أهنئكم جميعًا بالأعياد التى تشهدها «مِصر» هٰذه الأيام: فيحتفل إخوتنا المسلمون بـ«عيد الأضحى»، ويحتفل المَسيحيُّون بـ«عيد السيدة العذراء»؛ فكل عام وجميعكم بخير، ونطلب إلى الله أن يعم السلام والفرح والخير رُبوع مِصر وحياة المِصريِّين جميعًا.
تحدثنا فى المقالتين السابقتين عن الاحتمال والتواضع فى حياة «السيدة العذراء»، ونتحدث اليوم عن تبارك بلادنا بـ«ظهورات السيدة العذراء».
تقدم لنا صفحات التاريخ عددًا من ظهورات «السيدة العذراء» فى «مِصر»:
ظهورها فى «أتريب»
كان ذٰلك فى أيام الخليفة «المأمون» عندما أمر بهدم الكنائس، فجاء الوالى إلى «كنيسة السيدة العذراء فى أتريب» لتنفيذ الأمر، وطلب كاهن الكنيسة إليه أن يمهله حتى يُحضر أمرًا من الخليفة بوقف الهدم، فأمهله ثلاثة أيام؛ وفى خلال تلك المهلة التى امتلأت بالصوم والصلوات، ظهرت «السيدة العذراء» للخليفة، وطلبت منه كتابة رسالة إلى والى «مِصر» يأمره بعدم هدم كنيستها فى «أتريب»؛ وقد ظهر طائر أبيض حمل الرسالة إلى الوالى الذى اعتراه أشد العجب فور قراءتها، ورجع عن هدم الكنيسة.
ظهورها «للبابا أبرآم»
حدث فى أيام الخليفة «المعز لدين الله الفاطمى» أن وشى وزيره اليهوديّ «يعقوب بن كِلِّس» بالمَسيحيِّين: عندما أخبر الخليفة أن آية فى «الكتاب» تقول: «لو كان لكم إيمان مثل حبة خَرْدَل لكنتم تقولون لهٰذا الجبل: انتقل من هنا إلى هناك، فينتقل…»، واقترح أن يطلب الخليفة من «البابا أبرآم» أن يبرهن على صدق ذٰلك وإلا الاضطهاد! فطلب البابا مهلة ثلاثة أيام، وذهب إلى كنيسة السيدة العذراء بمصر القديمة «المعلَّقة»، واعتكف بها فى صلاة وصوم، حتى ظهرت له «السيدة العذراء» فى رؤيا وأخبرته بأن معجزة نقل الجبل ستكون على يد إسكافى يُسمى «سمعان الخراز»، وقد كان.
ظهورها فى كنيستها بـ«الزيتون»
حدث هٰذا الظهور فى 2 /4 /1968م، وكان تجليًا عامًّا للمِصريِّين جميعًا، فى فترة عصيبة كانت تمر بمِصر آنذاك. فبينما كان عمال أحد المواقف التابعة لهيئة النقل العام بـ«شارع طومان باى» أمام كنيسة العذراء بالزيتون يغادرون، استرعى انتباههم ظهور أنوار مُبهرة تصدر من القبة الرئيسية للكنيسة، ثم رأَوا فتاة فى ثياب بيضاء تسير على سطح الكنيسة، وحينئذ صرخ أحد العمال للفتاة معتقدًا أنها تحاول الانتحار قائلاً: حاسبى يا ست! حاسبى ياست! حاسبى لاحسن تقعى!! تجمع المارة، وبدأت تتضح معالم الفتاة التى كانت تقف ممسكةً بغصن زيتون، وظهر سرب من الحمام الأبيض!! فارتفعت الأصوات صارخة: إنها السيدة العذراء!! ظن العمال أنها خُدعة، فسلطوا أضواءً كاشفة على الفتاة فلم تزدَد إلا نورًا وبهاءً!! انتشر الخبر سريعًا؛ ليحضُر كاهن الكنيسة «القمص قسطنطين موسى»، وتجمهرت مئات من الشعب؛ ليتحول «شارع طومان باى» إلى مكان للصلوات والتسابيح!!
ومع تَكرار الظهورات التى امتدت فى بعض الأحيان إلى عدة ساعات متواصلة، سُلطت أضواء كاشفة على الكنيسة؛ فما كان إلا أن ازداد توهج النور الصادر من «السيدة العذراء»!! قُطعت الكهرباء عن منطِقة الزيتون وما حولها، وفُحصت المَِنطِقة المحيطة بالكنيسة، ولٰكن لم يتبين وجود أى مصدر للضوء!!
ذهب الرئيس «جمال عبدالناصر» لمشاهدة ظهور «السيدة العذراء». ويذكر لنا الكاتب «محمود فوزى»: «وتكرر فى الأيام التالية هٰذا المشهد كثيرًا ما دفع الرئيس «جمال عبدالناصر» أن يذهب إلى هناك ـ ومعه «حسين الشافعى» سكْرِتير المجلس الإسلامى الأعلى وقتذاك، ويقف فى شرفة منزل «أحمد زيدان» كبير تجار الفاكهة ـ وكان منزله مواجهًا للكنيسة ـ لكى يتحقق بنفسه من رؤية «السيدة العذراء»! وظل «عبدالناصر» ساهرًا إلى أن ظهرت «العذراء» فى الساعة الخامسة صباحًا!».
وقد أصدرت اللجان التى قام «البابا كيرِلس السادس» بتكوينها لتقصى حقيقة الظهور- تقاريرها تؤكده؛ فأعلنت «الكنيسة القبطية الأرثوذكسية»ـ فى مؤتمر حضره 150 صِحفى من جميع البلاد بالمقر البابوى ـ بيانًا رسميًّا يُعلن تأكيد «ظهور السيدة العذراء بكنيستها بالزيتون». وقد صدر عدد من الكتب باللغة الإنجليزية عن هٰذا التجلى وبات حدثًا عالميًّا.
نعم، كما ذكر «الكتاب»: «مبارَك شعبى مِصر»، و… والحديث فى «مِصر الحُلوة» لا ينتهى!
الأُسقف العام رئيس المركز الثقافى القبطى الأرثوذكسى