وتتجدد دروس الشعب المِصريّ المذهلة للعالم مع نتيجة الاستفتاء التي أقرت الدستور المِصريّ الجديد، التي توحد فيها شعبها ليكون قلبًا ورأيًا واحدًا، رجالًا وسيدات، شيوخًا وشبابًا، يسعَون لأجل مِصر. فمِصر أم ولود أنجبت أبناءً أبرارًا؛ عظماء لهم دور واضح في التاريخ وفي عديد من المجالات. وقد أنجبت مِصر قائدًا، حكيمًا، ابنًا، وفيًا، مخلصًا، انحاز إلى إرادة شعبها فساند ثورته للخروج من أزمة عارمة كادت تهوي بالبلاد إلى خطر مدمر؛ فأوقف نزيف الدم المِصريّ بحكمة بالغة، ورؤية ثاقبة قائلًا: “إرادة الشعب المِصريّ وحده هي التي تحكُمنا، ونحترمها، ونرعاها بكل تجرد ونزاهة وشرف دون تزييف. ويخطئ من يعتقد أنه يمكن الوقوف أو التصدي أمام هٰذه الإرادة أو مجابهتها بالعنف.”. إنه الفريق الأول “عبد الفتاح السيسي” القائدالعام للقوات المسلحة، وزير الدفاع والإنتاج الحربيّ، النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء.
الفريق الأول السيسي
عبدالفتاح سعيد حسين خليل السيسي الشهير بـ”عبد الفتاح السيسي”. من مواليد التاسع عشر من نوڤمبر 1954م بحيّ الجمالية. متزوج وله ثلاثة أبناء وابنة واحدة. حصَل على بكالوريوس العلوم العسكرية في الكلية الحربية المِصرية عام 1977م. وفي 1987م حصَل على ماچستير العلوم العسكرية في كلية القادة والأركان، ثم ماچستير العلوم العسكرية في كلية القادة والأركان البريطانية ىعام 1992م. كما حصَل على زمالة كلية الحرب العليا في أكاديمية ناصر العسكرية العليا عام 2003م، وزمالة كلية الحرب العليا الأمريكية عام 2006م.
شغَل الفريق الأول السيسي عدة مناصب:
– رئيس فرع المعلومات والأمن بالأمانة العامة لوزارة الدفاع
– قائد كتيبة مشاة ميكانيكيّ
– ملحق دفاع بالمملكة العربية السَّعودية
– قائد لواء مشاة ميكانيكيّ
– قائد فرقة مشاة ميكانيكيّ (الفرقة الثانية)
– رئيس أركان المنطقة الشمالية العسكرية
– قائدًا للمنطقة الشمالية العسكرية
– مدير إدارة المخابرات الحربية والاستطلاع؛ وهو التطور الطبيعيّ لمن يخْلص في عمله ويجدّ فيه ويعمَله بدقة
وبعد ثورة الخامس والعشرين من يناير، كان أحدَ أعضاء المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي تولى إدارة شؤون البلاد بعد تنحي الرئيس الأسبق “مبارك”. وفي تلك الفترة عمِل في صمت وهدوء من أجل مصلحة البلاد، وفي حدود مسؤوليته. وفي الـ12 من أُغسطس2012م، أصدر الرئيس السابق محمد مرسي قرارًا بترقية “السيسي” من رتبة لواء إلى رتبة “الفريق الأول”، وبتعيينه وزيرًا للدفاع وقائدًا عامًا للقوات المسلحة خلفًا للمشير مُحمد حسين طنطاوي.
وقد حصَل الفريق السيسي على عدد من الأوسمة والأنواط والمِيداليات : ففي 1998م حصَل على مِيدالية الخدمة الطويلة والقُدوة الحسنة، وعلى نَوط الواجب العسكريّ من الطبقة الثانية في 2005م، ونَوط الخدمة الممتازة في 2007م، ونَوط الواجب العسكريّ من الطبقة الأولى في عام 2012
شخصيته هو رجل: (المبادئ – المسؤولية – المشاركة – الرؤية – الوطنية)
رجل المبادئ
نشأ الفريق السيسي وتتلمذ في حياته المبكرة على قادة عظام من الجيش المِصريّ؛ فجرت في دمائه مبادئ العسكرية الأصيلة: الشرف، والكرامة، والإخلاص، والجَِدية؛ ممتزجة بالبذل والتضحية في سبيل الوطن. ولقد أدرك معنى”الوطن”، وأن جيش البلاد هو جزء لا يتجزأ من هٰذا الوطن؛ يُخْلص له ويتفانى في خدمته ويأبي عليه إلا أن يحيا كريمًا في عزة وإباء. ومن خلال المسؤولية الملقاة على عاتقه، قام بدوره تجاه المؤسسة العسكرية التي يقودها، والمسؤولين في الدولة، وشعب مِصر.
رجل المسؤولية
للجيش تحمُّل المسؤولية هو إحدى السمات الواضحة في شخصية الفريق السيسي؛ فبالنسبة إلى المؤسسة العسكرية استطاع أن يعبُر بالأزمة التي تعرض لها الجيش بكل اقتدار وسلام. وقد نجح في أن يعِيد ثقة جنوده في أنفسهم؛ من خلال: بث روح الثقة داخل الصفوف، وإعادة التدريبات العسكرية من خلال وجوده ومشاركته الجنود تدريباتهم؛ معطيًا المثل للقائدالحقيقيّ القُدوة الذي يعمل قبل أ ن يتكلم.
للدولة
أدرك الفريق السيسى فكرة الدولة، والمسؤولية تجاه هٰذا المفهوم، لذا وجدناه دؤوبًا على بذل الجُهد والعمل بجِد محاولًا إبعاد أي خطر يمَسها. فكان له دور رياديّ مع قيادات ومسؤولي الدولة؛ ساعيًا بكل جِد وشرف وأمانة في العمل على حل المشكلات والخلافات التي كانت تعطل مسيرة الطريق. فمع بَدء ظهور الفجوة في المجتمع المِصريّ بعد الإعلان الدُّستوريّ في نوڤمبر 2012م، حاول القيام بمبادرة مصالحة وطنية لحل الأزمة السياسية التي نشِبت بين قوى المجتمع، إلا أنها لم تكتمل. ولم يتوقف بل استمر في تقديم الأمور بكل إخلاص وأمانة لحماية البلاد من الدخول في صراعات.
وقد نبع هٰذا من شعوره الدائم بالمسؤولية تجاه الوطن: “لكن أنا عايز أقول إن فيه مسؤولية أخلاقية ووطنية وتاريخية ملقاة على عاتقنا جميعًا. فيه مسؤولية هنقف فيها قدام ربنا كمان ودِيه أكتر من كل المسؤوليات، وهنتحاسب على اللي احنا بنعمله واللي هنعمله. لن نقبل، ولن نوافق أو نسمح بدخول مِصر في نفق مظلم؛ من الصراع، أو القتال الداخلي، أو الحرب الأهلية، أو الفتنة الطائفية، أوانهيار مؤسسات الدولة. أرجو إن احنا كلنا نحمي مصر”
وحفاظًا على بلاده، وإدراكًا منه لِما يحدث على أرض الواقع، وبحكم موقعه، قدَّم النصح إلى الرئيس السابق حتى اللحظة الأخيرة، تاركًا له كل فرصة مواتية لإصلاح الأمور: “لٰكن كنت بأنقل له بإخلاص الواقع اللي موجود في الشارع المِصري والرأي العام علشان ينتبه، وعلشان يقدر يتحرك بسرعة قبل فوات الأوان …كنا بنقول الحلول إيه، إيه الحلول اللي ممكن تتعمل لإيجاد مخرج من الأزمة.”
للشعب
أمّا بالنسبة إلى الشعب المصري، فقد شعَر الفريق السيسي بمسؤوليته تجاهه مًدركا ما يتعرض له من ضغوط وآلام. كما أدرك احتياج الشعب إلى من يسانده وينتصر لإرادته؛ ومن يثق الشعب بأن يستند إليه سوى أبنائه المخلصين وجيشه المدافع عنه؟!! فما زالت كلماته عن مسؤوليته تجاه الشعب تتردد في وِجدان المِصريين: “ونحن مسؤولون مسؤولية كاملة عن حماية إرادة هٰذا الشعب المِصريّ العظيم. خليني أقول لكم: أنهي مروءة اللي نقدر نعيش بيها إحنا كضباط في الجيش وضباط صف، لما نشعُر إن الشعب المِصري كله مروَّع وخايف؟! إحنا نروح نموت أحسن بقى!!”.
رجل المشاركة
ويهتم الفريق السيسي بالمشاركة والعمل الجماعيّ؛ وقد يكون لهٰذا أصول ترجع إلى حياته العسكرية؛ فهو ينتمي إلى سلاح المشاة الذي يعمل في تشكيلاته بأسلوب جماعيّ. وقد ظهر هٰذا جليًّا في المصالحة الوطنية التي دعا إليها جميع الأطراف دون إقصاء لأحد. كذٰلك فإن قراره بمناصرة شعب مِصر في بيان الثالث من يوليه 2013م بإعلان خارطة الطريق، أتى في إطار من المداولات والدراسات مع القوى الشعبية، والاتجاهات السياسية. فهو يؤمن بأن على الجميع أن يعمل ويتكاتف من أجل مصلحة مِصر: “إن التحديات التي نجابهها جميعًا تتطلب الاصطفاف الكامل من كل المِصريين للتغلب عليها وعبورها بأمان”.
رجل الرؤية
لقد تمتع الفريق السيسي برؤية ثاقبة للأمور والأوضاع في البلاد. وقد ساعده في ذٰلك الخبرات التي اكتسبها في قيادته عديدًا من المواقع، وبخاصة المخابرات الحربية والاستطلاع، والتي يعتمد العمل فيها على الدقة الشديدة للمعلومات التي يجري الحصول عليها، وأيضًا القدرة على تحليل هٰذه المعلومات تحليلًا علميًّا دقيقًا لاتخاذ ما يلزم من إجراءات أو مواقف. لقد كانت له رؤية حقيقية وواقعية للأزمة التي ينجرف إليهاالوطن، وما يمكن أن تؤول إليه الأمور من صراع مدمر وإراقة للدماء.
وأيضًا لم يكن بعيدًا عن نبض الشارع المِصري شاعرًا بحاجاته، وآلامه، مدفوعًا بمحبة جارفة عميقة نحو المِصريين. وحين قرر التدخل كان هٰذا من واقع مسؤوليته، وتفهمه لرسالةالجيش الحقيقية تجاه الشعب والبلاد: “كل كلمة أنا قلتها متجردة إلا من حاجة واحدة بس: حب البلد، وحب الناس، كل الناس المسلم والمسيحي، كل الناس.”.
رجل وطنيّ
لقد استطاع الفريق السيسي أن يُدرك عظمة الشعب المِصري وقدرته على تحقيق المستحيل، ولِمَ لا وهو الشعب الذي طالما أبهر العالم بقدراته وقت الأزمات والألم! وما زالت الكلمات تتردد أصداؤها في وِجدان كل مِصري: “لقد عانى هٰذا الشعب الكريم ولم يجدْ من يرفَُق به أو يحنو عليه، وهو ما يُلقي بعبء أخلاقيّ ونفسيّ على القوات المسلحة التي تجدُ لزاما أن يتوقف الجميع عن أي شيء بخلاف احتضان هٰذا الشعب الأبِيّ؛ الذى برهن على استعداده لتحقيق المستحيل إذا شعر بالإخلاص والتفاني من أجله.”. وبالفعل قدَّم جنودالجيش وقائدهم، وضحَّوا، واحتملوا من أجل استقرار البلاد وسلامة أرضها وأمنها.
إن نشأة الفريق السيسي المِصرية الأصيلة وإنتماءه إلى المؤسسة العسكرية حفَرَا مِصر في قلبه؛ فقد تعلَّم معنى الوطن فأصبح سعيه وعمله هما لتحقيق كل ما يؤول أولًا وقبل أي شيء إلى مصلحة بلاده في وطنية كاملة. وتؤكد مواقفه التي شهِدناها وطنيته المتأصلة في أعماقه؛ فهو لم يعتدّ في قراراته ببلد أو بأشخاص سوى مِصر والمِصريين.
ومع أنه أول وزير دفاع مِصريّ درس العلوم العسكرية فى أمريكا ـ مما قد جعل البعضَ أن يعتقد أنه سيكون رَجلهم ـ إلا أنه قاد مِصر وشعبها وجيشها في عكس ما اعتقدوا، وبقوة وجَراءة وتحدٍ نابعة من إيمان راسخ عميق بمكانة مِصر التي قال عنها الكتاب إنها “كجنة الله كأرض مِصر”، وذكر القرآن عنها: “اُدخلوا مِصر إن شاء الله آمنين”، وقال عنها مثلث الرحمات البابا شنوده الثالث: “مِصر ليست وطنًا نعيش فيه، بل وطن يعيش فينا . ”ونختم حديثنا بما قاله عنها الفريق السيسي: ” مصر أم الدنيا وهتبقى أد الدنيا!!”.
الأسقف العام ورئيس المركز الثقافيّ القبطيّالأُرثوذكسيّ