يقولون: “إن تغيّر العالم يحتاج لا إلى جيوش ولا إلى دول بل يحتاج، فقط، إلى إنسان يؤمن بأنه يستطيع.”. دائمـًا ما يرغب الإنسان في أن يرى العالم من حوله وقد تغير ليصبح أكثر سلامـًا وحبـًّا؛ وتظل هٰذه الرغبة كامنة في أعماق كل منا دون أن تتحقق، ودون أن نُدرِك أسباب ذٰلك. من هنا، دعني، عزيزي القارئ، أتساءل: ما الذي يجعل التغير دربـًا من دروب المستحيل عند البعض، أو مثل طريق ممتلئ بالأتعاب قد يتمكن السائر فيه أن يصل إلى النهاية أو لا؟
وُضوح الصورة
أحد الأسباب الجوهرية التي يؤثر غيابها في تحقيق التغير هو غياب أو عدم وضوح الصورة التي يريد أن يصل إليها الشخص عن ذهنه وفكره. فكثير من البشر يعيشون لأنهم يعيشون، ويسيرون في طريق يعتقدون أنه محتوم عليهم، في حين لا يدركون أنهم خُلقوا من أجل رسالة في هٰذا العالم، قصرت أو طالت، وأن في أعماقهم قوة وطاقة وهبها الله لهم لتحقيق هٰذا العمل. وهٰذه الصورة التي تضعها نُصب عينيك هي التي تؤثر في اتجاه التغير في حياتك كلها.
الرغبة الحقيقية
يقولون: “النجاح هو رغبة في الذهاب إلى مسافة أبعد، والعمل بكد أكثر، والبذل بدرجة أكبر من غيرنا.”. إن الرغبة الحقيقية في أعماق الإنسان هي المفتاح الحقيقيّ لتحقيق النجاح في التغير إلى تلك الصورة التي يحلُم بها لنفسه وللعالم من حوله. فالبشر لا يعملون، ولا يتعبون، ولا يحتملون إلا من أجل ما يؤمنون بأنهم يستطيعون تحقيقه؛ وهٰذا بدَوره يجعلهم يتصدَّون للصعوبات والمعوقات. لذٰلك، ابحث في أعماقك عن رغبتك الحقيقية، فهي القوة المحركة لك في الحياة، وفي الاستمرار في كل ما تود أن تحققه من إنجازات.
ابدأ بنفسك
لا تنتظر في الحياة أن يتغير العالم من حولك؛ إن انتظارك هٰذا مثل انتظار قطار لن يأتي أبدًا. كذٰلك إذا انتظر كل منا الآخر، لا يتحقق شيء على الإطلاق، بل يفقد الإنسان ما كان في وقت ما لديه. لذٰلك كُن متميزًا وإبدأ بنفسك، فقد قيل: “لكي نحرك العالم، علينا أولـًا أن نحرك أنفسنا.”. ومن كلمات الكاتب الأمريكيّ الساخر “مارك توين”: “إذا وجدت نفسك مع الآخرين، فقد آن الآوان للتغير.”. هٰكذا، كُن دائمـًا صاحب مبادرات، وابدأ بالتحرك نحو التقدم والبناء، وسوف تَسري شرارة الخير والبناء من حولك إلى أن تتسع دائرة البناء والخير إلى الجميع. نعم، إن تحقيق هٰذا يحتاج إلى الصبر والعمل والمثابرة فهٰذه سمات البناء. ودائمـًا دَع الأمل يتسلل إلى قلبك وحياتك، فألد أعداء النجاح هو اليأس. وحيث يوجد أمل، وجدتَ الثقة بأنك تستطيع تغيير نفسك إلى الأفضل في الحياة؛ فنحن نفقد الحياة في تلك اللحظة عينها التي نفقد فيها الأمل في القدرة على التغير.
شجّع الآخرين
أنت تؤثر في كل من تعاملهم في هٰذه الحياة، فليكُن لك الأثر الإيجابيّ الذي يشجعهم على الرغبة في أن يتَّبعوا خَطواتك. شجِّع كل من حولك بكلمات لطيفة، بابتسامة تُضفي عليهم هدوءًا وبهجة، بمساعداتك، بنصائحك، بكل سبيل يمكنك أن تقدمه؛ فإن لهٰذا مفعول السحر في أنفس البشر، إنه القوة المحركة لهم للتغير وتحقيق الإنجازات. وهٰكذا، وبينما نحن نسعى نحو التغير إلى الأفضل في الحياة، يتغير معنا الآخرون؛ ومعـًا تمتد يد البناء والإعمار والتغيير إلى أسرنا وأوطاننا وبلادنا.
الأسقف العام رئيس المركز الثقافيّ القبطيّ الأُرثوذكسيّ