No Result
View All Result
رحلة بدأت عام ١٩٣٠م، مليئة بالعمل والكفاح المستمرين، فتخطت ما صادفها من عقبات، وصنعت من الحجارة درجات، لسُلَّم ارتقى عليها صاحبها نحو أعظم النجاحات، فاستحق أن يكون أُنموذجًا للرجل العصامي الذي يبني نفسه بنفسه، مبتدئًا من الصفر أكثر من مرة، ليؤسس بالتعب والعرق أنجح الشركات!! إنه رجل جسّد معاني الكفاح الحقيقيّ، فصارت خطواته باعثًا للأمل لكل إنسان ساعٍ تعترضه صعوبات الحياة: إنه الراحل م. “أنسي نجيب ساويرس”، أحد أبرز رجال الأعمال المِصريين، المؤسس والرئيس لمجموعة “أوراسكوم”، الرجل الذي لعب دورًا كبيرًا في دعم الاقتصاد المِصريّ محليًّا وعالميًّا.
وُلد م. “أنسي ساويرس” بسوهاج ١٩٣٠/٨/١٤م، وكان أصغر إخوته: أ. مراد، وأ. مختار، وأ. سميحة. ورث القوة والحكمة من والدته أ. “بديعة عطا الله” التي عُرف عنها القوة والصلابة، وسداد الرأي، وحكمة اتخاذ القرارات، حتى إن العائلة كانت تقدر رأيها وتحترمه؛ كذٰلك اكتسب منها حب الوطن، فكانت تدرك كثيرًا من الأمور السياسية وتتحدث أمامه عن “الوفد” و”مصطفى النحاس”، هذا إلى جانب تميزها بالعطف ومحبتها لله التي غرستهما في أبنائها.
ومنذ لحظة تخرجه في كلية الزراعة جامعة القاهرة عام ١٩٥٠م، انطلق بخطوات ثابتة تقودها الحكمة التي وهبها الله له. وفي ١٩٥٣م، تزوج من أ. “يسرية لوزة” ابنة المحامي أ. “ناصف لوزة” عن طريق صديقه الحميم “فتحي جورج”، فكانت نعم الرفيق في رحلته الصعبة؛ فكما يذكر عنها: “لها قدرة على التحمل والتجانس مع المشكلات … شهِدت معي أيامًا بالغة الصعوبة جدًّا بعد التأميم، وقد قامت بمهمتها خير قيام.”؛ رُزق منها ثلاثة أولاد: م. “نجيب ساويرس”، وم. “سميح ساويرس”، وأ. “ناصف ساويرس”.
جاءت انطلاقة م. “أنسي” الأولى في الخمسينيات بعد تخرجه، وهو في العشرين، فاتجه إلى المقاولات التي يحبها؛ حيث التقى المرحوم أ. “لمعي يعقوب” وكوّنا شركة “لمعي وأنسي للمقاولات”، وكان نشاطها تمهيد الطرق وحفر ترع الريّ. وفي ١٩٦١م، أُممت الشركة جزئيًّا، ثم كليًّا، وظل م. “أنسي” على رأسها خمس سنوات. ثم هاجر إلى “ليبيا” حيث قضَّي ١٢ عامًا محترفًا أعمال التوكيلات والمقاولات حتى منتصف السبعينيات.
قرر م. “أنسي ساويرس” العودة إلى “مِصر”، وأسس شركة “أوراسكوم للمقاولات العامة والتجارة”، التي صارت فيما بعد “أوراسكوم للصناعات الإنشائية”، بادئًا بثلاثة موظفين فقط، منهم ابنة أخته أ. “نبيلة المنقبادي” وم. ”شريف فانوس”، وبحجرتين وصالة. وتمر الأيام، لتتحول الشركة الصغيرة كِيانًا اقتصاديًّا عملاقًا يضم آلافًا من العاملين. واتسع نشاط الشركة، فاشتمل على السياحة والفنادق وخدمات الأنظمة التكنولوچية؛ لتصبح المجموعة من أضخم الشركات المصرية.
ويُعد أحد أسرار نجاح م. “أنسي” إيمانه بأهمية التعليم؛ فحرَص على تعليم أبنائه في أرقى جامعات العالم، على الرغم من جميع الصعوبات التي مرت به. ويذكر م. “نجيب ساويرس”: “لقد كان من أعظم قرارات والدي المبكرة أنه وضع استثمارات هائلة لتعليمنا، وتزويدنا بأفضل مستويات الخبرة، إذ رأى أن أولاده هم رأس ماله الحقيقيّ.”؛ ولذا أرسل م. “نجيب” إلى “سويسرا” للالتحاق بـ”معهد بولي تكنيك” المعروف بتخريج القادة وكبار رجال الإدارة العليا بأوروبا، وم. “سميح” إلى جامعة برلين، وأ. “ناصف” إلى جامعة شيكاغو المتخصصة في الأعمال والمال، فكما يقولون: “إذا كنتَ تخطط لعام واحد، فازرع الأرز. وإذا كنتَ تخطط لعشرين عامـًا، فازرع شجرًا. وإذا كنت تخطط لمئة عام، فعلّم الناس.”. ولذا لم يكُن عجيبًا أن نرى اهتمامه بتقديم المنح لتعليم الآخرين. ومن كلماته: “لقد كنت دائمًا أومن بأن التعليم يقدم الوعد بحياة أفضل.” و… والحديث في “مصر الحلوة” لا ينتهي!
الأُسقف العام رئيس المركز الثقافيّ القبطيّ الأُرثوذكسيّ

No Result
View All Result