يحتفل أخوتنا المسلمون هٰذه الأيام بحلول “عيد الفطر”؛ لذا يسرنى أن أهنئهم جميعًا فى “مصر” والمِنطَقة العربية والعالم، متمنيًا الخير والسعادة للمِصريِّين جميعًا، والسلام لبلادنا “مِصر”.
تمضى بنا أيام العمر بأفراحها وبآلامها، بإشراقاتها وبغيومها، بنجاحاتها وبتعثراتها. إلا أن مِحطات فى الحياة نتوقف فيها لنرى: أنسير منها، أم توْقفنا؟ أم تُرانا نرغب في تعديل بعض أمورنا، كي ما يمكننا استكمال مسير رحلة الحياة وَفقًا لمبادئ الإنسانية السامية التي خلقنا الله ـ تبارك اسمه ـ عليها من أجل حياة كريمة سعيدة لكل إنسان؟! وهٰذا هو التحدى الحقيقىّ فى حياتنا. ومن تلك المِحطات، ما يمر بنا من أعياد.
تمنحنا الأعياد فرصًا لتحقيق حياة يحلُم بها كل إنسان: من سعادة وبهجة، ومن ود وتعاطف يقدَّم للآخرين، ومن رحمة ومسامحة للبشر؛ فتصبح هٰذه المناسبات أيامًا يتعلم فيها الإنسان معنى الحياة الحقيقيّ، ويتذوق طعم إسعاده من حوله مذاقةً يترتب عليها سعادة حقة تسري إلى أعماقه. لذٰلك أجد بعض البشر يجعلون من العيد يومًا لإسعاد إنسان آخر.
ذكر لى أحدهم أن يوم العيد بالنسبة إليه هو “يوم الخير”: وتعود تلك التسمية إلى والده ذٰلك الإنسان الرائع الذي علّمه ودربه طوال أيام حياته على ذٰلك الأمر؛ وأخذ يقص كيف كانت تأتي ليلة العيد فيبدأ الأب في تجهيز عدد من الحقائب منها ما يحتوي على طعام معَد وأخرى تحتوي على ملابس وغيرها؛ وفي اليوم التالي يستيقظ باكرًا جدًّا ويصطحبه أبوه ليزور بعض الأسر مقدمًا تهنئته بالعيد، ثم زيارة تالية فغيرها حيث كان يرى ابتسامة في أعين من يزورانهم، ويسمع كلمات لم يكُن يفهمها وقت أن كان صبيًّا لٰكنها كانت تدخل السعادة إلى قلبه. أمّا زيارة الأب الأخيرة من جولته فهي دائمًا لعجوز مقعد؛ ومع أن أباه لم يكُن يقدِّم له شيئًا مما هو معَدّ، فإنه كان يسعد ويصر على إتمامها. وذات يوم، سأل أباه عن سر زيارة ذٰلك العجوز وحرصه عليها، فأجابه: إنه فقد زوجته وانشغل عنه أقرباؤه فلم يعُد يوده أحد حتى صار وحيدًا، ومنذ أن عرفت قصته قررت أن أهتم به من آن إلى آخر، فهو لا يحتاج إلى مال أو شيء، بل ما هو أهم وأغلى ولا يُشترى بمال: المحبة والود؛ لذٰلك يا ابني تذكَّر دائمًا أن تهب ما يمكنك لمن يحتاجه وبخاصة في العيد، حريصًا على أن تُسعد شخصًا: بابتسامة ود للجميع، بكلمات طيبة لكل إنسان، بشيء ما لديك لمن ليس لديه.
نعم، فالعيد هو “يوم الخير” الذي تنطلق منه أعمال الخير مستمرة في كل زمان ومكان لجميع البشر؛ إنه تقديم الشكر لله بأعمال وبسلوكيات تنبُع من المحبة والخير والرحمة تجاه جميع البشر خليقة الله. وهٰكذا تكون الحياة!!
كل عام وجميعكم بخير وسلام.
الأُسقف العام رئيس المركز الثقافيّ القبطيّ الأرثوذكسيّ.