No Result
View All Result
يحتفل مَسيحيُّو العالم بعد غدٍ الأحد بـ”عيد القيامة”. وإن أردنا أن نتحدث عن “القيامة”، فنحن إنما نخوض في تلك الحياة التي سوف يَنعَم بها كل إنسان في خُلود لا ينتهي؛ إنها المَِحطة الأخيرة التي يصل إليها كل إنسان بعد انتهاء رحلة حياته على الأرض؛ لذٰلك فهي الهدف الحقيقيّ الذي يجب أن يضعه كل إنسان والذي يجب أن تسير في فَلكه جميع أهدافه الأخرى في حياته الآن.
إن كان من الأهمية للإنسان أن يضع أهدافًا لحياته على الأرض، فإن عليه أن يُدرك أن تلك الأهداف يجب أن لا تُعارض حياته الآتية الأبدية، بل هي تقود إليها؛ وعلى سبيل المثال: لا تعارض بين نجاح الإنسان في رحلة الحياة وتحقيقه للإنجازات ووصوله إلى القمم وبين الحياة الأبدية التي سوف تحمل له معنى السعادة؛ إنما كل ما عليه أن يختبر ويُدرك أيّ الأمور يرغب في النجاح فيها، وبأية وسيلة تكون.
أيضًا على الإنسان أن يسائل نفسه في حساب ذاتيّ: أين أنا من وصايا الله في المحبة والرحمة والعدل؟! كيف أُعطي جوابًا لله: عن جميع أعمالي، والإمكانات التي وهبها لي، بل كل لحظة من لحظات عمري؟! إن الحياة مسؤولية كبيرة ملقاة على عاتق الإنسان، وفي الوقت نفسه لديه الحرية في اختيار المبادئ التي يعيش بها في الحياة، والأساليب والوسائل التي يستخدمها، وفي “القيامة” سوف تظهر نتيجة اختيارات كل إنسان. من أجل هٰذا لا تبحث عن الزمنيّ، في حين أنت تفقد ما هو أبديّ!! وضع قلبك واهتمامك الأول أن تكون جديرًا بالحرية التي وُهبت لك من الله.
أتذكَّر قصة قرأتُها عن شاب في مقتبل العمر يُدعى “فيليب”، عاش معظم حياته عليلاً، وقد عرَف أنه لن يعيش طويلاً؛ فقرر أن يضع في فكره دائمًا أنه سيرحل يومًا، عابرًا جسر الموت إلى حياة أبدية لا مرض فيها ولا ألم ولا دُموع؛ فكان هٰذا يغمره بالسعادة والراحة. وبينما هو مريض، كان يحاول إسعاد من حوله، مقدِّمًا لهم كل ما يمكنه من خير. وفي الأحد السابق لـ”عيد القيامة”، قام المسؤول في أحد اللقاءات بتوزيع صَُندوق صغير على كل أحد، طالبًا من كل فرد أن يضع في صَُندوقه شيئًا يعبر عن الحياة، ثم يحضره الأسبوع التالي، وهم يحتفلون بـ”عيد القيامة”. وفي الأسبوع التالي، فتح كل شاب وشابة صَُندوقه أمام الجميع ليرَوا ما وضعه للتعبير عن الحياة، فوضع أحدهم زهرة، وآخر وضع فراشة، وثالث تحفة جميلة، و… إلخ. فكان أنه حين جاء دور “فيليب”، فتح صَُندوقه فوُجد فارغًا!! وحين تعجب الجميع، قال لهم إن الصَُندوق الخالي يذكره بقبر السيد المسيح الخالي إذ هو قام. وهٰكذا يكون معنى الحياة في القيامة. ولم تمضِ مدة طويلة على تلك الواقعة حتى ترك “فيليب” هٰذا العالم، سائرين خلفه أصدقاؤه، وهم يحملون صَُندوقه الخالي، معلنين أن صديقهم قد انتقل إلى حياة أفضل.
نسأل الله أن يعزي أسر شهداء كنيستي مار جرجس بطنطا والمرقسية بالإسكندرية، وأن يحفظ مصر في سلام وأمان.
الأُسقف العام رئيس المركز الثقافيّ القبطيّ الأُرثوذكسيّ
No Result
View All Result