حين نتحدث عن الوطن، فنحن نخوض في محبة تغمر قلوبنا جميعًا؛ فـ”مِصر” دائمًا وأبدًا تظل “وطنًا يعيش فينا”. إنها محبة تحمل سمات البذل والاحتمال والعطاء دون توقف، محبة الأفعال لا الكلمات، مقياسها العطاء. ولـ”مِصر” بريق عجيب تتلألأ به صفحات التاريخ الإنسانيّ؛ فهي أول بلد يشع بالجمال والبركات والحضارة. ومع أن “مِصر” قد تعرضت على مر تاريخها لكثير من الغزوات الخارجية، فإنها فرضت شخصيتها وثقافتها على الجميع.
وحين نقلب في صفحات تاريخها الحديث، نجد عبور شعبها بقياداته الوطنية المخلصة لأزمات عديدة، كمحاولات الاحتلال تفتيت الوَحدة المِصرية في “ثورة ١٩١٩م”، لٰكن ما رآه العالم آنذاك، لم يكُن سوى توحد الشعب والتحامه حول قياداته؛ فنجحت الثورة في الحصول على مطالبها. وهٰكذا كانت حربا “الاستنزاف” و”أكتوبر”: حين تكاتف الشعب والرئيس “عبد الناصر”، ومن بعده الرئيس “السادات”، وأصروا على النصر فتحقق أكتوبر ١٩٧٣م. ولعل من أهم المنحيات التي مرت بالمِصريين، ما شهِدوه من أحداث ترقبها العالم بأسره، في ٢٠١٣/٦/٣٠م، حين خرجوا بالملايين، معلنين رغبتهم وإرادتهم في صنع مستقبل بلادهم. ومنذ تلك اللحظة، بدأت “مِصر” مسارًا جديدًا في صنع المستقبل، يعيدها إلى مكانتَيها الإقليمية والعالمية.
وفي 3 يونيو احتفل المِصريون بمرور سبعة أعوام على حكم الرئيس “عبد الفتاح السيسي” لـ”مِصر”. ولعل العمل الجاد الشاقّ، الذي تصحبه رؤية عميقة شاملة لحاضر “مِصر” ومستقبلها، من أهم علامات حكم الرئيس “السيسي”؛ فنال عن استحقاق وجدارة “وسام القائد”، أرفع وسام يقدمه البرلمان العربيّ إلى الملوك والرؤساء. لقد حمل الرئيس على عاتقه مسؤولية البلاد، وكان أمينًا في مهمته، وتجلت أمانته في كل عمله، وبالأخص مكافحة الإرهاب عسكريًّا وفكريًّا، والعمل على حفظ وَحدة النسيج الوطنيّ. لقد أدرك السيد الرئيس أن البداية حفظ سلام البلاد من أعدائها داخليًّا وخارجيًّا؛ فاهتم بمحاربة الإرهاب بكل أنواعه وطرقه كافةً، رافضًا كل أعمال الشر التي تريد النيل من أرض “مِصر” وشعبها؛ فلم يتوانَ سيادته عن إصدار أوامره بالدفاع عن كل شبر من أرضنا، ومتابعة جميع ما يحدث من كَثَب. وحين قدمت “مِصر” شهداءها من خيرة رجالها وشبابها، قدم الرئيس أبوة حانية واهتمامًا عظيمًا بأُسرهم. وداخليًّا، كان أول اهتمامات سيادته الحفاظ على وَحدة النسيج الوطنيّ؛ فأمر بإقامة أكبر مسجد وأضخم كاتدرائية في الشرق الأوسط: “مسجد الفتاح العليم” و”كاتدرائية ميلاد المسيح”؛ وحرص سيادته على الاهتمام بالخطاب الدينيّ، مدركًا أن قوة البلاد في وَحدة شعبها.
ومنذ تولي الرئيس “عبد الفتاح السيسي” القيادة، وسيادته يواجه عددًا هائلاً من التحديات، فقبِل التحدي وحقق إنجازات كثيرة كانت تُعد أحلامًا! لتخُط “مِصر” بيده صفحةً جديدةً من تاريخها المشرق. كان احتياج ماسّ إلى وجود رؤية، وخُطة حقيقية تنبني على حلول استراتيچية تجمع المِصريِّين جميعًا، للعمل معًا من أجل “مِصر”؛ فكان بَدء البناء لا محالة على جميع الأصعدة، ونذكر منها على سبيل المثال: مشروع “قناة السويس الجديدة” العملاق، الذي ظن العالم أنه يُعوزه ثماني سنوات لإتمامه، فيحققه المِصريون في عام واحد فقط وبتمويل مصري خالص!! مشروعات تطوير عدد كبير من المناطق والمواني؛ بناء ٢٦ محطة كهرباء على مستوى الجمهورية، و١١٤ وِحدة توليد كهرباء؛ اكتشاف حقل الغاز الأكبر في البحر المتوسط: “حقل ظهر”. وبعد عام من بَدء إنتاجه، أعلنت “مِصر” اكتفاءها الذاتيّ من الغاز الطبيعيّ؛ الإصلاحات الاقتصادية التي تحملها الشعب بصبر ومحبة لبلاده؛ إعادة بناء الاحتياطيّ النقديّ المستهلَك وقت الأزمة ليصبح الأكبر في تاريخ “مِصر”. أيضًا التخطيط والتطوير لشبكة طرق متكاملة أنحاء البلاد؛ استصلاح الصحراء في مشاريع عدة؛ خُطَط للحفاظ على الموارد المائية؛ مشروعات “الاستزراع السمكيّ” و”تنمية الثروة الحيوانية” لتأمين موارد الغذاء.
وأيضًا من المشروعات إنشاء ٤٣١٧ مصنعًا في ١٧ مجمعًا صناعيًّا؛ تطوير العشوائيات وبناء ١٦ مدينة جديدة؛ إعادة هيكلة منظومة الدعم حتى يصل لمستحقيه؛ مشروع “حياة كريمة” لتطوير قرى الريف المِصريُ، تطوير الصحة بإقامة منظومة “تأمين صحيّ شامل”؛ البَدء في إصلاح منظومة التعليم المتهالكة؛ الاهتمام بالشباب بإتاحة فرص قيادية له؛ وصول المرأة المِصرية إلى الريادة واعتلاء المناصب، وحصولها على أكبر تمثيل في تاريخ مجلس النواب، وتعديل التشريعات والقوانين التي تضمن لها حقوقها؛ الاهتمام بذوي القدرات الخاصة وإنجازاتهم؛ التطوير ورفع الكفاءة القتالية للقوات المسلحة درع الحماية لـ”مِصر”؛ فبُنيت قواعد عسكرية تمكنها من التصدي للتهديدات التي تحيط بنا، وأُبرمت اتفاقيات تعاون عسكريّ مع عدد من الدُّول. هذا إلى جانب الدور المِصريّ للأشقاء العرب في المحن والأزمات؛ فصارت “مِصر” الطرف المشترك في حل كل المعادلات الإقليمية.
كما بذل السيد الرئيس دورًا بارزًا في إيقاف إطلاق النار بين “إسرائيل” و”فلسطين”، بالمبادرة المصرية إلى “إيقاف إطلاق النار وتحقيق التهدئة في غزة”؛ وقد أشاد زعماء العالم بهٰذا الدور، ومنهم: “چو بَيدن” رئيس الولايات المتحدة الأمريكية القائل: “أعبّر عن امتناني للرئيس المِصريّ الذي أدى دورًا دبلوماسيًّا لإيقاف إطلاق النار.”؛ ثم أمر الرئيس “السيسي” بتخصيص ٥٠٠ مليون دولار مساعداتٍ في إعادة تعمير “غزة”، بمشاركة الشركات المِصرية في التنفيذ.
إن هٰذه الإنجازات، التي تمت وما زالت تجري، ما هي إلا حصاد رؤية وخُطط وعمل شاقّ لا يتوقف من قيادات البلاد، بزعامة الرئيس “عبد الفتاح السيسي”، الذي نطلب إلى الله أن يوفقه في كل خطواته، ويبارك كل أعماله؛ من أجل بلادنا المحبوبة “مصر الحلوة” التي الحديث عنها لا ينتهي!
الأُسقف العام رئيس المركز الثقافيّ القبطيّ الأُرثوذكسيّ