No Result
View All Result
بدأنا الحديث في المقالة السابقة عن “عواصف اليأس” التي تدمر حياة الإنسان. ونستكمل اليوم حوارنا عن أفكار في مقاومة اليأس:
• ليكُن لك الإصرار والصمود في العمل
عندما تثور عواصف اليأس في داخلك، ليكُن رد فعلك هو مزيد من العمل والإصرار لتتحدى ذٰلك اليأس الذي يريد النيل منك. ولا تستسلم، فربما لحظة استسلامك كانت هي لحظة النجاح! يقول “توماس إديسون”: “لم يُدرِك كثيرون ممن فشِلوا في حياتهم كم كانوا قريبين من إدراك النجاح حين يَئِسوا من الاستمرار في المحاولة!”. واعلم أن الأمور لا تتحق بالآمال والأحلام، وإنما بالعمل والجهد في صبر وصُمود؛ فإن قطرة المطر تَحفِر الصخر بالتَّكرار، تقول “هيلين كيلر”: “يمكننا أن نفعل أيّ شيء نريد أن نفعله، إن كنا نتمسك به مدةً كافية.”.
• ليكُن لك هدف تعمل من أجله
إن وجود هدف يؤمن به الإنسان في حياته هو أكبر محرِّك له لتحدي اليأس. وهنا سأقدِّم مثلين لشخصين تحدَّيا اليأس بأهدافهما العظيمة: “لويس برايل”، و”نيلسون مانديلا”.
“لويس برايل”
وُلد “لويس برايل” في عام ١٨٠٩م، ثم فقد بصر إحدى عينيه وهو طفل صغير في حادث وقتما كان يساعد والده في عمله. وعندما بلغ الثالثة، فقد بصر عينه الثانية إثر التهاب ألَّم بها ليصبح كفيفـًا.
تعلَّم “برايل” عزف الموسيقى التي أحبها؛ ليصبح في سن الثامنة أحد الأسماء المعروفة اللامعة في “المعهد القوميّ لفاقدي البصر” في باريس. وقد ظهر نبوغه في الموسيقى والرياضيات والعُلوم والجغرافيا. تعلَّم “برايل” بالطريقة التي كانت مشهورة آنذاك من خلال لمس الأصابع لأحرف كبيرة من المعدِن كانت تُقطع وتُلصق على الورق، وبذٰلك يتعرَّف الكفيف أشكالها. وكان “برايل” يعتقد أن هٰذه الطريقة غير عملية لثِقْل الأحرف وكِبَرها؛ فبدأ يفكر في تطوير طريقة التعلم الذي صار هدفـًا له في حياته.
في عام ١٨٢٩م، تمكن “برايل” من عمل أحرف الكتابة باستخدام ست نقاط، وكان في ذٰلك الوقت قد بلغ العشرين وعُيِّن مدرسـًا في المعهد. استخدم “برايل” طريقته الجديدة في التدريس، ثم بدأ في تقديمها إلى العالم في عام ١٨٣٩م إلا أنه تعرض لكثير من الاعتراضات والعقبات في قَبولها في التعليم. قدَّم “برايل” أول كتاب له بتلك الطريقة وكان ترجمة لقصائد الشاعر الإنجليزيّ الأعمى “چون ميلتون”. إلا أن اكتشافه لم يُكتب له القَبول، ورُفض عدة مرات من “الأكاديمية الفرنسية”. ظل “برايل” يعلم تلاميذه مستخدمـًا تلك الطريقة في القراءة والتعليم، رافضـًا كل عواصف اليأس أن تجتاح حياته، حتى تحقق لها النجاح عن طريق إحدى تلميذاته، عندما بَهَر عزفها على البيانو مستمعيها في أحد مسارح الكبيرة في باريس؛ لتُعلِن للجُمهور الذي ظل يصفق لها طويلاً عن دور أستاذها “برايل”: “لستُ أنا التي أستحق كل هٰذا التقدير، ولٰكن الذي يستحقه هو الرجل الذي علَّمني عن طريق اكتشافه العظيم، وهو الآن يرقد على فراش المرض وحيدًا منزويـًا بعيدًا عن الجميع!”؛ لتبدأ الصحف حملاتها لتعضيد طريقة “برايل”، وتعترف الحكومة الفرنسية باكتشافه. وعندما أُخبر “برايل” بذٰلك، قال: “لقد بكَيتُ ثلاث مرات في حياتي: أولها عندما فقدتُ بصري، والثانية كانت عندما اكتشفت طريقة حروف الكتابة، وهٰذه هي المرة الثالثة؛ وهٰذا يعني أن حياتي لم تذهب هباءً!”. لقد هبت عواصف اليأس على حياة “برايل” في محاولة منها أن تدمر كل آماله في حياة أفضل، وتعليم أفضل لفاقدي البصر، إلا أن هدفه العظيم الواضح جعله يستمر حتى تحقق له ما تمنى.
ونتذكر كلمات الشاعر:
يَا قَلْبُ! لا تَقْنَعْ بِشَوْ كِ الْيَأْسِ مِنْ بَيْنِ الزُّهُورْ
فَوَرَاءَ أَوْجَاعِ الْحَيــــــا ةِ عُذُوبَةُ الأَمَـــلِ الجَسُـــور
ولحديثنا بقية …
الأسقف العام رئيس المركز الثقافيّ القبطيّ الأُرثوذكسيّ
No Result
View All Result