يقولون: “الناجح لديه خُطة وبَرنامَج، أمّا الفاشل فلديه تبريرات.”. يُعد أحد أهم الأسباب التي تهدد نجاح أيّ إنسان، بل تفصله عن الواقع والحقيقة، هو “التبرير”؛ فيجد مِن الأعذار والأسباب ما يقنعه بما يفعله من تصرفات وسلوك أو مشاعر، لٰكنها تبعُد عن الأسباب الحقيقية لها.
ونرى مثل هٰذه التبريرات: أن يسلك أحد الوالدَين أو كلاهما بقسوة وعنف تجاه الأبناء، ويبرِّران هٰذا التصرف بأنهما يقومان بتربية الابن أو الابنة التربية الصحيحة! وهما في الحقيقة يحرمان أبناءهم من محبتهما وعطفهما وحنانهما ما يكون له أشد الأثر في شخصية الأبناء وسلوكهم فيما بعد.
ومن أصعب التبريرات، تلك التي يقدمها الإنسان في مجالَي العمل والعَلاقات الإنسانية بالآخرين، إذ إنها تفقده النجاح؛ يقول أحدهم: “معظم حالات الفشل تأتي دائمـًا من الأشخاص الذين عوَّدوا أنفسهم على اختلاق الأعذار”. كذٰلك فإن صاحب التبريرات يفتقد إلى الشعور الإنسانيّ بأنه إنسان محبوب ويحمل المحبة للآخرين؛ فيُشعره تبريره بالفشل على المستوى الاجتماعيّ.
ومن أخطر النتائج التي تعود على الإنسان من بحثه عن المبررات، أنه لا يستطيع تقييم أفعاله وتصرفاته بطريقة صحيحة؛ وهٰكذا لا يمكنه أن يعدّل من مواقفه وتصرفاته ويصحح أخطاءه، والنتيجة الطبيعية: فقدان أيّ فرصة للنجاح. وإن كان الإنسان باستخدامه التبريرات يُصبح مخادعـًا للآخرين؛ فإنه أولـًا وآخرًا يكون قد وضع نفسه في دائرة التِّيه، وخدع نفسه أولـًا.
أنت إنسان معرض للخطأ
ولكي تتجنب وضع المبررات، عليك أن تُدرك وتؤمن أنك إنسان معرض للخطأ ولا يقلل هٰذا من شأنك؛ بل من خلال الخطأ يتعلم الإنسان دروس الحياة وحكمتها. إنما العيب كل العيب أن تكرر الخطأ نفسه مرات ومرات. فلا تخشَ الخطأ لأنك إنسان، ولا تستمر فيه لأنك تتعلم، وتستطيع أن تُدرك وتَقبل وتعترف بما حدث من أخطاء؛ ومن ثَم يمكنك التعديل والانطلاق نحو النجاح.
المشكلات خبرات لا أعذار
أيضـًا لا تحوّل المشكلات التي تصادفك إلى أعذار فتتوقف عن الوصول إلى غايتك، بل كُن ثابتـًا في الحياة، وحوّل ما يعترضك من عقبات إلى دوافع لتحقيق نجاح أعظم، فهٰكذا عاش العظماء. والزمن قصير، ويحتاج إلى أن يمتلئ بالعمل والمحبة والبناء وتخطي الكبوات التي تعترض طريقك. يقولون: “المشكلة ما هي إلا فرصة سانحة لك لتبذُِل قُصارى جُهدك”؛ وهي أيضـًا فرصة لاستخراج الطاقة الكامنة من أعماقك؛ فلولا المشكلات التى مرت بحياة البشر ما كان للإنسان أن يبذُِل الجهد والتعب حتى يقدم المخترعات والاكتشافات إلى العالم. بل فكِّر بإيجابية في أن الله ـ جل جلاله ـ أذن في حدوث هٰذه المشكلة أمامك، كي تكون هي سببـًا وحافزًا إلى نمو قدراتك الذهنية. هل سمعتَ، مثلـًا، عن “توني ديبلويس”؟ لقد عانى “توني” مرض التوحد وفقدان السمع الذي أثَّر في بصره، إلا أنه استمر يعزف البيانو حتى تخرج من جامعة “بيركلي” للموسيقى في “بوسطن” مقدِّمـًا موسيقاه وألحانه الرائعة التي كان ينتظرها كثيرون في جميع أنحاء العالم.
لا تدخل دائرة التبرير
كذٰلك ينبغي لك أن تُدرك أن هناك بشرًا يُريدون دائمـًا شغلك بالبحث عن مبررات لكل ما تفعل لتكون دائمـًا موضع اتهامهم. لا تفقد سلامك وهدوءك وهدفك بالنظر في السلبيات؛ فأنت لستَ مجبرًا على تقديم تبريرات مواقفك إلى كل إنسان؛ وبخاصة مَن تعتقد أنه يسيء الظن بك. فثِق أن من يعرفك جيدًا يثق بك. وحين تُخطئ، اعتذر، وعدّل، واتجه نحو الإيجابيات والبناء. يقول “آبراهام لينكولن”: “أنا لا أقرأ رسائل الشتم التي توجه إلىَّ، ولا أفتح مظروفها فضلـًا عن عدم الرد عليها! لأنني لو انشغلتُ بها، لَما قدمتُ شيئـًا إلى شعبي!!”.
الأسقف العام رئيس المركز الثقافيّ القبطيّ الأُرثوذكسيّ