أهنئكم بالعام الجديد و”عيد الميلاد” الذي يحتفل به مَسيحيو الشرق اليوم، راجيًا أن يحفظ الله وطننا الغالي “مِصر” في أمن وسلام، ويرفع عن العالم الجائحة.
إن قصة “الميلاد” هي قصة تجلي محبة الله للبشر، في زمن كانت عَلاقة الإنسان بالله ضعيفة جدًّا، حتى إنها وُصفت بأنها فترة ظلمة، تخبطت فيها الإنسانية في دروب الخطيئة والشر. إلى أن جاء السيد المسيح ليُشرق على البشرية التائهة بنوره؛ فتعرف الطريق والحق والحياة. لقد جاءت تعاليم “السيد المسيح” تنادي بالتوبة والعودة إلى الله: “تُوبُوا لِأَنَّهُ قَدِ ٱقْتَرَبَ مَلَكُوتُ ٱلسَّمَٰوَاتِ”، “بَلْ إِنْ لَمْ تَتُوبُوا فَجَمِيعُكُمْ كَذَٰلِكَ تَهْلِكُونَ.”، وقدم في تعاليمه أُنموذجًا لكيفية سلوك الإنسان في الحياة فنجده – له المجد – في العظة على الجبل يطوب الودعاء وصانعي السلام، وينادي بمحبة الجميع حتى الأعداء: “أَحِبُّوا أَعْدَاءَكُمْ. بَارِكُوا لَاعِنِيكُمْ. أَحْسِنُوا إِلَى مُبْغِضِيكُمْ، وَصَلُّوا لِأَجْلِ ٱلَّذِينَ يُسِيئُونَ إِلَيْكُمْ وَيَطْرُدُونَكُمْ، لِكَيْ تَكُونُوا أَبْنَاءَ أَبِيكُمُ ٱلَّذِي فِي ٱلسَّمَٰوَاتِ، فَإِنَّهُ يُشْرِقُ شَمْسَهُ عَلَى ٱلْأَشْرَارِ وَٱلصَّالِحِينَ، وَيُمْطِرُ عَلَى ٱلْأَبْرَارِ وَٱلظَّالِمِينَ.”.
وهي أيضًا قصة “التواضع” الشديد؛ فقد وُلد السيد المسيح في حظيرة للحيوانات بأصغر مدن “يهوذا” إذ وُصفت بأنها “الصغرى”، إلا أنها بميلاد السيد المسيح قيل عنها: “لَسْتِ ٱلصُّغْرَى بَيْنَ رُؤَسَاءِ يَهُوذَا، لِأَنْ مِنْكِ يَخْرُجُ مُدَبِّرٌ يَرْعَى شَعْبِي إِسْرَائِيلَ”. أما المحتفلون بالميلاد، فكانوا بعض رعاة بسطاء، ومجوسًا من المشرق؛ وهنا أتذكر كلمات مثلث الرحمات “البابا شنوده الثالث”: “أما السيد المسيح فدخل إلى العالم في صمت، بعيدًا عن كل مظاهر الترحيب، في غير ضجيج، وبطريقة بسيطة هادئة … وكل الذين استقبلوه جماعة من الرعاة المساكين، ثم المجوس …”. وبالميلاد صار مذود البقر عرشًا لاستقبال ذٰلك الملك العجيب الذي رأى مجوس المشرق نَجمه فقدِموا ليسجدوا له. إنه علينا في احتفالنا أن نتذكر حياة التوبة والتواضع.
كل عام وجميعكم بخير.
الأسقف العام رئيس المركز الثقافيّ القبطيّ الأرثوذكسيّ