يمر بالعالم أسره منعطف من أحرج المنعطفات وأغربها وأشدها وطأة؛ إذ تتعرض دول العالم كافة لوباء عالمى، بعد أن أعلن «تيدروس أدهانوم غيبريسوس» المدير العام لمنظمة الصحة العالمية أن المنظمة باتت تعتبر فيروس «كورونا»- المسبّب لمرض «كوفيد-19»- «وباءً عالميًّا»، بمعنى صعوبة السيطرة على تفشيه وانتشاره عالميًّا؛ بعد أن وصلت أعداد المصابين به إلى مستوى الوباء العالمى، وقد ذكر: «ونحن نشعر بقلق عميق إزاء المستويات المقلقة للانتشار وشدته». وفى ظل تلك الظروف العصيبة، لا أجد مفرًّا من التوقف عن استكمال سلسلة الحديث فى تاريخ «مِصر» قليلاً، إذ ما يتعرض له العالم الآن هو الأول من نوعه فى التاريخ البشرى!!
«الأوبئة العالمية»
أعلنت صحيفة «ديلى ميل» البريطانية تقريرًا عن أوبئة العالم، منها:
«الطاعون الأنطونى»: ظهر فى الإمبراطورية الرومانية بين 165م و180م، ثم انتشر فى بلاد العالم، مخلفًا 5 ملايين قتيل!!
«الحمى النازفة»: اجتاح وباء «الحمى النازفة» أو «الوباء العظيم» دولة «المكسيك» القرن السادس عشَر من 1545-1548م، مهلكًا 5-15 مليون شخص.
«كوليرا»: تفشى وباء «كوليرا» فى كل من «آسيا» و«أوروبا القرن التاسع عشر بين 1817-1824م، وأودى بحياة عشراتِ الآلافٍ من البشر؛ وما يزال يصيب كثيرًا من الناس حتى يومنا هذا!!
«إنفلوِنزا روسيا»: أدت إلى وفاة مليون شخص بين عامى 1889و1890م.
«الإنفلوِنزا الإسبانية»: وباء القرن العشرين الذى تفشى بين عامى 1918 و1920م، وتسبب فى وفاة ملايين من البشر- قُدرت بين 50-100 مليون إنسان فى 18 شهرًا فقط!! ووصل عدد الإصابات إلى ربع سكان العالم!!
نقص المناعة البشرية «إيدز»: تسبب فى موت 35 مليون شخص منذ عام 1981م حتى الآن؛ وفى دولة «جنوب إفريقيا» أكبر عدد من المصابين به فى العالم: مليون شخص.
«سارْس»: ظهر فى كل من آسيا بـ«هونج كونج» و«كندا» عامى 2002 و2004م، ثم انتشر إلى 37 دولة، فى زمن وجيز جدًّا لم يتعدَّ بضعة أسابيع!! متسببًا فى قتل 922 شخصا وإصابة 8422 آخرين.
«إنفلوِنزا الخنازير»: عام 2009م، ظهر فى «المكسيك» ثم ولاية «كاليفورنيا» بأمريكا، لتنتقل عدواه إلى جميع أنحاء العالم، متسببًا فى قتل قرابة 200 ألف شخص.
«إيبولا»: بدأ فى «غينيا» وأودى بحياة قرابة 11 ألف شخص أعوام 2014-2016م.
«كورونا»: بدأ فى «الصين» نهاية عام 2019م، وانتقل إلى «أوروبا» ومنها إلى ما يزيد على 114 دولة؛ لتتفق دول العالم جميعًا على إغلاق مطاراتها وتعليق الرحلات الدولية؛ وإعلانها عددًا من القرارات الاحترازية لإيقاف انتشار المرض: منها إيقاف الأنشطة التى تتضمن تجمعات بشرية كالرياضية والفنية والاجتماعية، وتأدية العاملين لمهامهم من منازلهم إن أمكن. وما يزال العالم يكافح التفشى السريع لهذا الوباء فى ترقب وجزع.
ومما عرضناه، يتضح أن الأوبئة السابقة لم تتخطَّ بلدًا أو قارة أو عددًا من بلاد العالم، لكنّ فيروس «كورونا» حتى الآن تفشى فى أكبر عدد من الدُّول، وشهِد أحداثًا تُعد الأولى من نوعها: كإغلاق مطارات العالم بأسرها، وأمست جميع جوازات السفر سواسية لا تصل بك إلى أى وجهة. أيضًا تُعد هذه هى المرة الأولى التى تغلق فيها كل بيوت العبادات فى العالم أبوابها: فقد أعلن «الفاتيكان» إغلاق «ساحة القديس بطرس» الرئيسية والكنيسة أمام السائحين، وفى صباح الأحد 15/3 أكد الفاتيكان أن احتفالات «عيد الفصح» سوف تقام دون مصلين بسبب تفشى الفيروس، قائلاً فى بيانه: «بسبب حالة الطوارئ الصحية العامة العالمية الحالية، ستقام جميع الاحتفالات الدينية فى الأسبوع المقدس، دون حضور مادى للمؤمنين.
كذلك أعلنت دول عربية وأجنبية وفى مصر تعليق الصلاة فى دُور العبادة ضمن سلسلة إجراءات وقائية للتصدى لتفشى »كورونا«؛ فعلى سبيل المثال لا الحصر: قررت السلطات الألمانية إلغاء الصلوات الجماعية لجميع الأديان، كما قررت الدول الإسلامية مثل «الجزائر» و«السعودية» و«تونس» و«الأردن» و«الكويت» و«الإمارات» إغلاق المساجد ودور العبادة كافة للحد من تفشى الفيروس، وعلّقت «المملكة العربية السعودية» أداء العمرة خَشية وصول فيروس «كورونا» للمسجد الحرام فى مدينة «مكة»، وفى «إيران» أُغلقت الأضرحة والمساجد، فى الوقت الذى طالب كبير الحاخامات فى «القدس» الامتناع عن تقبيل أحجار الحائط الغربى لمنع انتشار فيروس «كورونا». وللحديث بقية… حديث «مِصر الحلوة» الذى لا ينتهى!
الأسقف العام رئيس المركز الثقافى القبطى الأرثوذكسى