“أبدأ كلامي وأقول لكم كل سنة وأنتم طيبين. وإن شاء الله، دايمًا تبقى سنة جميلة علينا كلنا، وسنة طيبة علينا كلنا، خير وسلام وأمان ورحمة ونعمة من الله – سبحانه وتعالى.”؛ إنها الكلمات التي بدأ بها السيد الرئيس “عبد الفتاح السيسي” رئيس الجمهورية تهنئته إلى أبنائه الأقباط، في ليلة عيد الميلاد، بحضوره في “كاتدرائية ميلاد المسيح” بالعاصمة الإدارية الجديدة. فقد حرَص السيد الرئيس، منذ توليه رئاسة البلاد، على تقديم التهنئة شخصيًّا، مؤكدًا محبته العميقة وأبوته لجميع المصريين.
وقد ألقى سيادته كلمة قصيرة، في معانٍ عميقة، ومبادئ إنسانية رفيعة، تهدُف إلى الرفعة والبنيان لوطننا الساكن قلوبنا جميعًا. وأود اليوم أن أشير إلى بعض هذه النقاط:
اهتم السيد الرئيس في كلمته بتأكيد فكرة وَحدة الشعب المصري: “أنا بأتكلم، ومن خلال الفرصة دي، بأكلم كل المصريين، وبأقول: إن احنا في مصر يعني بدأنا طريق، طريق عاهدنا فيه ربنا وعاهدناكم، بدأناه مع بعض، وإن شاء الله هنكمله مع بعض، مع بعض كلنا.”. إنه يوجه كلمته إلى “المصريين جميعًا”؛ فحديثه إلى الأقباط هو حديث إلى المصريين؛ فالجميع أبناء وطن واحد: أرضه يتشاركون، آلامه يتقاسمون، أفراحه يتنعمون، عنه يدافعون، من أجل رفعته يعملون. وإن كنا بدأنا طريقًا إلى بناء الوطن، فإن العمل لَيشترك فيه الجميع، ولن يحققه إلا وَحدة الجميع معًا – كما ذكر سيادته. نعم، إن تقدم المجتمعات وازدهارها وقدر ما تحققه من رخاء، أمور تعتمد على الوَحدة والتجمع على هدف واحد. أما العمل الفردي والانعزال عن الآخرين، فلا يؤديان إلى تحقيق الأحلام والآمال وطموحات الوطن، بل تمزق المجتمع وتفتته. وينبغي أن ندرك أن قدرة الإنسان على العمل مع الآخرين ليست مجرد فكرة، وموقفًا عابرًا في حياته، لٰكنها أسلوب حياة يحتاج منه إلى الاقتناع الكامل به، هذه القدرة الجماعية الواحدة المتوحدة التي عبّر عنها الرئيس السيسي: “هنكمله مع بعض، مع بعض كلنا.”. إن سيادته لَطالما أكد، ويؤكد دائمًا، أن قوة البلاد هي نتاج تكاتف أبنائها؛ ليتمكنوا من تحقيق ما يترجَونه. بالعمل معًا يمكننا تحقيق الإنجازات، فنتكامل حتى إن تنوعت الرؤى والمواهب والخبرات والمعارف؛ فيشارك كل مواطن بدوره الإيجابي في بناء وطنه؛ وكما ذكر سيادته: “لكن خليني أقول لكم كدا: إن البلد بلدنا، بلدنا كلنا، تسعنا كلنا.”.
لذلك جاء تحذير السيد الرئيس من خطورة الفتنة بين أبناء الوطن الواحد: “وخلوا بالكم: أنا بأقول الكلام دا إلى كل الناس، كل المصريين، مش حد بعينه: اوعوا حد يدخل بينا! اوعوا حد يفتِنّا! لأن دا مش هينتهي!”؛ فلا يمكننا إنكار قوى الشر التي تسعى لتفتيت الأمم، وإن تعرضت إحدى حيلها للفشل، فإنها لا تتورع عن تقديم مزيد من الحيل لتفتيت النسيج الواحد. وكم من بلاد هُزمت وتفتَّتَت عندما انقسم أبناؤها على أنفسهم!
وفي كلمة سيادة الرئيس السيسي، أكد الطريق المرسوم أمامنا من أجل مستقبل بلادنا أنه: “الجمهورية الجديدة”، ذاكرًا ملامح قوتها: “طريق الجمهورية الجديدة الِّي تتسع للجميع، تتسع لينا كلنا، دون أي فرق أو تمييز للجميع، نعيش فيها بسلام وأمان مع بعض. جمهورية الحلم والأمل، جمهورية العلم والعمل، الجمهورية القادرة وليست الغاشمة، المسالمة وليست المستسلمة.”. إنها الجمهورية التي تحمل في عمقها ما لدينا من آمال وأحلام، الجمهورية التي تُفسح الطريق للعمل والعلم، التي تسود بقوة العدل، وتسالم الجميع، ولا تستسلم لقوى الشر الغاشمة، جمهورية المصريين جميعًا، تُبنى بتكاتفهم وسواعدهم ومحبتهم؛ ولذا قال سيادته: “الجمهورية دي هنبنيها مع بعض. أي تحدي، أي صعاب تهون لو إحنا دايمًا على قلب رجل واحد. كلنا مع بعض.”.
كل عام يا سيادة الرئيس وأنتم بخير وسلام. ونصلي إلى الله أن يبارك بلادنا مصر بكل خير وسلام، وأن يحفظها من كل شر وسوء، وأن يؤيد خطواتكم وعملكم من أجل الوطن. و… والحديث في “مصر عن الحلوة” لا ينتهي!
الأُسقف العام رئيس المركز الثقافيّ القبطيّ الأُرثوذكسيّ