تحدثنا عن “تانا” ذات الخمسة أعوام. وأخذنا الحديث إلى “إيلا” طفلة الثمانية أعوام التي قدمت طعامها لمُعْوِز مشرَّد في الطريق، في محبة منها وشفقة تجلت فيهما أجمل صور الإنسانية. ولٰكن لم تنتهِ قصة “إيلا” عند حد تقديمها طعامها إلى محتاج، فقد قام والدها بوضع ﭬيديو موقف ابنته الرائع على شبكات التواصل الاجتماعيّ، كاتبًا: “تعلمَت ابنتي الصغيرة اليوم درسًا مهمًّا: أن تقدم المساعدة لأولٰئك الذين أقل حظًّا منها!! أنا فخور جدًّا بابنتي.”. وتناقلت مواقع التواصل الاجتماعيّ وصفحاته ونشرات الأخبار التليفزيونية الخبر نموذجًا لأعمال الرحمة والإنسانية؛ وقد علق الأب على ذٰلك بتقديمه الشكر إلى جميع التعليقات التي وضعت على الـﭭيديو، مضيفًا: “للحقيقة: أنا قد علّمت «إيلا» أن تفعل ذٰلك منذ أن كانت في الثالثة … لقد قدم لي كثير من الناس يد المساعدة في الحياة، ومن المهم أن أعلّم ابنتي هٰذا الدرس.”؛ إلا أن الأهم كان تلقي الأب مكالمة تليفونية من امرأة تخبره بنبرات الحزن والأسى عن أخيها: البالغ من العمر اثنين وستين عامًا، محارب قديم يعاني “اضطرابات ما بعد الصدمة”، وقد غادر المنزل منذ ستة أشهر ولم تتمكن من العثور عليه حتى شاهدته في ذٰلك الـﭭيديو وعرفت أنه بخير؛ وهٰكذا بدأت المحاولات لتواصل أسرته به. إن عمل الرحمة والإنسانية الذي قدمته “إيلا” تخطى أسرتها إلى آخرين في المجتمع، فأعمال المحبة البسيطة قد تكون دافعًا قويًّا على تغيير حياة آخرين.
“الرئيس أوستين” ـ هٰكذا يحب أن يلقبه الآخرون: هو طفل في الرابعة دمث الخلق لطيفًا، وفي كل أسبوع لمرة واحدة يتغير إلى بطل خارق يحاول إطعام أكبر عدد ممكن من المشردين!! بدأت قصة البطل الصغير عندما كان يشاهد أحد البرامج التليفزيونية عن حيوان “الباندا” حيث قامت الأم بالتخلي عن طفلها ليصبح بلا مأوًى؛ فكانت هٰذه هي المرة الأولى التي يسمع فيها من والده عن المشرَّدين الذين لا مأوى لهم ولا طعام؟! وتساءل الطفل: أيوجد مشرَّدون من البشر؟ ليعرف أن كثيرين هم بلا مأوى أو طعام فيطلب من والديه أن يحوّلا جميع ما سيقدمونه إليه من مال أو هدايا إلى شراء طعام، ثم يسارع بتوزيعه على أكبر عدد من المشردين لإطعامهم. وبينما “أوستين” يقدم إلى كل فرد طعامًا، يردد جملته الشهيرة: “لا تنسَ أن تقدم الحب!”. وعلق أحد الذين بلا مأوى بأن ذٰلك الطفل منحه الأمل! وهٰكذا تسلل الأمل وتوغل في أعماق كثيرين قاسَوا الحياة ونُضوبها، بابتسامة طفل لا يسعد إلا بأن يعطي الآخرين! وللحديث بقية …
الأُسقف العام رئيس المركز الثقافيّ القبطيّ الأُرثوذكسيّ