No Result
View All Result
أهنئكم جميعًا اليوم في مناسبة اختص الله بها “مِصر” والمِصريين ببركة فريدة لم ينَلها أيّ شعب آخر في العالم: وهي تَذكار “دخول العائلة المقدسة أرض مِصر”. فعندما أُرسل الملاك في حُلم إلى الرجل البار “يوسف النجار” ليترك “بيت لحم” ويهرُب إلى “مِصر”؛ نالت بلادنا شرف استقبال “العائلة المقدسة”، حيث أضافت “السيد المسيح” وأمه القديسة السيدة العذراء بصحبة القديس “يوسف النجار”، فعاشوا بين رُبوعها متنقلين في مدنها وقراها.
وتُعد رحلة هروب “العائلة المقدسة” إلى “مِصر” حدثًا دينيًّا تاريخيًّا متفردًا ما زال محط أنظار العالم بأسره إلى “مِصر”، واسترعى مسارها اهتمامًا عالميًّا واسعًا بعد أن اعتبرهغبطة بابا الڤاتيكان “رحلة حَجّ مَسيحيّ”، فضم برنامج الڤاتيكان الرسمي زيارة المسار. كذٰلك اهتمت الحكومة المِصرية بتدشين مشروع سياحيّ باسم “مسار العائلة المقدسة”. وقد افتُتحت أول منطقة أثرية بالمسار بمدينة “سمنود” بمحافظة الغربية، واستُقبل أول وفد رسمي من الڤاتيكان في يونيو 2018، في رحلة استمرت خمسة أيام. وعام 2020م بدأت الزيارة الرسمية الأولى لعدد من السائحين القادمين من إيطاليا، أعقبته زيارة وفد سويسريّ فرنسيّ.
لقد بدأت رحلة “هروب العائلة المقدسة” قبلما يزيد على ألفَي عام، حين سعى “هِيردُوس” الملك للتخلص من “السيد المسيح”، فظهر ملاك الرب للقديس “يوسف النجار” في حُلم وأمره بالهروب إلى أرض “مِصر”. فأسرع “يوسف البار” وأخذ الصبيّ وأمه ليلاً هاربًا إلى “مِصر”، في ارتحال أقل ما يقال عنه رحلة الأخطار الشاقة إذ كانت “العائلة المقدسة” تهرب من ملاحقة الجند الرومان؛ فتبتعد عن الطرق المعروفة للقوافل التجارية ورحلات السفر آنذاك؛ هربًا من شر “هِيرودُس” الذي أرسل جواسيسه لاقتفاء أثر “العائلة المقدسة” والقبض على الصبيّ ليُهلكه.
أمّا المسار الذي اتخذته “العائلة المقدسة”، فقد بدأ من “الفَرَما” التي كانت باب دخول “مِصر”، حيث أقامت بضعة أيام، ثم تحركت نحو شرق الدلتا: وهناك توقفت في “تل بسطا” قرب مدينة “الزقازيق” بمحافظة “الشرقية” حيث انكفأت تماثيل الآلهة الوثنية متحطمةً!! وعلى الفور انتشر خبر الحادث في أنحاء البلدة حتى وصل إلى حاكم المدينة، الذي أدرك أن السبب هو وجود سيدة تحمل طفلاً صغيرًا الأغلب هو الطفل المقدَّس الذي يبحث عنه “هِيرودُس”؛ فأمر بالقبض عليه؛ فأسرعت “العائلة المقدسة” بمغادرة المدينة ليلاً واتجهت إلى مدينة “مسطرد”.
أقامت “العائلة المقدسة” بمغارة بـ”مسطرد” حيث أنبع السيد المسيح نبعًا اغتسل بمائه وتحمَّم؛ لذٰلك يُدعى المكان بـ”المَحَمَّة”، وكان ماء ذٰلك النبع يشفي كل من يستعمله. ثم بُنيت بالمكان فيما بعد كنيسة على اسم “السيدة العذراء” معروفةٌ باسم “العذراء بمسطرد”. انتقلت “العائلة المقدسة” إلى مدينة “سمنود” حيث استقبلها أهلها استقبالاً حافلاً ونالوا بركة خاصة من السيد المسيح، وبالمدينة ماجور كبير من الجرانيت عجنت فيه القديسة السيدة العذراء، وأيضًا بئر ماء باركها السيد المسيح. وانتقلت “العائلة المقدسة” إلى “سخا” حيث حجر هو قاعدة عمود طُبعت عليه أثر قَدمي السيد المسيح.
وفي أثناء انتقال العائلة المقدسة من مدينة “سخا” إلى “وادي النطرون: باركت “العائلة المقدسة” منطقة “مريوط” “؛ حيث انتقلت من “سخا” إلى “بحيرة مريوط” ومنها إلى مدينة “بومينا الأثرية”، ثم “وادي النطرون” الذي باركه السيد المسيح وتنبأ أنه سوف يمتلئ بالنساك والمتوحدين والمتعبدين لله. وصلت “العائلة المقدسة” بعد ذلك إلى “المطرية وعين شمس” حيث انهارت أوثان المدينة وتهدمت، ثم انتقلت إلى “المعادي” حيث مرت بمنطقتي “الزيتون” و”مِصر القديمة”؛ ثم “البهنسا” فـ”سمالوط” ومنها إلى”جبل الطِير”، فـ”الأشمونين” حيث ارتجفت الأوثان أيضًا وتهشمت. استكملت “العائلة المقدسة” مسيرتها إلى أن وصلت “ديروط أم نخلة” في الجنوب ومنها إلى “جبل قُسقام”- به الآن “دير المُحَرَّق”- إذ استقرت بإحدى مغاراته ستة أشهر وعشَرة أيام حتى ظهور الملاك للبار “يوسُف النجار” مرة أخرى، يخبره بإمكانية العودة إلى أرض “فلسطين” بعد موت “هيرودس”. وهٰكذا حظيت “مِصر” وشعبها ببركة خاصة جدًّا امتازت بها عن سائر بلدان العالم، محققة النبوءة: “مباركٌ شعبي مِصر”.
كل عام وجميعكم بخير وسلام، ضارعين إلى الله أن يُديم على بلادنا البركات، ويحفظها من كل شر ويمنح العالم السلام و… وفي “مِصر الحلوة” الحديث لا ينتهي!
الأُسقف العام رئيس المركز الثقافيّ القبطيّ الأُرثوذكسيّ

No Result
View All Result