No Result
View All Result
بعد أيام معدودات، تستعد فيها «مِصر» وأبناؤها لتقديم هدية جديدة إلى العالم: افتتاح مشروع «قناة السويس الجديدة»، ذلك الشَِّريان الجديد للخير لـ«مِصر» وللعالم. وفى تاريخ «قناة السويس»، نجد أن أهميتها أدت إلى خلق تصارع دُولى عليها، فتأثرت الملاحة فيها عدة مرات، وافتُتحت عددًا آخر.
افتتاح «قناةالسويس» ١٦/١١/١٨٦٩م
جاء افتتاح «قناة السويس» الأول بعد ١٠ أعوام من العمل والحفر جريا بأيدٍ مِصرية خطَّت بدمائها حُلم «مِصر» والعالم بوجود شَِريان مائى يربط الشرق بالغرب. بدأ الحفر في إبريل من عام ١٨٥٩م، في عهد «سعيد باشا» حاكم «مِصر»، وانتهى في عهد الخديو «إسماعيل باشا». ومع الانتهاء من حفر القناة، سافر «إسماعيل» إلى «أوروبا» في مايو من عام ١٨٦٩م، داعيًا ملوك حكومات أوروبا وأمراءها ورؤساءها، وأشهر أعلام السياسة والعلم والأدب والفن، إلى حضور حفل افتتاح «قناة السويس» المقرر ميعاده في السادس عشر من نوفمبر من العام نفسهبدأ الإعداد للحفل الذي قُدر أن يكون مدعوُّوه ما يقرب من ٦٠٠٠ مدعو، حيث أقيمت ٣ مَناصّ كبيرة على شاطئ البحر، مكسوةً بالحرير والديباج ومزينة بالأعلام: فخُصصت المِنصة الوُسطى منها لخديو «مِصر» مع المدعوِّين، وواحدة لرجال الدين الإسلامى، والأخرى لرجال الدين المَسيحى. وأقيمت على الشاطئ مَظال للجماهير المدعوَّة.
بدأ قدوم ضُيوف «مِصر» إلى «بورسعيد» للمشاركة في الاحتفال في أكتوبر، وامتلأت المدينة بالمِصريِّين لحضور الافتتاح، منتشرين بمختلِف طوائفهم من: فلاحين، وأبناء الصَّعيد، وبدو، على طول القناة، حيث كان «إسماعيل» مع حاشيته ووُزرائه في استقبالهم. أمّا تأمين الحفل والحفاظ على نظامه، فقد كان إحدى مهام قوات الجيش المِصرى. ومع وصول مدعوِّى «مِصر»، واحدًا تَلْو الآخر، كانت طلقات المدافع مدوية احتفالًا بهم. وكانت السفن التي حملت ضُيوف «مِصر» ترسو بالمَرفأ على شكل قوس، بأعداد كبيرة قيل إنها فاقت ٨٠ سفينة! إضافة إلى سفن حربية: ٦ سفن مِصرية، و٦ فرنسية، و١٢ إنجليزية، و٧ نمساوية، و٥ ألمانية، وواحدة روسية، وواحدة دِنماركية، وهولنديتَين، وإسبانيتَين.
حضر الافتتاح: الإمبراطورة «أوچينى»، وإمبراطور النمسا، وولى عهد «بروسيا»، وولى عهد «هولندا» وحرمه، وسفير «إنجلترا» في «تركيا» وحرمه، والأميرة «مورا»، والأمير «مُحمد توفيق باشا» ولى عهد «مِصر»، والأمير «هوفمان لو»، والجنرال «أغنانيف» وحرمه. وبدأ الاحتفال، مساء السادس عشَر من نوفمبر عام ١٨٦٩م، بحفل دينى من رجال الديانتين الإسلاميّة والمَسيحيّة، امتلأ بالدعاء والصلوات من أجل «مِصر» والقناة بأن يرعى الله هذا العمل ويكلله بالنجاح ويباركه. وعقب ذلك، كانت كلمة فرنسية ألقاها السيد «باور» شكر فيها الخديو «إسماعيل» على قيامه بهذا العمل العظيم، الذي على حد تعبيره، قال إنه: «أدى إلى تصافح الشرق والغرب». واستمرت الاحتفالات حتى صباح اليوم التالى السابع عشَر من نوفمبر، عندما بدأت السفن تمر في «قناة السويس» يتقدمها يخت الإمبراطورة «أوچينى».
افتتاح «قناة السويس» ٢٤/٤/١٩٥٧م
ونتيجة العُدوان الثلاثى الذي تعرضت له «مِصر» من: «إنجلترا»، و«فرنسا»، و«إسرائيل»، توقفت الملاحة في «قناة السويس»، لغرق بعض السفن فيها، وذلك في الفترة من الحادى والثلاثين من أكتوبر عام ١٩٥٦م حتى الرابع والعشرين من إبريل عام ١٩٥٧م. وقد كان هناك سعى مستمر لا يتوقف لإعادة حركة الملاحة في القناة في أسرع وقت، إذ توقُّف الملاحة قد ترك بدرجة كبيرة أثرًا في اقتصاديات دُول العالم التي تمثل «قناة السويس» بالنسبة إليها شَِريان الحياة، ويظهر هذا من قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة في قرارها الخاص بوقف إطلاق النار الصادر في الثانى من نوفمبر عام ١٩٥٦م الذاكر: «وتحث المبادرة، فور نفاذ وقف إطلاق النار، على اتخاذ التدابير اللازمة لإعادة فتح (قناة السويس) وتأمين حرية الملاحة وسلامتها».
افتتاح «قناة السويس» ٥/٦/١٩٧٥م
تعرضت «مِصر» للعُدوان الإسرائيلى في الخامس من يونيو ١٩٦٧م. وبدأت الحرب بين «مِصر» و«إسرائيل»، فتأثرت الملاحة في «قناة السويس» بالمعارك التي شنتها قوات العدُو، وقد أغلقت القناة عدة مرات، ثم أغلقت نهائيًّا مدة استمرت ٨ سنوات. وبعد انتصار «مِصر» في السادس من أكتوبر عام ١٩٧٣م، بعبور القناة وتحطيم «خط بارليف»، افتُتحت «قناة السويس» مرة أخرى أمام العالم وعادت الملاحة إليها في الخامس من يونيو عام ١٩٧٥م.
افتتاح قناة السويس ١٦/١٢/١٩٨٠م
نتيجة ما شهِده العالم من تطور في أحجام الناقلات، كان يجب مواكبة هذا التطور بتطوير «قناة السويس» لتسمح بعبور الناقلات العملاقة. وكانت المرحلة الأولى من المشروع تهدُف إلى توسيع القناة وتعميقها في المنطقة الواقعة بين «بورسعيد» والكيلومتر رقم ٦١، وأيضًا بين الكيلومتر رقم ٦١ إلى «بوغاز السويس»، والوصول بالغاطس المسموح به إلى ٥٣ قدمًا. وقد استغرقت هذه المرحلة قرابة ٦ سنوات، قام الرئيس الراحل «مُحمد أنور السادات» بعد الانتهاء منها بافتتاح القناة في السادس عشَر من ديسمبر عام ١٩٨٠م، وقال آنذاك في كلمته: «اليوم، ونحن نفتتح هذه القناة، ويحتفل معنا العالم كله، أقدِّم إلى العالم (مِصر)، (مِصر) أكتوبر، (مِصر) الإنجاز، (مِصر) التي لا تعرف المستحيل».
افتتاح قناة السويس ٦/٨/٢٠١٥م
وفى مستحيل جديد يتصدى له المِصريُّون، وكعادتهم يحققونه وسْط دهشة العالم، يقوم السيد رئيس جُمهورية مصر العربية «عبدالفتاح السيسى» بافتتاح مشروع «قناة السويس الجديدة» هدية من «مِصر» إلى العالم. وما أشبه هذا الاحتفال بذاك حين افتتاح قناة السويس في عام ١٨٦٩م! فافتتاح القناة، التي ربطت الشرق بالغرب أول مرة، يماثل إضافة شَِريان جديد بحفر قناة موازية لـ«قناة السويس» أمام العالم.
والقناة الموازية، «قناة السويس الجديدة»، تم حفرها من الكيلومتر رقم ٦٠ بترقيم القناة شمالًا إلى الكيلومتر رقم ٩٥ بترقيم القناة جنوبًا، مع التوسيع والتعميق في تفريعات «البحيرات المرة» و«البلاح» على طول ٣٧ كيلومترًا. وتهدُف القناة الجديدة إلى تقليل زمن عبور السفن للقناة في كلا الاتجاهين، وستتمكن السفن العملاقة ذات الغاطس فوق ٤٥ قدمًا من عبور القناة في كلا الاتجاهين وبأعداد غير محدودة، بعكس الحال قبل إنشاء القناة الجديدة، حيث تسمح القناة الحالية بمرور ٨ سفن عملاقة فقط ذات غاطس فوق ٤٥ قدمًا؛ وذلك لأن الأعماق الجديدة تسمح بمرور غاطس حتى ٦٦ قدمًا في كلا الاتجاهين، وعلى طول الممرات الملاحية.
إن مشروع «قناة السويس الجديدة» هو مشروع مِصرى، بدأت أولى خُطواته التنفيذية في الخامس من أُغسطس ٢٠١٤م، بعد أن دشنه الرئيس «عبدالفتاح السيسى» ليحفِر تاريخًا جديدًا في ذاكرة التاريخ البشرى، خطَّته إرادة المِصريِّين القوية الصامدة المتحدية للصعاب والمشكلات، في درس جديد يقدمونه إلى العالم عن «مِصر» الخالدة التي تُبنى بسواعد أبنائها.
وقد دُعِى ملوك دُول العالم ورؤساؤها، وكبار رجالات الحكومات والدُّول، إلى حضور الاحتفال الذي سيتضمن افتتاح الرئيس «عبدالفتاح السيسى» للقناة الجديدة.
إن «مِصر» هي دائمًا بلد الخير والعطاء الذي قدَّم كثيرًا إلى العالم، ومايزال لديه كثير ليقدمه، إنه هبة الله للخير والبُنيان. أهنئ المِصريِّين والعالم بأسره بشَِريان الخير الجديد. وليبارك الله «مِصر» ويحفظها من كل شر، و… وعن مصر الحلوة الحديث لا ينتهى…!
الأسقف العام رئيس المركز الثقافى القبطى الأرثوذكسى
No Result
View All Result