ما أجمل أن يشعر الإنسان بالنجاح في الحياة! فالجميع يسعى لتحقيق النجاح منذ الطفولة في: الألعاب، والدراسة، ثم الحياة العملية. ومع وجود رغبة الإنسان العميقة في تحقيق النجاح إلا أن القلق والخوف من الفشل أيضًا يكمُنان في داخله وأعماقه. وحين يسيطر الخوف على الإنسان، فإنه يصير العدو الأول لكل ما يحاول إنجازه في الحياة. يقول الكاتب والأديب إميرسون: “لا أحد يستطيع أن يسلُبك النجاح إلا أنت!”، ويقولون أيضًا: “لكي تنجح يجب أن تتغلب رغبتك في النجاح على خوفك من الفشل”. فإذا تملَّك الإنسان الخوف والقلق توقف عن سعيه، وبذٰلك اتسعت المسافة بينه وبين النجاح الذي يرغب تحقيقه. وحين يقرر الإنسان أن يتوقف عن سعيه ومحاولاته لتحقيق أحلامه وطموحاته، فإن هٰذا يُعد الفشل الحقيقيّ له. ومن أجمل ما قرأتُ في هٰذا: “إننا ندفع ثمنًا غاليًا من جراء خوفنا من الفشل؛ فهو عائق كبير لما نسعى له من تطور، وهو يعمل على تضييق أفق الشخصية ويحد من الاستكشاف والتجريب. فإننا إن بحثنا عن معرفة تخلو من صُعوبة أو تجربة من الخطأ والصواب فلن نجد.”. لذٰلك ضَع قارئي العزيز دائمًا نُصْب عينيك أن أول أعداء النجاح هو الخوف من الفشل الذي يكمُن داخلك. وفي هٰذا يجب أن يُدرك الإنسان أن الله ـ جل جلاله ـ خلق الإنسان بإمكانات عظيمة لم يُكتشف إلا القليل منها حتى الآن. كذٰلك فإن الله يهب النجاح لكل من يسعى بأمانة وجِد في العمل؛ والأديان تؤكد على هٰذا فيقول الكتاب: “.. «إِنَّ إِلٰهَ السَّمَاءِ يُعْطِينَا النَّجَاحَ، وَنَحْنُ عَبِيدُهُ نَقُومُ وَنَبْنِي ..”، وفي سورة الكهف: ﴿إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا﴾. لذا لا تخَف الفشل، بل كُن على يقين أن الفشل الحقيقيّ هو توقفك عن المحاولة، وأن هزيمتك الفعلية تنبَُِع من داخلك ولا تأتيك من خارجك. والناجحون لا يستسلمون للفشل؛ فيقولون: “ليكُن شعارك: حاول وافشل، ثم حاول وانجح.”. بل إن بعضهم لا يستخدم كلمة “الفشل” على الإطلاق؛ ومن أشهر تلك الشخصيات المخترع العبقريّ “توماس إديسون” الذي كثيرًا ما تحدث عن أنه لا يوجد فشل ولكن توجد طرق لا تؤدي إلى الهدف المراد تحقيقه. فالفشل الذي يظنه البعض أنه النهاية، يراه الناجحون مجرد خَطوة أو مرحلة لتحقيق ما هو أفضل.
وعديد من الشخصيات حولت الفشل إلى نجاح؛ ومنهم على سبيل المثال: “ستيف جوبز” الذي أسس شركة صناعة الحاسوب “ماكنتوش”. فحين صدر قرار شركة “أبل” بالاستغناء عنه لم يتوقف أو يستسلم، بل أسرع بتحقيق نجاحات جديدة من خلال إنتاج عدد من الأفلام حققت نجاحًا هائلًا؛ منها: “قصة لُعبة”، “نيمو”، “شركة المرعبين المحدودة”.
مثال آخر هو “ونستون تشرتشل” الذي رسب في اختبارات الفصل السادس الابتدائيّ، وخسَِر كل الانتخابات العامة التي خاضها، ليفوز وهو في الثانية والستين برئاسة وُزراء إنجلترا، ويصبح أحد أشهر القادة السياسيِّين والأكثرهم ذكاءً في القرن العشرين. وقد قاد بلاده إلى النصر في الحرب العالمية الثانية. نموذج آخر هو “ريتشارد نيكسون” الذي رشح نفسه في 1960م عمدةً لكاليفورنيا وفشِل في الانتخابات، لٰكنه لم ييأس حتى صار رئيسًا للولايات المتحدة الأمريكية. ومن أقواله: “أنت لا يمكن أن تنتهي لأنك فشِلتَ مرة، ولٰكنك ستنتهي بالتأكيد لو استسلمتَ.”. وجميعنا يعرف كيف تعرض “هنري فورد” للفشل قبل أن يحقق النجاح في إنشاء إمبراطوريته الصناعية العملاقة. إن نماذج البشر في تخطي الفشل وتحويله إلى نجاح دون استسلام لليأس عديدة؛ معتبرة أن الفشل هو خَطوة تُحقِّق فيها نجاحًا أكبر.
إلا أن للنجاح مقومات منها … وللحديث بقية …
الأسقف العام رئيس المركز الثقافيّ القبطيّ الأُرثوذكسيّ