بدأت الحديث في المقالة السابقة عن رحلة حياة الراحل م. “أنسي نجيب ساويرس” رجل الأعمال العصامي الذي استطاع بجهده وعزيمته أن يحول شركة بسيطة إلى كيان اقتصادي ضخم، كما تحدثنا عن اهتمامه بالتعليم إذ كان مؤمنًا أن التعليم يقدم الوعد بحياة أفضل؛ وهكذا اهتم بالتعليم والثقافة على نحو واسع تخطى أفراد أسرته فجاء اهتمامه ورعايته للموهوبين من خلال “برنامج أنسي ساويرس للطلاب”، الذي يقدم التمويل اللازم لطلاب المدارس المِصرية المتميزين أكاديميًّا، حيث تمكن ٩٠ مصريًّا ومصرية متميزون من مواصلة الدراسة لنَيل الدرجات الجامعية والدراسات العليا بكليات مرموقة بالولايات المتحدة الأمريكية، في مجالات من شأنها تعزيز الازدهار الاقتصاديّ في “مِصر”.
أما عن شخصية م. “أنسي ساويرس”، فاتسمت بالذكاء الشديد، والدقة، والحرص في كل الأعمال، وخفة الظل، والتِّلقائية، وعدم حب المظاهر، والإيمان أن الله يعطيه الأفضل في حياته. كذٰلك لم يتغير أبدًا في مطالبه وطعامه ومظاهر حياته. وقد وهب له الله الفراسة وتمييز الشخص الجيد من السيئ، وعُرف عنه نسيان الإساءة تمامًا. وقد أعطى أبناءه الحرية الكاملة في الاختيار والتصرف، بعد أن زرع فيهم ثلاث صفات: مخافة الله، الصدق، الجلد في العمل.
كذلك اتسم م. “أنسي” بالحكمة، فاستطاع أن يبني حياته وحياة أسرته بحكمة شديدة، كما يذكر “الكتاب”: الحكمة هي الرأس. فاقتنِ الحكمة، وبكل مقتناك اقتنِ الفهم.”؛ فالحكمة هي أساس الفضائل التي يقتنيها الإنسان، وهي لا تعادل في قيمتها أيّ مقتنى للإنسان. وكان م. “أنسي” محبًّا مترفقًا، فأنشأ عددًا من المشروعات الخيرية في القاهرة والصعيد للفقراء والمحتاجين، واهتم بالمشروعات المجتمعية التي خلقت فرص عمل للشباب.
أما عن محبته لـ”مِصر” فكانت عظيمة؛ إذ عمِل بحب لأجلها وبنائها ورفعتها؛ حتى حين غادرها إلى “ليبيا” عاد ليعيش على أرضها، يبني لمجدها، تاركًا الماضي خلفه، وحينما تعرض لمضايقات رفض أن يتركها.
تعددت المناصب التي تقلدها م. “أنسي ساويرس”:
- الرئيس الفخريّ وعضو مجلس إدارة المديرين غير التنفيذين لـ”شركة أوراسكوم للإنشاء والصناعة”.
- رئيس “شركة أوراسكوم للإنشاء والصناعة”.
- عضو مجلس إدارة “شركة أوراسكوم للفنادق والتنمية”.
- رئيس “شركة أوراسكوم للتجارة”.
- رئيس مجلس إدارة “مستشفى السلام بالمهندسين”.
- عضو مجلس إدارة “أوراسكوم للفنادق ومشروعات التنمية”.
- عضو مجلس إدارة “أوراسكوم للأنظمة التكنولوچية”.
- عضو مجلس إدارة “أوراسكوم للاتصالات”.
- مستشار مجلس أمناء “مؤسسة ساويرس للتنمية الاجتماعية”.
- رئيس “جمعية الشبان المسيحية بمصر”.
- رئيس “جمعية رجال الأعمال المصرية الاسكندناڤية”.
- الرئيس الفخري وعضو مجلس إدارة مديري “الشركة المصرية لخدمات الهواتف المحمولة” (موبينيل سابقًا).
- عضو مجلس إدارة “بنك مصر اكستريور” (سابقًا).
- عضو مجلس إدارة “الشركة الفرعونية للتأمين” (سابقًا).
وقد استحق م. “أنسي ساويرس” أن يكرَّم بعدد من الجوائز والأوسمة، منها:
- وسام الملك ليبود من ملك بلچيكا “ألبرت الثاني”، نوڤمبر ١٩٩٨م.
- وسام النجم القطبيّ الملكيّ للسويد، أعلى وسام بها، في حضور أميرة السويد “ڤكتوريا”، إبريل ٢٠٠٧م.
- الوسام الوطني البلچيكيّ “وسام التاج”، من ملك بلچيكا “ألبرت الثاني”، مايو ٢٠٠٨م.
- الدكتوراة الفخرية من جامعة “جلاسكو”، لإسهاماته في الأعمال الخيرية، مايو ٢٠١٠م.
- تكريم “الإتحاد المصري لمقاولي التشييد والبناء”، نوڤمبر ٢٠١٤م، بوصفه أحد أبرز رجال الأعمال المِصريين، والمؤسس والرئيس لمجموعة “أوراسكوم”.
- جائزة البابا شنوده الثالث للحكمة، ٢٠١٥م.
إن حياة م. أنسي ساويرس هي رحلة امتلأت بالأمل والنور لمن حولها، يقتفي آثارها كل من يرغب السير في طريق النجاح الحقيقيّ. حقًّا إن “ما نفعله لأنفسنا يموت معنا، لٰكن ما نفعله للآخرين وللعالم يبقى خالدًا”. إن م. “أنسي ساويرس” لَيظل شخصية مِصرية بارزة في ذاكرة التاريخ المِصريّ. الرب ينيح روحه ويهب العزاءً لأسرته ومحبيه، و… والحديث في “مصر الحلوة” لا ينتهي!
الأُسقف العام رئيس المركز الثقافيّ القبطيّ الأُرثوذكسيّ