إن مِصر دولة عظيمة منذ فجر تاريخها. شعبها أبيّ. تظهر أصالته وعظمته دائمًا في المَحَكّات والمواقف التي تمر به. ولكم من مواقف وقصص سُطِّرت على صفحات التاريخ وحُفرت على جدران الزمن تشهد للمِصريّ وعظمته. ومع النجاح المنقطع النظير الذي حققه الشعب المِصريّ في الاستفتاء على الدُّستور، يؤكد المِصريُّون من جديد على ما لديهم من قدرة هائلة على اجتياز الانتخابات الرئاسية والتشريعية القادمة. مؤكدين في سبق جديد على: عبقرية المِصريّ، وعراقته، وحضارته المتأصلة فيه، وقوة إرادته، وعمق مخزون “قوته الناعمة” في: السياسة، والفكر، والثقافة، والفن، والصحافة، والإعلام. فبلد كمِصر وشعب كشعبها إنما يحتاجان إلى شخص جدير بقيادتهما في مسيرة تُظهر عمق عظمتها، وشموخها، وقوتها المتأصلة فيها.
بداية يجب الإقرار بأن مهمة رئاسة جمهورية مِصر العربية ـ وفي هٰذه المرحلة خاصة ـ صعبة وشاقة بكل المقاييس. إلا أن آمال الشعب المِصريّ معقودة على من سيتولى رئاسة البلاد ليعبُر بها من أزمتها إلى شاطئ الأمان.
فالرئيس القادم نطلب إليه أن يكون: حاملًا مِصر في قلبه، ساعيًا لإعلاء شأنها، عاملًا على ترسيخ هيبتها، مجاهدًا لبنائها، معيدًا لها كرامتها وعزتها وريادتها، محافظًا على أمنها وسلامها، عالمًا بأمورها الداخلية والخارجية.
صفات الرئيس
يجب أن يكون الرئيس: عادلًا، أبًا، راعيًا، شجاعًا، مبادرًا، قائدًا، موضوعيًّا، قويًّا، واثقًا، ذكيًا، حكيمًا، مرنًا، هادئًا، باذلًا، واعيًا، مؤمنًا، واضحًا، عارفًا، قادرًا، مثقفًا.
عادل
قال الكتاب: “الْعَدْلُ وَالْحَقُّ قَاعِدَةُ كُرْسِيِّهِ.”؛ لأنهما أساس حُكم الله. وقيل للخليفة العادل عُمر بن الخطاب: “عَدَلتَ فأمِنتَ فنمتَ يا عُمر”. وقال الإسكندر الأكبر: “لا ينبغي لمن تمسَّك بالعدل أن يخاف أحدًا”. فعليه أن يعامل الجميع دون تفريق أو فُرقة، فلا يهاب أحدًا لتستقر قاعدة كرسيّه.
أب
أب لكل المِصريِّين، يعمل لمصلحتهم ونفعهم، ويحنو عليهم، ويتفهم حاجاتهم، عاملًا على تحقيق آمالهم وطموحاتهم.
راعٍ
• راعٍ مسؤول عن رعيته كلها أمام الله.
• راعٍ للفقراء والمعوزين، محبًا لهم، عطوفًا وشفوقًا، موفرا لهم حاجاتهم من أجل حياة كريمة لأفراد شعبها كافة.
• راعٍ لذوي الحاجات الخاصة، مفسحًا لهم مجالًا يستطيعون فيه المشاركة.
• راعٍ للمواهب من الأطفال والشباب، وموجها طاقاتهم الإبداعية.
شجاع
قادر على المواجهة و تحمل مسؤولية القرار.
مبادر
لكل ما هو خير للشعب والوطن، ولا تكون أعماله وقراراته ردود أفعال لما يجري حوله من أحداث.
قائد
لديه خِبرات سابقة تُـؤهله للقيادة. فريق عمله الرئاسي يكون: كُفءًا لما يُسند إليه من مهام، على قدر عالٍ من الخبرة وتحمل المسؤولية والقدرة على العمل بنزاهة ـ كلٌّ في موقعه ـ لمصلحة الوطن.
موضوعيّ
له النظرة الموضوعية دون التأثر بالخارج ـ سلبًا أو إيجابًا ـ ولا ينحاز إلى أي فكر يُضر بمصلحة البلاد.
قويّ
له عزيمته القوية، مثابر، قادر على التحدي، ولا ييأس من المشكلات، ويواجه الصعاب إيجابيًا لتحقيق الإنجازات، يصنع النجاح بعزيمة لا تُقهر.
واثق
بنفسه، وقدراته، ومجموعة عمله.
ذكيّ
يُدرك المعاني والرسائل والإشارات، قادر على تحليل الأمور للوصول إلى النتائج الصحيحة واتخاذ القرارات السليمة.
حكيم
• لديه خُطة حكيمة لإدارة البلاد.
• قادر على التعامل بحكمة في المواقف المتعددة، وتجاه الشخصيات المتنوعة.
مرن
منفتح على الأفكار الجديدة، محتوٍ الجميع في قلبه.
هادئ
في قراراته، في رد فعله؛ ليعالج الأمور بالطريقة الملائمة التي تحتوي المواقف.
باذل
الجُهد والعرق والوقت من أجل مصلحة مِصر.
واعٍ
يقول المثل العربيّ: “من وعى التاريخ في صدره أضاف أعمارًا إلى عمره”. فيعي دروس التاريخ، ويتجنب أخطاء الماضي، مسطِّرا حاضرًا واعدًا ومستقبلًا مشرقًا.
مؤمن
• بالدين؛ فيخاف الله، ويحترم الأديان.
• بالعلم؛ لأنه الطريق نحو التقدّم والرقيّ، وهو النور الذي يُزيل ظلام الجهل.
• بقدرات شعبه، وعزائم شبابه.
• بدور المرأة؛ وأهمية ما تقدمه لأسرتها، وخدمتها لمجتمعها: بالعلم، والعمل والمشاركة.
واضح
له أهداف واضحة يقود إليها دولته وشعبه للنهوض بهما، وللنجاح في مسؤولياته ومهامه؛ محددًا خَُطوات العمل الواجب اتخاذها سريعًا، وتلك الأخرى المستقبلية.
عارف
مدرك لأوضاع البلاد وقضاياها السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، وبمشكلات الشعب الأساسية، مُلما بجميع الاتفاقيات الدُّولية المبرمة ووسائل تعديلها، بما لا يُضر الطرف المِصري.
قادر
• على إدارة دفة البلاد مع كل من الحكومة والبرلمان.
• على إدارة مؤسسات الدولة على النحو الصحيح، واتخاذ القرارات، والنهوض بالبلاد، وحمايتها، واستعادة أمنها واستقرارها.
مثقف
واسع الثقافة في العديد من مجالات الحياة.
ماذا يريد الشعب من الرئيس القادم؟
من خلال مراسلات وتعليقات واتصالات متنوعة جاءتنا من بعض فئات الشعب تعكس مدى تفاعله، بالإضافة إلى ما يذاع وينشر في وسائل الإعلام، يمكن توقع أن:
• الشعب يريد من الرئيس القادم أن يُعيد إلى مِصر هُويتها المِصرية، مقدمًا بَرنامَجًا انتخابيًا قويًا لتقدم البلاد.
• الشعب يريد رئيسًا يحافظ على وِحدته، ووِحدة أرضه ضد كل عدو ـ سواء أكان في الداخل أم في الخارج.
• الشعب يريد إعادة ثروات بلاده إليه، واستخدامها بما يقدم لها ولأبنائها الرخاء والخير.
• الشعب يريد تنفيذ المشاريع القومية التي تضع مِصر في المكانة اللائقة بها عربيًا وأفريقيًّا ودُوليًّا، وبما يجعلها تسترد دورها الرياديّ وسط دول العالم الذي طالما لعِبَته عبر الزمان.
• الشعب يريد الاهتمام بالمنظومات الأساسية التي تصيغ حياة مواطنيها: منظومة التعليم، ومنظومة الصحة، ومنظومة البحث العلميّ، ومنظومة المياه، ومنظومة الزراعة.
• الشعب يريد الاعتماد والتعاون مع العلماء، والخبراء، والكفاءات التي تعمل من أجل منفعة الوطن؛ فالشعب يريد الاستعانة بأهل الخبرة لا أهل الثقة.
الشعب يريد مكافحة الفقر والعشوائيات، ورفع مستوى المعيشة من خلال المشروعات القصيرة الأجل والطويلة الأجل، بالإضافة إلى البرامج التنموية الاقتصادية والبشرية.
• الشعب يريد الضمان الاجتماعيّ ورفع الحد الأدنى للأجور والرواتب.
• الشعب يريد دراسة وسائل وأساليب متنوعة تُتيح إمكانية القيام بعملية التوظيف.
• الشعب يريد استقرار الأمن؛ لأن البلاد في حاجة ماسة إلى تنشيط السياحة مرة أخرى، وإعادة المستثمرين الأجانب لإقامة المشروعات في البلاد.
• الشعب يريد رفع مستوى معيشة أهل سيناء والنوبة، والاهتمام بهم صحيًا، وتعليميًا، وثقافيًا؛ لأنهم جزء لا يتجزأ من هٰذا الوطن.
• الشعب يريد وأد الفتن إلى غير رجعة، وتوحيد قوى الشعب في تماسك حقيقيّ، مع تحقيق المعادلة الصعبة في استيعاب فئات الشعب وتياراته السياسية في تدرج وتلطف؛ للوصول إلى أهداف المجتمع بالحِلم والتسامح.
• الشعب يريد غرس القيم والأخلاق من خلال وسائل الإعلام ومنابر الثقافة.
• الشعب يريد توطيد العَلاقة بينه وبين مؤسسات الدولة.
• الشعب يريد العمل على القضاء على بؤر الفساد في أي مؤسسات أو هيئات.
• الشعب يريد استخدام الحزم والانضباط في إدارة شؤون الدولة لإعادة روح الثقة بين الجميع.
• الشعب يريد تنفيذ القانون وتفعيله، وأن يأخذ كل ذي حق حقه.
• الشعب يريد رئيسًا يحقق له شعار ثورته: “عيش، حرية، عدالة اجتماعية، كرامة إنسانية”.
إذًا الرئيس الجدير بإدارة بلدنا مِصر هو من سيكسِب ثقة شعب مِصر، ويكون برنامجه الانتخابيّ موافقًا لمصالحه وحل همومه وتنفيذ مطالبه.
أخيرًا
في أيام البطالمة زار مِصر وفد رومانيّ، وتفقد أحوالها، ودرس موقعها، وزار الإسكندرية، والفنار، ومنف؛ وجمع معلومات عن الأراضي المِصرية، ونيلها، ومدنها، وشعبها وقال: “إن هٰذه البلاد يمكنها أن تصبح دولة قوية وعظيمة، إذا وُضع على رأسها أسياد جديرون بتولي شؤونها.”.
حقًا نحن نحتاج رئيسنا أن يكون جديرًا بهٰذا البلد الذي كان ملجأً: لإبراهيم خليل الله، ويعقوب، ويوسُِف الصِّديق الذي صاهر فِرعَون مِصر، وموسى النبيّ كليم الله الذي تهذب بكل حكمة المِصريِّين، وسُلَيمان الحكيم الذي تزوج ابنة فِرعَون مِصر، وإرميا النبيّ، وكان البلد الذي استقبل السيدة مريم العذراء وابنها ويوسُِف النجار.
نصلي من أجل مِصر ومؤسساتها، وشعبها، ضارعين إلى الله أن يحفظها من كل سوء، ويصونها من كل شر، ويوحد شعبها ملتفًا حول رجل واحد جدير بقيادتها إلى ما فيه رخاؤها، وازدهارها، واستقرارها؛ لينعم شعبها بالهدوء والطمأنينة والسلام، وتستعيد مِصر مجدها التَّليد.
الأسقف العام ورئيس المركز الثقافيّ القبطيّ الأُرثوذكسيّ