإنسانية.
تاريخ من العطاء
“مِصر” بمِصريِّيها كانت وما تزال على مر الأزمنة والتاريخ مصدرًا للعطاء من أجل الإنسانية كلها، فكما قدَّمت إشراقة الحضارة في وسَط العالم الذي كان يتخبط في الظلام آنذاك، قدَّمت عبقرية أبنائها وقدراتهم التي شهد لها العالم قديمـًا وحديثـًا في جميع مناحي الحياة؛ ومنهم: د. “عليّ مصطفى مشرفة” عالم الفيزياء المِصريّ الذي أُطلق عليه “أينشتاين العرب” ونالت أبحاثه إعجابـًا شديدًا من العبقريّ المخترع “أينشتاين” حتى إنه وصفه بأنه أحد أعاظم علماء الفيزياء في العالم! وسير “مجدي يعقوب” الأسطورة الطبية في جراحة القلب، والأستاذ الدكتور “أحمد زويل” الذي نال جائزة “نوبل” في الكيمياء، والدكتور “فاروق الباز” عالم الفضاء النابغة، والمهندس “هاني عازر” مهندس الأنفاق العالميّ الذي لقََّبه الغرب بـ”الفرعون المِصريّ” وأُطلق عليه “أمنحوتب” وهو أول مهندس عرَفه الفراعنة، والمهندس “إبراهيم سمك” الذي لُقب بـ “الفرعون الـذي أضاء أوروبا”، الدكتور “محمد أحمد غنيم” ثاني أمهر جراح كلى في العالم، والدكتور “نبيل أحمد فؤاد” أستاذ فيزياء البناء، والدكتور “فيكتور أوغست” الرئيس السابق لغرفة المهندسين بألمانيا، والدكتور “نبيل فؤاد فانوس” أحد رواد مجال الهندسة في العالم، والمهندس “هاني محمود النقراشي” بألمانيا، والدكتور “هاني عبد الله الكاتب” الذي أعاد تأهيل الغابات في قارات: أفريقيا وآسيا، وأمريكا اللاتينية؛ والدكتور “محمد علي فرماوي” أحد البارزين في مجال تكنولوجيا المعلومات، والدكتور “محمد علي العريان” أحد الخبراء العالميين في مجال الاقتصاد، والدكتور “أحمد محمود عكاشة” أحد البارزين في مجال الطب النفسي ، والدكتورة “ميرفت أبو بكر” أحد البارزين في التعليم ما قبل الجامعي؛ ومن هذه الكوكبة من العلماء اختار سيادة الرئيس المجلس الاستشاري.
واليوم، يؤكد المِصريُّون استمرار تقديم عطائهم إلى العالم والإنسانية في مشروع “قناة السويس الجديدة”، فكما ذكر سيادة الرئيس: “«مصر» دولة عظيمة جدًا، ولها حضارة ممتدة لأكتر من ٧٠٠٠ سنة. فيه دُول كتير في العالم بتدرّس لأبنائها «الحضارة المصرية» واللي قدمته للإنسانية. وأنا عايز أقول لكم: إن «مصر» عبر ٧٠٠٠ سنة قدّمت قيم ومبادئ وأخلاقيات، هٰذه القيم والمبادئ والأخلاقيات تناغمت مع الرسالات والأديان السماوية ولم تتقاطع معها. الحقيقية أنا بأقول للمصريِّين: إن أنتم الحضارة المصرية اللي اتقدمت، النهار دا «مصر» كمان بتقدم للإنسانية هدية، يمكن تكون هدية مش كبيرة قوي زي أيام القدماء، قدماء المصريِّين، لٰكن في سنة: بذل المصريين جهد كبير قوي علشان يقدموا للعالم ولـ«مصر» هدية من أجل الإنسانية، من أجل التنمية، من أجل البناء، من أجل التعمير.” أ. هـ . نعم، فقد وعد المِصريُّون ووفَوا بالعهد: “وعَدنا نحن المصريِّين العالم بأن نقدم له القناة الجديدة هدية. وها نحن نُوفي بالوعد الذي قطعناه جميعـًا علــى أنفسنا. وفي زمن قياسيّ نهدى للعالم شَِريانـًا إضافيـًّا للرخاء، وقناة تواصُل حضاريّ بين الشعوب، لتساهم في تيسير وتنمية حركة الملاحة الدولية، وتفتح آفاقـًا جديدة للتنمية.” أ. هـ .
ولم تنسَ “مِصر” دورها وواجبها تجاه العالم على مر تاريخها. فكما كانت “مِصر” مُنقذًا للعالم قديمـًا وحديثـًا إذ: أنقذت العالم من التيه يوم أن أهدت إليه الحضارة، ومن الجوع على يد “يوسُف الصديق” يوم أن أنقذ غلتها، ومن الدمار يوم أن تصدت لكل ما يخرب ويهدم؛ هٰكذا لا يمكن إنكار دَورها في دحر الإرهاب الذي بدأ يندفع ويتغلل في الأرض فهبت له متصدية، ولذا يقول السيد الرئيس: “أنا عايز أقول لكم حاجة: «مصر» مش قدمت فقط خلال هٰذا العام، أو العامين الأخيرين على وجه التحديد، فقط المشروع دا، لا، هيذكر التاريخ لـ«مصر» إنها تصدت وجابهت أخطر فكر متطرف إرهابي لو تمكن من الأرض لحرق الأرض!” أ. هـ .
البداية
إن مشروع “قناة السويس الجديدة” هو البداية التي قام بها المِصريُّون في طريق طويل من العمل والنجاح؛ فهو كما ذكر السيد الرئيس خُطوة على الطريق: “وأنا أتصور إن هي دي أول خطوة، القناة الجديدة أول خطوة من ألف خطوة، القناة الجديدة خطوة واحدة من ألف خطوة إحنا مطالبين يا مصريين إن إحنا نمشيها. صحيح، خطوة من ألف خطوة.” أ. هـ
إن “مِصر” بهٰذا المشروع تنطلق نحو عديد من المشروعات الاقتصادية والتِّجارية التي ستصنع مستقبلـًا جديدًا لـ”مِصر الجديدة”، وتعيدها إلى ريادتها ومكانتها العالميتين؛ وفي هٰذا الصدد يؤكد سيادة الرئيس: “أؤكد لكم أن «مِصر» ليست بلد المشروع الواحد، ولا يصح أن تكون كذٰلك. فشعبها الشاب كما هو في حاجة إلى العمل فإنه أيضًا قادر على الإبداع والإنجاز. وما افتتاح قناتنا الجديدة اليوم إلا انطلاق لمشروعات وطنية عديدة؛ ولعل أكثرها اتصالـًا بإنجاز اليوم هو مشروع التنمية بـ«منطقة قنـاة السـويس» حيث تم اعتماد المخطط العام للمشروع، وستَشرَع الحكومة على الفور في تنفيذه بتنمية وتطوير منطقة «شرق بورسعيد»، التي ستشهد توسعة «ميناء شرق بورسعيد» وتطويره، والاهتمام بالظهير الصناعيّ للميناء، وكذا تطوير البنية الأساسية للمنطقة وربطها مع المشروعات الأخرى الجاري تنفيذها. وسوف يلي ذٰلك البَدء مباشرةً في تنمية مناطق: «الإسماعيلية»، و«القنطرة»، و«العين السخنة». إن تنمية «منطقة القناة» تستهدُف إنشاء منطقة اقتصادية عالمية تشتمل عدد من المواني والمدن الجديدة والمراكز اللوچستية والتِّجارية والتي تحقق زيادة لمعدلات التبادل التِّجاريّ بين «مِصر» وجميع دُول العالم …” أ. هـ. وهٰكذا بدأنا أولى خَطوات الطريق نحو تحقيق مستقبل عظيم جدير بمِصر والمِصريِّين، فلم يعُد الأمر حُلمـًا فحسْب، بل واقعـًا ينتظر الأيادي المتشابكة والمترابطة لتحققه.
إلا أن تحقيق هٰذه الأهداف لن يتسنى لنا إلا بالعمل وبَذل الجُهد الدؤوب اللذين يستطيعان تحقيق ما يراه العالم ويَعُدّه معجزات! أيضـًا تحتاج هٰذه المسيرة إلى ثقة بالنفس استعادها المِصريُّون بتنفيذ هٰذا المشروع في المدة المحددة له؛ فقد اعترضتهم صعاب ومعوقات، إلا أنهم تصدَّوا لها وتمموا مهمتهم على أكمل وجه. ولذا يؤكد السيد الرئيس قائلـًا: “الشعب المصري، وهو بيعمل «قناة السويس الجديدة»، ما كانش بيعملها في ظروف طبيعية، كان بيعملها في ظروف صعبة جدًا: اقتصادية وأمنية. كان العناصر والجماعات الإرهابية المتطرفة، اللي أنا بأسميهم «أهل الشر»، بيحاولوا يِئذوا «مصر» والمصريِّين ويعرقلوا مسيرتها وتقدمها. يعني عايز أقول: إن ما كانش العمل بيَسير في «مصر» في ظروف طبيعية، لا، دا كان فيه ظروف لمكافحة الإرهاب، ومازالت هٰذه الظروف إحنا بنكافحها، وهنكافحها وهننتصر عليها ما فيش كلام!” أ. هـ . لذٰلك، على المِصريِّين أن يثقوا بما حباهم الله: من إمكانات، ومن فكر، ومن قدرة على العمل والإبداع بالأخص في ظل تحديات تعترضهم، وإنهم لَقادرون على صنع النجاح، فها هو التاريخ والعالم يشهدان لهم بالعبقرية والتميز والإبداع.
وأختِم مقالتي بكلمات السيد الرئيس التي أكدت أهمية وَحدة الشعب المِصريّ في الآونة القادمة؛ فمعـًا نستطيع البناء، ومعـًا يمكننا التصدي لمحاولات الزعزعة وبث الفشل، ومعـًا نسير إلى الأمام؛ يقول سيادته: “لا يمكن، أبدًا أبدًا، هيستطيع أحد أن ينال من «مصر»! أبدًا!! طول ما الشعب المصري كتلة واحدة وإيد واحدة، هأكدها مرة واتنين وتلاتة! ولو انتم بصيتم، هتلاقم شيخ الأزهر وقداسة البابا موجودين جنب بعض. لازم دايمـًا نبقى إحنا كتلة واحدة، كتلة واحدة علشان نقدر نعبُر التحدي اللي احنا بنجابهه وهننتصر فيه.” أ. هـ . وتأكيدًا وتأييدًا لما قاله الرئيس، فقد جاء في الكتاب: “والنهاية، كونوا جميعـًا متحدي الرأي بحس واحد …”، وفي القرآن: ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعـًا وَلَا تَفَرَّقُوا﴾. إن في اتحاد الفكر والرأي والحس، وعدم الفُرقة، قوة لا تستطيع أيّ قُوى في العالم زعزعتها أو تفتيتها، وهٰذا هو الهدف: أن نعيش عائلةً واحدةً على «أرض مِصر المحروسة»، و … وعن مصر الحلوة الحديث لا ينتهي …!
الأسقف العام رئيس المركز الثقافيّ القبطيّ الأرثوذكسيّ