أود أن أتقدم بخالص التهنئات إلى المِصريين- قيادةً وشعبًا، وإلى الأمة العربية، بمناسبة عيد الأضحى، مصلين إلى الله أن يهب لـ”مِصر” الخير والسلام ويحفظها من كل شر.
وتتلاقى الأعياد، فقد احتفل أقباط “مِصر” أمس الثلاثاء 12/7 بـ”عيد الرسل” الذي يوافق تَذكار استشهاد الرسولين “بطرس وبولس” بيد الإمبراطور “نيرون”. ويسبق “عيد الرسل” صوم يسمى”صوم الرسل” الذي يُعد أقدم صوم عرَفته الكنيسة المَسيحية منذ بدء تأسيسها، والذي أشار إليه “السيد المسيح” عندما أتاه تلاميذ “يوحنا” متسائلين: “لماذا نصوم نحن والفَرِّيسيون كثيرًا، وأما تلاميذك فلا يصومون؟”؛ فأجابهم: “هل يستطيع بنو العرس أن ينوحوا ما دام العريس معهم؟ ولٰكن ستأتي أيام حين يُرفع العريس عنهم، فحينئذ يصومون.”؛ وهٰكذا صام الآباء الرسل كما يذكر الكتاب: “وبينما هم يخدمون الرب ويصومون، قال الروح القدس: «أفرزوا لي بَرنابا وشاوُل للعمل الذي دعوتُهما إليه». فصاموا حينئذ وصلَّوا ووضعوا عليهما الأيادي، ثم أطلقوهما.”، وانتقل الصوم من الآباء الرسل إلى الأجيال حتى اليوم.
يبدأ “صوم الرسل” عقب الأيام”الخمسين المقدسة”–التي تبدأ بـ”عيد القيامة”وتنتهي بـ”عيد “العنصرة”(“عيد حلول الروح القدس”) – وينتهي بذكرى استشهاد الرسولين “بطرس وبولس”. ومدة”صوم الرسل” غير محددة؛ إذ يختلف ميعاد بدايته من سنة إلى أخرى بحسب تاريخ الاحتفال بعيد “القيامة”.
“بطرس وبولس” الرسولان
كان “بطرس الرسول” من مدينة “بيت صيدا”، يعمل صيادًا للسمك، إلى أن دعاه “السيد المسيح” وأخاه “أندراوس” ليتبعاه ويصيرا تلميذيه، فتركا كل شيء وتبِعاه. وقد ذُكر عن “بطرس الرسول” أنه أحد التلاميذ الثلاثة (بطرس ويعقوب ويوحنا) المقربين للسيد المسيح، الذين شهِدوا عددًا من المعجزات والأحداث التي اختصهم بها السيد المسيح كإقامة ابنة يايرسوحادثة التجلي.
وبعد قيامة السيد المسيح وصعوده وحلول الروح القدس على التلاميذ والرسل،جال “بطرس الرسول” في العالم يبشر بالسيد المسيح فآمن كثيرون على يديه؛ فقد ذُكر أنه بعظة واحدة له انضم إلى الكنيسة ثلاثة آلاف نفس. كذٰلكأجرى الله علي يديه آيات كثيرة وعجائب حتى ذُكر: “إنهم كانوا يحملون المرضى خارجًا في الشوارع ويضعونهم على فُرُش وأَسِرَّة، حتى إذا جاء بطرس يُخَيِّم ولو ظله على أحد منهم. واجتمع جمهور المدن المحيطة إلى أورُشليم حاملين مرضى ومعذَّبين من أرواح نجسة، وكانوا يبرأون جميعهم.”.
وقد كتب “بطرس الرسول” رسالتين إلى جميع المؤمنين. ولما وصل إلى مدينة “رومية” (“روما”)، وجد”بولس الرسول”؛ فكرزا معًا وآمن عدد كبير من أهل”رومية”؛ ما أثار غضب الإمبراطور الرومانيّ “نيرون”،فقبض على “بطرس الرسول”وأمر بصلبه، فطلب أن يصلبوه منكسًا حتى فاضت روحه الطاهرة.
أما “بولس الرسول”، فكان يُدعى أولاً شاوُل، ووُلد بـ”طرسوس”، وهو يهوديّ من سبط “بنيامين”، على مذهب “الفَرِّيسية”،وكان عالمًا خبيرًا بشريعة “التوراة” إذ تربى على يد “غَمالائيل” أشهر معلمي ذٰلك العصر. وكان “شاوُل” شديد الغيرةمضطهدًا المسيحيين في كل مكان، وشهِد حادثة استشهاد القديس استفانوس رجمًا،حارسًا ثياب الراجمين. ومن شدة اضطهاده للمَسيحيين،أخذ رسائل من “قَيافا” رئيس الكهنة آنذاك إلى اليهود المتوطنين في “دمشق” للقبض على المَسيحيين والزج بهم في السجون. وبينما “شاوُل” في طريقه إلى “دمشق”، ظهر له “السيد المسيح” إذ أشرق عليه نور من السماء؛ فسقط علىالأرض، وسمِع صوتًا يخاطبه: “شاوُل،شاوُل! لماذا تضطهدني؟” فقال: “من أنت يا سيد؟”. فقال الرب “أنا يسوع الذي أنت تضطهده. صعب عليك أن ترفُس مَناخِس”. فقال وهو مرتعد ومتحير: “يارب، ماذا تريد أن أفعل؟”. فقال له الرب: “قُم وادخل المدينة فيقال لك ماذا ينبغي أن تفعل”؛ وفي “دمشق”التقى “حنانيا الرسول”فاعتمد على يديه.
جال “بولس الرسول” في العالم مبشرًا، وناله كثير من الآلام فقد تعرض للضرب والرجم والإهانات والحبس. وقد كرزفي ثلاث رحلات تبشيرية،ثم دخل “رومية”ونادى بالإيمان فآمن على يديه جمهور كثير. وقد أجرى الله على يدي “بولس الرسول” معجزات كثيرة حتى إن مناديله ومآزرهكانت تُبرئكثيرين فتزول عنهم الأمراض، وتُخرج الأرواح الشريرة. وفي أثناء تبشيره،كتب أربع عشرة رسالة إلى المؤمنين. وأخيرًا قبض عليه الإمبراطور “نيرون” وعذبه كثيرًا،ثم أمر بقطع رأسه.
كل عام وجميعكم بخير. و… والحديثفي “مِصرالحلوة” لا ينتهي!
الأُسقف العام رئيس المركز الثقافيّ القبطيّ الأُرثوذكسيّ