تحدثنا بالمقالة السابقة عن محاولات الإنسان لاختراع الحاسوب الآليّ، ورحلة تطوره عبر خمسة أجيال. وخلال هٰذه الرحلة من تطور الحواسيب الآلية، ظهرت الهواتف المحمولة، وشبكة “الإنترنت”. وقد بلغ البشر تقنيات عالية في الاتصالات تشهد حاليًّا بَدء جيل خامس “5G”، وقد كان كل هٰذا التطور التقنيّ وما سيليه هو بهدف رفع كفاءة خدمة الاتصالات.
وحُسب “الهاتف الراديويّ” جيل ما قبل الجيل الأول المرموز له بـ“0G”، وذٰلك بَدءًا من عام 1946م، فقدم خدمة الهاتف الجوال (MTS) وهاتف السيارة الراديويّ (ARP) وغيرهما.
ثم جاء الجيل الأول: “1G”، فقدم للبشرية الهاتف المحمول الذي به يمكن إجراء اتصال فقط؛ فكانت الانطلاقة عام 1979م في “الولايات المتحدة الأمريكية”. واستخدم ذٰلك الجيل موجة مقدارها 824-894 ميجاهرتز، بسرعة نقل بيانات تصل إلى 144 كيلوبايت/ثانية.
وعام 1990م، قدمت “فنلندا” الجيل الثاني: “2G”؛ فزُود الهاتف الخلويّ بإمكانية بث رسائل نصية (SMS)، ورسائل مصورة (MMS)؛ وأصبحت الموجات المستخدمة 380-1800 ميجاهرتز، وإن ظلت سرعة نقل البيانات 144 كيلوبايت/الثانية. والفارق الأساسيّ بين الجيلين أن الإشارات المستخدمة في الجيل الأول “تناظرية”، ثم تحولت إلى “رقْمية” بالجيل الثاني.
أما الجيل الثالث: “3G”، فجاءت انطلاقته من “اليابان” عام 2001م، وإلى دُول “أوروبا” عام 2003م، مستخدمًا طيف موجات 900-1800 ميجاهرتز، لترتفع سرعة نقل البيانات إلى 14 ميجابايت/ثانية، مقدمًا إمكانية تصفح شبكة المعلومات الدُّولية “Internet”، والمحادثات المرئية، وتنزيل الملفات الموسيقية التي اشتُهر بها ذٰلك الجيل، إلى جانب الاتصالات الصوتية والرسائل النصية والرسائل المتعددة الوسائط، وإرسال الصور والبيانات، واستخدام تطبيقات المحادثة .
ثم كانت انطلاقة الجيل الرابع “4G” عام 2009م من “كوريا الجنوبية”؛ ليقدم تقنيات أعلى في المحادثات الصوتية، وسرعة إرسال بيانات وصلت إلى 100 ميجابيت/ثانية بين أي نقطتين في العالم، بطيف موجات 800-2000 ميجاهرتز؛ ولتشهد “الإنترنت” زيادة هائلة في السرعة مع جودة عالية. ويدعم هٰذا الجيل آلية “IPv6” السامحة باستخدام عدد كبير جدًّا من الأجهزة.
ومع حُلول عام 2020م، بدأت بعض دُول العالم في إجراء تجارب على تقنيات الجيل الخامس “5G”، الذي يًعد أسرع من الجيل الرابع “4G” كثيرًا؛ حيث تصل سرعة نقل البيانات إلى جيجابايت واحدة/ثانية، مستخدمًا طيف موجات 100-300 جيجاهرتز: أي إنها أسرع من الـ4G بـمئة مرة على الأقل! ويذكر التقنيون أن سرعتها ربما تصل 1000 مرة حيث إنها قادرة على تنفيذ 100 مليار عملية/ثانية!! ومع بَدء ظهور جيل “5G”، بدأت الأبحاث في دراسة تأثير لتردد موجاته ـ وهي ملِّيمترية تعادل ترددات المايكروويڤ ـ في صحة البشر وحياتهم!
إلا أن سعي الإنسان نحو التطور لا يهدأ ولا يكل؛ فقد أعلنت الشركة اليابانية “NTT DoCoMo” بيانًا صحفيًا تروج فيه لنظام اتصالات لجيل سادس “6G”، بدأت تباشيره بأبحاث منذ عام 2018م، هادفةً إلى إطلاق شبكاته بحُلول عام 2030م. وجدير بالذكر أن هٰذه الشركة اليابانية، التي أنشئت عام 1991م، كانت قد كوَّنت شبكات تجريبية للجيل الخامس عام 2017م؛ لتؤسس في مارس من العام الحاليّ شبكتها الخاصة، واضعةً “اليابانَ” في مصاف الدول الأولى التي أطلقت شبكة “5G”. وقد أطلقت الشركة خدمة “نظام التحذير من الزلازل المبكر” وغيرها من الخِدمات التي تنذر على نحو مبكرًا من وقوع كوارث طبيعية بالمنشآت وتنظم إخلاءها. وذكرت الشركة في إعلانها أنها سوف تستمر في تعزيز إمكانات الاتصال الفائقة السرعة ذات القدرة الكبيرة والكمون المنخفض، وعدد هائل من أجهزة الاتصال بتقنية “5G”؛ مواصلة بحوثها وتطويرها لـ”5G” وتقنيات “6G”، و … وفي “مِصر الحلوة” الحديث لا ينتهي!
الأُسقف العام رئيس المركز الثقافيّ القبطيّ الأُرثوذكسيّ