يٌعد التشجيع أحد أهم عناصر ومقومات النجاح؛ فهو حفز الإنسان وحثه علي المحاولة كي يتقدم إلي الأمام
محققًا خَطوات نحو مزيد من النجاح، كما هو علامة في الطريق تقول أنك تسير في الاتجاه الصحيح.
إن التشجيع الذي يناله الإنسان يخلق في أعماقه طاقات إيجابية تساعده علي تحقيق ما يسعي له من أهداف.
فعندما تشجع إنسانًا فأنت تكسِر في أعماقه طاقات الخوف التي تتسبب في توقفه عن الاستمرار في المحاولة
وسعيه نحو النجاح في طريق الحياة. يقولون: «من يعيش في خوف لن يكون حرًّا أبدًا». فالخوف يقيد الإنسان ويحدّ من طاقاته عن الانطلاق نحو الإبداع. كذلك فالتشجيع يشدد من الهمم ويَحفِز إلي العمل والسير بخطي سريعة نحو ما يصبو إليه الإنسان. أتذكر إحدي الشخصيات التي التقيتُها وكانت متميزة جدًّا في مادة الرياضيات، وحين سألتُها عن سر تفوقها الباهر أجابت: إن لتفوقي في هذه المادة قصة: فحين كنتُ أدرُس في الصف الثاني الإعداديّ، حصُلتُ في امتحان الرياضيات لنصف العام علي 20 من 30 درجة للجبر و12 من 30 درجة للهندسة، وبالكاد نجحتُ. ولكنني وجدتُ معلمة الرياضيات تُثني علي أدائي في الجبر، وتطلب مني بلطف ورقة والابتسامة لم تفارق وجهها بذل مزيد من الجُهد في الهندسة، مؤكدة لي أنني أستطيع أن أحصُل علي نتائج باهرة! ومن أجل تشجيعها إياي، قررتُ أن أهتم بمادة الرياضيات، وكنت أتذكر كلماتها المشجعة فأبذُِل مزيدًا من الجُهد حتي حققتُ نتيجة طيبة في نهاية العام. وأمّا في الشهادة الإعدادية، فقد حصُلتُ علي الدرجة النهائية في مادة الرياضيات.
وهنا توقفت كلماتها، ودار بفكري سر هذه القوة العظيمة علي النفس البشرية التي للتشجيع فتجعلها تحطم حاجز الخوف والقلق، وتزيد من ثقتها بنفسها لتحقق نجاحًا وتميزًا.
لذلك، فللتشجيع القدرة علي زيادة ثقة الإنسان بعمله ومقدرته، ويرسخ داخله فكرة «أنت تستطيع فعلها». ومن خلال هذه الثقة، يبدأ الإنسان رحلة النجاح وهو يُدرك أنه سيُعرَّض في الطريق لفشل، ولكنه لا يري في هذا الفشل إلا رياحًا يستخدمها كربان ماهر في توجيه قاربه للإبحار نحو شاطئ النجاح لا رياحًا تكسِره علي صخور الأزمات والفشل. إن اهتزاز ثقة الإنسان بإمكاناته وقدراته علي تحقيق ما يحلُم به يُعد إغلاقًا لأبواب من الممكن أن ينطلق منها نحو إنجازاته. وهنا أتوقف لحظات متسائلًا: ماذا كان يحدث لو لم يجد «إديسون» من يشجعه ويثق بقدراته كوالدته؟ أعتقد أننا لكنا نحيا إلي الآن في ظلام منتظرين «إديسون» آخر تحمله تشجيعات من حوله ليثق بما وهبه الله له من عقل وموهبة ليقدم إلينا عديدًا من الاختراعات وبخاصة المصباح الكهربائيّ.
ثمة أمر آخر: إن التشجيع يبدد أمام الإنسان المبررات التي يمكن أن يضعها حائلا أمام عينيه فيتراجع أو يتوقف عن العمل. فمن دوافع الفشل وضع الإنسان لنفسه أسبابًا ومبررات تعوق تقدمه. ومن هنا: متي وُجد التشجيع، زال كثير من المبررات التي تدعوه إلي التراجع عن أهدافه.
وهنا ينبغي أن أؤكد أن التشجيع يجب أن يكون علي عمل حقيقيّ قام به الإنسان صغُر أو كبُر، لئلا يتحول إلي إطراء ومدح أو نوع من المُراءاة؛ فيشوبه الزَّيف ويأتي بنتائج علي غير المطلوب. فالتشجيع يستهدف استمرار عمل بدأ فيه الإنسان كي يستمر وينمو ويكون يومًا ما إنجازًا عظيمًا. وللحديث بقية..
لأسقف العام رئيس المركز الثقافيّ القبطيّ الأُرثوذكسيّ