نهنئ أبانا صاحب القداسة البابا المعظم “أنبا تواضروس الثاني”، بابا الإسكندرية بطريرك الكرازة المرقسية، بالعيد الثالث لاعتلاء قداسته السُّدة المَرقسية. أدام الله حياة قداسته سنيِن عديدة وأزمنة سلامية مديدة.
للحديث عن خدمة قداسته، يعوزنا وقت كثير؛ فهي خدمة:
لا تعرف الراحة
قداسة البابا لا يعرف الراحة في أداء ما أؤتمن عليه من الله في رعاية الكنيسة؛ فمنذ تجليس قداسته، في الثامن عشَر من نوڤمبر ٢٠١٢م، وبدأ الاهتمام بالرعية: فقد قام قداسته بسيامة آباء أساقفة وقساوسة لرعاية الشعب وخدمته، ودشَّن وزار عددًا كبيرًا من الكنائس داخل “مِصر”، متفقدًا أمور رعايتها، منفذًا وصية الكتاب المقدس: “معرفةً اعرِف حال غنمك، واجعل قلبك إلى قُطعانك …” (الأمثال ٢٧:٢٣). وكما ذكر “هوشع النبيّ”: “قد هلك شعبي من عدم المعرفة” (٤:٦)، اهتم قداسته بالتعليم من خلال تقديم العظة الأسبوعية يوم الأربعاء، في ثوب جديد، مُقرِنـًا إياها بافتقاد الكنائس حين أصبحت تُلقى في كنائس متعددة. وفي ظل الدَّور الكبير الملقى على عاتق قداسته، رعى عديدًا من المؤتمرات والسيمينارات؛ كل هٰذا إلى جانب اللقاءات الرسمية والدَّور الوطنيّ الكبير الذي تؤديه الكنيسة من أجل “مِصر”؛ فقد زار قداسته مشروع “قناة السويس الجديدة”، وشارك في احتفالات افتتاحها، وعديد من اللقاءات والمناسبات التي جمعت أبناء وطننا.
لا تنسى الأبناء
لم يَغِب عن ذهن قداسة البابا لحظةً أبناؤه في المهجر؛ فقداسته على تواصل كبير بهم، شاملاً إياهم بمحبته الوديعة ورعايته واهتمامه، غامرًا الجميع بروح أبوة فريدة؛ وبروح الرعاية الحقيقية يرعى خرافه، متمثلاً بالسيد المسيح، يجول يصنع خيرًا لكل من يلتقيه. فقداسته يحمل قلبـًا محبـًّا لكل إنسان، وذهنـًا منفتحـًا لقَبوله. ومع المجهود الفائق الذي يبذُِله قداسته خلال رحلاته الرعوية، لا يضع نُصب عينيه إلا خدمته ورعايته لأبنائه، متممـًا: “لكنني لستُ أحتسب لشيء، ولا نفسي ثمينة عندي، حتى أُتمم بفرح سعيي والخدمة التي أخذتُها من الرب يسوع، لأشهد ببشارة نعمة الله.” (أعمال الرسل ٢٠:٢٤)؛ فعلى سبيل المثال لا الحصر: رحلة قداسته الأخيرة إلى “الولايات المتحدة الأمريكية” في إيبارشيتَي “جنوبي أمريكا” و”لوس أنچيلوس”، التي امتدت ٢٢ يومـًا مشتملة رحلتي السفر والعودة، نجد مجهودًا وإنجازات من قداسته هما بحق فوق العادة، وتكاد تكون الراحة فيها قليلة أو نادرة!!
لقد وصلت زيارات قداسته في هٰذه الرحلة إلى ٤٢ زيارة، منها ٣٣ زيارة للكنائس المتنوعة، بمعدل زيارة كنيستين أو ثلاث يوميـًّا في بعض الأحيان، ما يرسُِم لنا صورة اهتمامه البالغ بالرعية. كذٰلك قام قداسته بالتدشين ١٠ مرات، ووضع حجر الأساس لأربعة كنائس وأماكن مقدسة. وفي أبوة تجلت في حنو قداسته على شعبه، عمَّد ٢٧ طفلاً وطفلة، وسام كاهنين، ورقى أحد القُسوس قمصـًّا.
وأخذ قداسته يقدم عظة تَلو الأخرى وصلت إلى خمسين!! في اهتمام بالغ بسقي شعبه القبطيّ جميعه من لبن كنيسته العديم الغش؛ ولم تخلُ كلماته من ذكر كلمة “مِصر” (٥٢ مرة!!)، ومن محبته وحنينه إلى أولادهها من أبنائه المهاجرين والمتغربين. هٰذا بخلاف لقاءات قداسته والأطفال وسرد قِصص روحية هادفة وصلت إلى ١٣٤ قصة مشوِّقة جذابة!! ويمكننا أيضـًا أن نلمُِس مدى اهتمام قداسته بكل شخص في عدد مرات نوال بركة السلام باليد الذي وصل إلى ما يزيد عن ٢١ ألفـًا!!!
أهنئ قداستكم يا أبانا في عيد جلوسكم على كرسيّ “مار مرقس”. رعاكم الله وشدد يمينكم.
الأسقف العام رئيس المركز الثقافيّ القبطيّ الأُرثوذكسيّ