اتسمت شخصية “رؤوف غبور” بسمات عديدة، أهمها عدم اليأس وعدم الاستسلام؛ فإن كان قد بدأ نجاحاته وهو ما يزال في سن السابعة، واستطاع تكوين ثروة شخصية تجاوزت نصف المليون جنيه مع انتهاء دراسته الجامعية، وفي أثناء عمله موظفًا بقطاع الإطارات بشركة “إخوان غبور” تمكن من رفع المبيعات الشهرية من 50 ألف دولار إلى خمسة ملايين دولار في أقل من عامين محققًا للشركة أرباح طائلة!! فإنه تعرض لعدد من الأزمات الشديدة التي استطاع اجتيازها بقدرته الفائقة في عدم يأسه ورفضه الاستسلام. كانت أولى تلك الأزمات من أكتوبر 1981 حتى سبتمبر 1982م، مع حادثة المنصة وانهيار الجنيه المصريّ وبعده بدأ الانهيار الاقتصاديّ، فيذكر عن تلك المرحلة: “بدأت الأزمات والخسائر تتراكم فوق رؤوسنا مع توقف حركة البيع بالسوق، وفائدة الدولار الذي زاد بنسبة 25%”، لٰكنه لم يستسلم كرجال أعمال كثيرين قرروا الهروب، بل حاول أن يلجأ إلى أفضل الحلول لاجتياز الأزمة، ففضَّل عرض بضاعته بأسعار ذٰلك الوقت بخسارة يومية ـ وصلت إلى100 ألف جنيه عن ركود تجارته وإفلاسه، وبدأ في الوصول بنفسه إلى تاجر التجزئة في سابقة من نوعها في “مِصر”! ويذكر “رؤوف غبور”: “هناك رجال أعمال قرروا الهروب، وآخرون دخلوا السجن. أما أنا وكذٰلك عائلتي، فقررنا الصمود والتحدي. فقط كنت أبكي بيني وبين نفسي بسبب هذه الخسائر المتواصلة.”.
لم يكُن التعثر الوحيد الذي مر بـ”رؤوف غبور”، بل تعرض سنة 1999 لتعثر ثانٍ في شركاته الخاصة حين بدأ المؤسسية بأسلوب خاطئ متسرع، لٰكنه تدارك الموقف واستطاع العبور، فيقول: “تعلمت أيضًا ألا أيأس أبدًا أو أستسلم … قررت المقاومة وعدم اليأس ومواجهة كل الظروف … وبالإيمان بهدفي وعدم اليأس استطعت أن أسدد كل الديون ـ والحمد لله. عدم اليأس ظل أسلوب حياة معي في كل الأوقات.”. وبالفعل في سنة 2007 كان قد تخلص من معظم الديون وتنامت أعماله من جديد، وبدأت مراحل جديدة في نجاحاته: فقد طرح 30% من أسهم الشركة في اكتتاب عام، وفي السنة التالية أسس شركة “جي بي للتأجير التمويلي” ـ وهي شركة لتوفير الحلول التمويلية في مجال السيارات والعقارات وخطوط الإنتاج، وفي 2009 عمِل بمجال “التمويل المتناهي الصغر” فأسس شركة “مشروعي” وشركة “تساهيل” للتسليف النقديّ، وفي 2012 أطلق شركة “درايف” لبيع السيارات بالتقسيط، ثم تلاها تأسيس شركة “إئتمان” للمشروعات المتوسطة والصغيرة. وهٰكذا ظلت النجاحات تتوالى حتى وصلت إلى تأسيس عدد من الشركات في 2021: منها شركة “فرصة” للتمويل الاستهلاكيّ، و”رصيدي” للسداد الإلكترونيّ، و”كاف” للتأمين على الحياة. وفي مارس 2021 تقدم باستقالته رسميًّا، وتعيَّن “نادر غبور” في منصب المدير التنفيذيّ للمجموعة. وهٰكذا اقتاده عدم اليأس إلى استعادة النجاحات والمرور من الأزمات حتى كتب: “أمتلك سجل نجاح معقول، بعد أن نجحت في المرور بشركاتي من أزمات مالية صعبة ووجودية… حولت شركاتي من شبه مفلسة تعاني من ويلات المديونيات المليارية إلى واحدة من أكبر القلاع الصناعية والمالية في «مِصر»… لقد راهنت كثيرًا على قدرتي على الوقوف ثم الركض والعدو، بعد تعثري وسقوطي …”.
إلا أنني أريد التوقف عند صفة هامة جدًّا تميز بها رجل الأعمال الطبيب “رؤوف غبور”، سمة استقاها من أفراد أسرته: السمعة الجيدة، التي حرص على بنائها مع كل من تعامل معه فكانت سببًا في إنقاذه من أزماته و… والحديثفي “مصرالحلوة” لا ينتهي!
الأُسقف العام رئيس المركز الثقافيّ القبطيّ الأُرثوذكسيّ