احتفلت كنيستنا القبطية الأرثوذكسية يوم الأحد الماضى بتدشين الكاتدرائية المَرقسية الكبرى بالعباسية فى الذكرى الخمسين على تأسيسها، حيث قام قداسة «البابا الأنبا تواضروس الثانى» يشاركه مطارنة وأساقفة الكنيسة بتدشينها بعد عمليات تجديد استغرقت قرابة أربع سنوات.
تاريخ حافل
الكاتدرائية المرقسية: نسبة إلى «القديس مار مَرقس الرسول» الذى بشر بالمَسيحية فى «مِصر» واستُشهد ودُفن على أرضها، وهى مقر بابا الإسكندرية الذى هو خليفة «القديس مار مرقس». وتعِيد مشاهد تدشين الكاتدرائية إلى الأذهان قصة التأسيس التى خُطت على صفحات التاريخ المِصرى فى ستينيات القرن الماضى.
وضع حجر الأساس
فى أيام حَبرية «البابا كيرلس السادس» السادس عشَر بعد المائة فى بطاركة الإسكندرية، بدأ بناء الكاتدرائية الجديدة على «أرض الأنبا رويس» التى تجاور «الكنيسة البطرسية»، وقد قام «البابا كيرلس السادس» بوضع حجر الأساس يوم 24 يوليو 1965 م بحضور رئيس الجمهورية «جمال عبدالناصر»، وقد وُضع الحجر على صَُندوق خشبى احتوى على نسختين من «الكتاب المقدس»، ونُسخ من الصحف الصادرة يوم 9 مايو التى أعلنت نبأ إسهام الحكومة فى بناء الكاتدرائية وجرائد اليوم، ومحضر على ورق مقوى موقع عليه من رئيس الجمهورية وقداسة البابا، مع صليب من الفِضة، وعملة الدولة.
ثم بدأت شركة النيل العامة للخرسانة المسلحة «سيبكو» بتنفيذ مبنى الكاتدرائية الذى كان على شكل صليب، بعد فوز المهندسين د. «عوض كامل» و«سليم كامل فهمى» فى رسم الكاتدرائية وتصميمها وإعداد التصميم الإنشائى الذى قام به د. «ميشيل باخوم».
وفى 25 يونيو 1968 م، افتتح «البابا كيرلس السادس» الكاتدرائية المَرقسية فى احتفال بهيج، فى حضور الرئيس «جمال عبدالناصر» وجلالة إمبراطور إثيوبيا «هيلاسلاسى» والسيد «محمد أنور السادات» رئيس مجلس الأمة آنذاك، وفضيلة مندوب شيخ الأزهر، ووفود من مختلف كنائس العالم بلغت ١٥٠ وفدًا تقريبا.
وقد شهِدت الكاتدرائية عددًا من الأحداث بالغة الأهمية فى تاريخ الأقباط: ففى صباح الأربعاء 26 يونيو 1968 م قام «البابا كيرلس السادس» بإقامة صلوات القداس فى الكاتدرائية، وحال الانتهاء حمل البابا «رُفات القديس مارمرقس» إلى مزاره الحالى حيث وُضع تحت الهيكل الكبير بشرقية الكاتدرائية.
وفى 12 مارس 1971 م أقيمت الصلوات على جثمان مثلث الرحمات البابا كيرلس السادس، ثم دفن فى مدافن البطاركة قبل نقله إلى دير الشهيد مار مينا العجائبى بمريوط كما جاء فى وصيته.
كذلك شهِدت الكاتدرائية فى 14 نوفمبر 1971 م حفل تجليس «البابا شنودة الثالث» بطريركًا للكرازة المَرقسية ليصبح البابا السابع عشَر بعد المائة فى بطاركة الإسكندرية. كما أقيمت الصلوات على جثمانه بعد نياحته فى 20 مارس 2012 م.
وفى 15 مايو 1973 م، احتُفل بحضور رُفات «القديس البابا أثناسيوس الرسولى» – العشرين فى بطاركة الإسكندرية الملقب بـ«حامى الإيمان»، حيث أقيمت صلوات القداس وبعد الانتهاء من القداس، أخذت رفات البابا أثناسيوس فى موكب مهيب إلى أسفل الكاتدرائية حيث وضع فى مقصورة أعدت خصيصًا له. كما افتتحت قاعة كبرى على اسمه تحت الكاتدرائية تَذكارًا على مرور 1600 سنة على نياحته.
وفى 18 نوفمبر 2012 م شهدت حفل تجليس قداسة «البابا تواضروس الثانى» – أدام الله حياته – ليصبح راعى رعاة الكرازة المَرقسية وبطريركها الثامن عشَر بعد المائة.
أيضًا سيم فيها العشرات من الآباء الأساقفة والمئات من الآباء الكهنة. كما زارها من رؤساء جمهورية مصر العربية كل من الرئيس جمال عبدالناصر، والرئيس عبدالفتاح السيسى الذى زارها فى عيد الميلاد لتقديم التهنئة بالعيد إلى أقباط مصر. أيضًا من الأباطرة «الإمبراطور هيلاسلاسى»، ومن العائلة البريطانية المالكة الأمير تشارلز. بالإضافة إلى عدد كبير من السفراء وكبار رجال الدين فى مصر والعالم.
وفى الأحد الماضى الموافق 18 نوفمبر 2018 قام قداسة «البابا تواضروس الثانى» مع الآباء المطارنة والأساقفة بتدشين الكاتدرائية فى ثوبها المجدد، وإقامة صلاة القداس، فى احتفال امتلأ بالسعادة والفرح وحضور كبير من الشعب القبطى.
شملت أعمال التجديد ما بداخل الكاتدرائية وخارجها ومنارتها وعددًا كبيرًا من الأيقونات القبطية يصل إلى المائتين! منها ما يعبّر عن بعض الأحداث التى مرت بالكنيسة فى العصر الحديث كاستشهاد أبنائها، واعتراف الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بـ«البابا كيرلس السادس» قديسـًا لها. و… والحديث فى «مِصر الحُلوة» لا ينتهى.
الأُسقف العام رئيس المركز الثقافى القبطى الأُرثوذكسى