No Result
View All Result
تـقــديـــم
“أمّا أنا فقد أتيتُ لتكون لهم حياة وليكون لهم أفضل.” (يوحنا ١٠: ١٠). إن المتتبع لحياة السيد المسيح نور العالم، لَيندهش عند زيارته إلى الأماكن المقدسة في “فلسطين”، إذ تجدها محفورة وكأنك تقرأ عنها مع كل كنيسة ودير هناك، من بشارة الملاك “للسيدة العذراء” في مدينة “الناصرة” حتى صُعوده إلى السماوات على “جبل الزيتون” قرب “بيت عنيا”، مرورًا بعماده وخدمته، ثم دُخوله إلى مدينة “أورُشليم” والقبض عليه وصلبه ودفنه وقيامته؛ وهٰكذا يمكن الزائر أن يرى خُطوات السيد ويقتفي آثارها، وكأنه يقرأ إنجيلًا معاشًا من خلال تلك الآثار المقدسة!
يُعد كتاب “على خُطى السيد المسيح” توثيقًا لرحلة حياة السيد المسيح الذكية على الأرض، في لقطات مصورة بارعة تنتقل بنا من مكان إلى آخر، ونحن سائرون على الدرب نفسه الذي تبارك بآثار قدميه. أما الفكر، فيأخذنا عبر التاريخ في طريق إلى آخر إلى ذٰلك الزمان الذي شهِد وتبارك بحياة مخلصنا الصالح: فها هي مدينة “الناصرة” ترسُِم لنا مشهد “البشارة” التي حملها رئيس الملائكة “جَبرائيل” إلى “عذراء الناصرة”؛ فتتردد في مسامعك كلماته: “«لا تخافي يا مريم، لأنك قد وجدتِ نعمة عند الله. وها أنتِ ستحبلين وتلدين ابنًا وتسمينه يسوع، هٰذا يكون عظيمًا، وابن العليّ يُدعى …”. (لو ١: ٣٠-٣٢)، ثم إلى “بيت لحم” حيث “الميلاد” المقدس والمغارة التي أسرع إليها الرعاة؛ فتردِّد في أعماقك تسبحة السمائيِّين: “«المجد لله في الأعالي، وعلى الأرض السلام، وبالناس المسرة»”. (لو ٢: ١٤)، ثم أمام “نهر الأدرنّ” فتمر أمامك تفاصيل مشهد الظهور الإلٰهيّ مع اعتماد السيد المسيح على يد نبيّ العهدين أعظم مواليد النساء “يوحنا المَعمَدان”، عندما أتى “صوت من السماوات قائلًا: «هٰذا هو ابني الحبيب الذي به سُررتُ».”. (مت ٣: ١٧)، فأمام “جبل التجرِبة” حيث نتذكر كلمات السيد المسيح: “«مكتوب: ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان، بل بكل كلمة تخرج من فم الله».” (مت ٤: ٤) ليرتفع القلب طالبًا العون من ذاك الذي جُرب لأجلنا كي يعلمنا الطريق إلى النُّصرة.
وفي كنيسة التطويبات، يرتسم أمامك مشهد معلمنا الصالح وهو يُلقي عظته على الجبل التي تُعد دُستور حياتنا. وتشُد بنا لقطات هٰذا الكتاب التَّرحال إلى “أريحا” لنرى بأذهاننا لقاء السيد المسيح و”زكا”، في الوقت الذي تُعِيد إلينا “طبرية” مشهد رب المجد وهو يُسْكِت العاصفة، ويأمر “بطرس” بأن يأتي إليه ماشيًا على الماء. ونصل إلى “القدس”، في كنيسة القيامة، حيث الرهبة والخُشوع يملآن جنباتها التي شهِدت أعظم وقائع حكاها التاريخ، واحتوت في أعماقها بُشرى الخلاص إلى الإنسانية بصلب السيد المسيح وموته وقيامته؛ فلا يسعك إلا أن تسبح: يا رب، لك القوة والمجد والبركة والعزة إلى الأبد. آمين! ثم تجد نفسك متتبعًا المريمات إلى القبر في أحد القيامة؛ لتسمع صوت الملاك: “ليس هو هٰهنا لٰكنه قام!”. (لو ٢٤: ٦).
أقدِّم الشكر إلى الأستاذ المصور الفنان “سامي وكيلة” الذي قدَّم كثيرًا من الجُهد الأمين من خلال عدساته الرشيقة؛ فقدم صورًا مميزة واضحة، مع معلومات قيِّمة تضمَّنها كتابه الذي بين يديك؛ فارتحل بنا على خُطى السيد المسيح في رحلة لا مثيل لها.
ليجعلِ الرب هٰذا العمل بركة لكل من يقرأ ويتصفح هٰذا الكتاب، بشفاعة سيدتنا كلنا والدة الإلٰه القديسة “العذراء مريم”، وسادتنا الآباء الرسل الأطهار، وبصلوات صاحب القداسة البابا المعظم “أنبا تواضروس الثاني”، بابا الإسكندرية بطريرك الكرازة المَرقسية.
التاسع والعِشرون من برمهات ١٧٣٢ش السابع من أبريل ٢٠١٦م
عيد البشارة المجيد
أنبا إرميا
الأسقف العام رئيس المركز الثقافيّ القبطيّ الأرثوذكسيّ

No Result
View All Result