تحدثنا في مقالة سابقة عن الطفلة “إيلا” وما قدمته من خير كان السبيل إلى إعادة أحد المشرَّدين لأسرته. أمّا الطفل الصغير “أوستين”، فما يزال يقدم الطعام مرة كل أسبوع إلى الذين هم بلا مأوًى بدلاً من شراء هدية لنفسه. وهٰكذا كان دور كل منهم مؤثرًا: لقد جمعت “تانا” شمل أسرتها، وامتدت مساعدة “إيلا” إلى أسرة أخرى، في حين “أوستين” قدم الخير إلى مجتمعه.
وهناك أطفال لهم أداور عالمية! “راشيل بيكويث”: طفلة لم تتجاوز التاسعة، ومع هٰذا فقد تعلمت معنى الإنسانية وقيمة الإنسان!! نعم، فقد علِمت الطفلة الصغيرة بوجود أناس في مناطق فقيرة متفرقة من العالم وبخاصة “أفريقيا” يحتاجون إلى مياه نظيفة صالحة للشرب ولا يجدون؛ فتأثرت كثيرًا وكتبت على صفحة تواصلها الاجتماعيّ: “في الثاني عشَر من يونيو 2011م، سأُتمّ سن التاسعة. لقد اكتشفتُ أن ملايين الأشخاص لا يعيشون لرؤية عيد ميلادهم الخامس. لماذا؟ لأنهم لم يتمكنوا من الحصول على مياه نظيفة وآمنة. لذٰلك أنا احتفل بعيد ميلادي بأسلوب لم يحدث من قبل! أطلب من جميع الأشخاص الذين أعرفهم أن يقدموا التبرع لحملتي بدلاً من هدايا في مناسبة عيد ميلادي، وسيُنفَق كل بِنْس (قرش) من الأموال التي تُجمع مباشرة لتمويل مشاريع الماء العذب في الدُّول النامية.”. كانت “راشيل” تأمُل في جمع 300 دولار من أجل تقديم ماء نظيف لخمسة عشَر شخصًا، إلا أنها استطاعت جمع 220 دولارًا مع حُلول يوم ميلادها.
وفي العشرين من يوليو ـ أي بعد قُرابة شهر ونصف الشهر من الاحتفال بعيد ميلادها، تعرضت لحادثة سيارة في أثناء سفرها مع والدتها وأختها: أصيبت الأم والأخت إصابات طفيفة، في حين فقدت “راشيل” حياتها قبل أن تحقق أمنيتها وتستكمل عملها الإنسانيّ!! لم تنتهِ القصة، إنما تجددت البداية! فقد قام راعي الكنيسة بإعلان أمنية “راشيل” التي لم تتمكن من تحقيقها وأعاد فتح صفحة التبرعات التي كانت قد صممتها الطفلة الصغيرة مع والدتها؛ حتى يستمر عملها ـ وهي غائبة عن عالمنا ـ في قيادة عدد كبير من البشر من محبي الخير والإنسانية إلى التبرع من أجل تخفيف المعاناة عن بقية أفراد العائلة الإنسانية في العالم؛ لتصل قيمة التبرعات في غرة أكتوبر 2011م إلى 713‚271‚1 من الدولارات!!! فوُجه التبرع بهٰذا المبلغ إلى 980‚31 شخصًا في العالم؛ لتظل ذكرى تلك الصغيرة التي قدمت مَحبةً من قلبها محفورةً في قلوب الأطفال والكبار بعد وصول المياه النظيفة إليهم: ذٰلك الحُلم الذى تحقق بعد موتها … وللحديث بقية.
الأُسقف العام رئيس المركز الثقافيّ القبطيّ الأُرثوذكسيّ