No Result
View All Result
يُعد الفساد أحد الأمور المدمرة للإنسان وللمجتمع بأسره، ولا تُقره الأديان، ولا الأخلاقيات الإنسانية. “الفساد” لُغويـًّا تأتي كلمة “فساد” من الفعل “فَسَدَ”، ويقال : أَفسَدَ أيْ أحدث أضرارًا أو خرابـًا؛ والفساد له عدة معانٍ: سلوك أو عادات شريرة أو خبيثة، أو إلحاق الضرر أو التلف والعَطَبْ، أو أخذ المال ظلمـًا، أو الجَدَْب والقحْط، أو التحلل العضويّ للمادة بتحلل الجراثيم، والمَفسدة تُضادّ المصلحة. وفي اللغة الإنجليزية تأتي كلمة “فساد” بمعاني: التسبب في التحول من الحالة الجيدة إلى السيئة، أو عدم الأمانة، أو العمل مقابل الرَُِّشوة، أو تعفُّن الجثة بعد الموت.
تعريف “الفساد”
يرى بعضٌ أن الفساد هو خروج الفرد عن القانون أو النظام الموضوع من أجل تحقيق مكاسب شخصية يسعى لتحصيلها على المستويات الاقتصاديّ أو الاجتماعيّ أو المعنويّ. إلا أن التعريف الدُّولي للكلمة، طبقـًا لـ”منظمة الشفافية الدُّولية”، فهو: كل عمل يتضمن سوء استخدام المنصب أو السلطة العامة لتحقيق ربح أو مصلحة خاصة للفرد نفسه أو لجماعته، ويعتبر هٰذا العمل ضد “الوظيفة العامة” المستمدة من الثقة العامة. كذٰلك وضع بعض الباحثين الفساد في درجات: فمنه الصغير الذي يتمثل في الحصول على الرَُِّشوة، أو أخذ عمولات لا تحق له، أو استخدام المحسوبيات في الوصول إلى منفعة خاصة؛ ومنه الكبير الذي يصل إلى صفقات السلاح. إلا أنني أرى أن الفساد يظل فسادًا صغُر أو كبُر، وسيجني منه الإنسان والمجتمع ثمار الدمار، تعاظم مدى الفساد أو تصاغر.
الأديان ترفض الفساد
إن الأديان ترفض الفساد بكل أنواعه وطرقه ووسائله؛ فيتحدث “داوُد النبيّ” عن الذين رفضوا الله أنهم “فَسَدُوا وَرَجُِسُوا بِأَفْعالِهِمْ.لَيْسَ مَنْ يَعْمَلُ صَلاحـًا.”، وذُكر في الكتاب أنه على الإنسان أن يبتعد عن الفساد وإلا لن يكون صالحـًا لأيّ شيء: “أَنْتُمْ مِلْحُ الأرْضِ، وَلٰكِنْ إِنْ فَسَدَ الْمِلْحُ فَبِماذا يُمَلَّحُ؟ لا يَصْلُحُ بَعْدُ لِشَيءٍ، إِلا لأنْ يُطرَحَ خارِجـًا وَيُداسَ مِنَ النّاسِ.”. وجاء في القرآن: ﴿وَإِذَا قِيْلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُواْ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلٰكِن لَّا يَشَعَرُونَ﴾. وكثيرًا ما يتساءل البشر عن السبب من خروج الفرد عن صلاحه والخير الذي تعلَّمه ليذهب في رحلة من الفساد في حياته! وكثيرًا ما تتضمن الإجابات مفاهيم تدل على السيطرة أو تدعيم النُّفوذ أو تكوين الثرَوات؛ وهٰذا لا يعنى إلا فراغـًا لحياة ذٰلك الإنسان، وافتقاده إلى الشعور بالثقة بنفسه والآخرين، وغياب الأمان الذي يجعله في سعي دائم نحو إشباع هٰذا الإحساس بالبحث عن: السلطة، أو العظمة، أو المال، أو الممتلكات؛ مع افتقار شديد إلى وجود أهداف عظيمة يحيا من أجلها في حياته تكون هي سر قوته وتمسكه الشديد بكل ما هو خير وصلاح. وعديد من أنواع الفساد يتعرض لها الإنسان في حياته، منها ما هو على المستوى الشخصيّ أو على مستوى المجتمع كله؛ وسنَعرض لها بشيء من التفصيل في المقالات القادمة.
بعض أنواع الفساد
١- الرَّشوة: وهي الحصول على مال، أو منفعة، لتنفيذ عمل أو الامتناع عن تنفيذه؛ من أجل مصلحة شخص أو مجموعة، في مخالفة صريحة للأصول أو القوانين.
٢- المحسوبية: تنفيذ أعمال لمصلحة فرد أو أفراد دون استحقاق لها.
٣- المحاباة: وفيها يفضّل الإنسان شخصـًا عن آخر بغير حق؛ للحصول على مصالح معينة.
٤- الواسِطَة: تدخُّل الإنسان من أجل تنفيذ مصلحة لفرد، دون مراعاة لأولويات الآخرين وإمكاناتهم التي قد تتيح لهم الحصول على هٰذه المصلحة عينها. وليست الواسِطَة هي دائمـًا في تقديم المصالح، لٰكنها قد تُستخدم في الإساءة إلى شخص.
الأسقف العام رئيس المركز الثقافيّ القبطيّ الأرثوذكسيّ
No Result
View All Result