No Result
View All Result
تحدثنا في المقالة السابقة، في تعليق على رسالة “المحبة والسلام” أن السلام لا يُزرع وسط أشواك الكراهية، وعلينا أن ننزِع تلك الأشواك التي تُدْمي حياتنا في ظلال من المحبة. وإن الحياة قصيرة جدًّا لا تحتمل فقدان لحظاتها في مشاعر سلبية هادمة، كما أنه لن يتبقى منها إلا ما نقدمه من خير. وهنا أتذكر خبر تناقلته الصحف ووَكالات الأنباء وغيرها من وسائل الإعلام الأسبوع الماضي، ولٰكن دعني، عزيزي القارئ، أتساءل: ماذا ظل عالقًا بذهنك بعد جميع حفلات الزفاف التي دُعيتَ إليها؟! من الممكن أن لا تتذكر شيئًا سوى: صور ترك عليها الزمن آثاره، أو تأخير العروسين، أو الحالة الجوية لذٰلك اليوم، أو الملابس، أو الطعام، أو … إلخ. لٰكن الخبر الذي ذاع، وإن كان يتعلق بحفل زفاف، كان غريبًا:
فقد توجه كل من العروسين “كليتون وبريتاني كوك” نحو جسر إحدى الحدائق بـ”أونتاريو” في “كندا”؛ لالتقاط بعض الصور التَّذكارية لهما أثناء حفل زفافهما. وحين بدأ المصور بالتقاط صور فردية للعروس، عقدت الدهشة ألسنة الحضور عندما شاهدوا “كليتون” يقفز إلى النهر، وهو يرتدي حُلّة العُرس، غير عابئ بأيّ شيء! لتتحول عدسات الكاميرا من العروس صوب العريس الذي كان يُسرع في إنقاذ طفل يصارع الغرق؛ ذكر “كليتون”: أنه شاهد ثلاثة أطفال يتبعونه بعض الوقت، وكان يرقُبهم من بعيد ملاحظًا أنهم يقتربون من المياه، وبينما كان المصور يلتقط صورًا للعروس بمفردها، لاحظ وجود طفلين واختفاء الثالث وهو ما دعاه إلى إلقاء نظرة على المياه ليجد ذٰلك الطفل على وشْك الغرق؛ فلم يتردد لحظة واحدة وقفز من الجسر إلى النهر لينقذه، ليقوم المصور الذي فوجئ بتصرف العريس بتسجيل واقعة إنقاذ الطفل، ثم ينشر صوره عبر مواقع التواصل الاجتماعيّ. يقول المصور: ما إن التفتُّ حتى كان “كليتون” قد قفز من فوق الجسر ليُخرج الطفل من النهر إلى الضفة، فما كان عليَّ إلا أن أواصل التصوير.
تناقلت الصحف ووَكالات الأنباء قصة “كليتون” والطفل. وتُعلق “بريتاني” العروس: “اعتقدتُ، في بادئ الأمر، أنه قفز إلى الماء على سبيل المُِزاح!”، ثم تستطرد: “إن من بين الخصال التي أحببتُها في زوجي سرعة البديهة والإيثار.”. وإلى هنا انتهى الخبر، ولٰكنه لم ينتهِ من الذاكرة الإنسانية المحبة للخير: فما الذي يجعل “كليتون” يفكر في الطفل المختفي، وهو في أسعد لحظات حياته بل في بؤرة اهتمام الآخرين؟!! ماذا، سوى قلب يمتلئ بالمحبة التي تلاحظ وتهتم بالآخرين؟ إنها المحبة الحقيقية التي نضع فيها الآخرين كأنفسنا في مركز الاهتمام؛ فتتسع دائرة السعادة.
الأُسقف العام رئيس المركز الثقافيّ القبطيّ الأُرثوذكسيّ
No Result
View All Result