No Result
View All Result
بدأ الحديث عن م. “سامي فهيم” الذي لم يتوقف عن العطاء، في رحلته التي تتسم بما يندر أن يجتمع في شخصية واحدة! فإذ بسماته تلك تتكاتف معًا لتصنع وميضًا من نور تلتحف به حياته، حتى صار أنموذجًا يرسم خطوات النجاح لمن يريد أن يدرك معناه. ومن بين أبرز صفاته التي يسعدني الحديث عنها: المحبة وعمل الخير، وتحمل المسؤولية، والابتكار والبحث.
أولا: المحبة وعمل الخير
تُعد المحبة في حياة “م. سامي فهيم” أحد المبادئ التي عاشها وعمِل بها في جميع مراحل حياته، ففي المجال الهندسيّ عمِل بمحبة كبيرة مع كل العاملين معه؛ وتظهر هٰذه المحبة بوضوح في أثناء عمله في نيجيريا حيث لا يقدرون العمال! إلا أن معاملات “م. سامي” معهم اتسمت بالإنسانية والمحبة، فبادله العمال محبته بمحبة كبيرة أسفر عنها زيادة إنتاج المصنع مئة ضعف!!
وعن حب م. “سامي فهيم” لبلاده “مِصر” صاحبة المكانة الأولى في حياته يعوزنا الوقت والسطور؛ فبينما كان يعمل في “نيجيريا” كان قلبه يهفو وفكره منشغل بوطنه الذي يحارب من أجل تحرير أرضه في أكتوبر 1973، حتى إنه فور انتهاء الحرب سارع بالعودة ليبني فيه صناعيًّا واقتصاديًّا. وعلى الصعيد المجتمعيّ، اهتم بالأسر المحتاجة، وأنشأ روتاري في مدينة “العاشر من رمضان” بهدف خدمة تلك الأسر بإقامة المشروعات الصغيرة لها، إلى جانب منْح الطالبات المتفوقات بكلية البنات جامعة عين شمس عددًا من الجوائز، والمساعدة في تسديد المصروفات الدراسية لغير القادرات. وفي محبته وعطائه للجميع، لم يفرق بين البشر سواء في الجنس أو الدين، مقدمًا اهتمامًا واحدًا إلى الكل على السواء من العناية والرعاية. وكان كثيرًا ما يردد: “الحب بيخلي الواحد يشوف الأشياء بطريقة مختلفة. الحب الإلهي بيخلي المصيبة الكبيرة قوي حاجة صغيرة. حب الوطن بيخلي كل حاجة تهون في سبيل إن الوطن يجي لقدام”.
ثانيًا: تحمل المسؤولية
امتاز “م. سامي فهيم” بأنه وضوح الهدف؛ فعمِل من أجله وفي سبيله تحمل المسؤولية، باذلاً الجهد بإخلاص متفانٍ من أجل تحقيقه. كان على يقين أن الإنجازات لا تتحقق بالأحلام والآمال، بل بالجهد والتعب والعرق والسعي بصبر شديد وإصرار عنيد على العمل. وقد تحدى “م. سامي فهيم” عددًا من الصعوبات، وخاصة في مستهل حياته، منها: صعوبات الدراسة حينكان يقطن بدمنهور ويدرُس بجامعة الإسكندرية؛ فكان يستيقظ يوميًّا 4:30 فجرًا ليلحق السفر بالقطار، ليبدأ يومًا دراسيًّا حافلاً، ثم يستكمل يومه مجاهدًا في استذكار دروسه لتحقيق النجاح. كان صورة نموذجية في الكفاح الحقيقيّ من أجل الوصول إلى المنشود. واستمرت رحلة كفاحه فقدم إنجازات عظيمة في مجال الصناعة في “مِصر” و”نيجيريا”. ومن كلماته المشهورة التي كان يرددها: “لما تكون فيه رغبة أو إرادة بيبقى فيه طريق”. كذٰلك تحمل مسؤولية عديد من القرارات المصيرية في رحلة العطاء والكفاح.
ثالثًا: الابتكار والبحث
أدرك “م. سامي فهيم” أهمية البحث والدراسة والعلم والثقافة، وكان يؤمن بقدرة العمل الجاد والبحث والتفكير في الحصول على منتج جيد بتكلفة بسيطة تناسب كل المستويات الاستهلاكية؛ فأسهم في إنتاج أول ثلاجة “وستينج هاوس” بتصنيع وحدة التجميد (Freezer) في “مِصر” بعد أن كانت تُستورد من الخارج ما أدى إلى خفض التكلفة، وفكَّر في تصنيع “الدفاية البوتاجاز” لتقليل استهلاك الكهرباء.
وقبل أن يبلغ م. سامي فهيم” الستين، تفرغ لخدمة الكنيسة حيث كان يردد أن السنوات القادمة من عمره عشور لربنا، فأصبح عضوًا بمجلس أمناء “كنيسة القديس بولس الرسول بمدينة العبور”، وحضر تدشينها مع قداسة “البابا أنبا تواضروس الثاني”. ولا يمكننا أن ننسى دوره العظيم في خدمته بـ”المركز الثقافيّ القبطيّ الأرثوذكسيّ” منذ أن كان فكرة إلى أن تأسس، بل استمر في خدمته حتى انتقاله من العالم؛ وقد أسند مثلث الرحمات “البابا شنوده الثالث” إلى م. “سامي فهيم”عددًا من اللجان بالمركز؛ فكان عضوًا باللجان العامة والهندسية والمالية، ونائب رئيس مجلس الأمناء، وصار عضوًا بالمجلس الاستشاريّ. وقد حصل على جائزة المركز الثقافيّ القبطيّ الأرثوذكسيّ للثقافة والعلوم والخِدمات الإنسانية المعروفة باسم “جائزة علا غبور”.
وهٰكذا تجلت في م. “سامي فهيم” كلمات الكتاب: “الحياة الصالحة أيام معدودات، أما الاسم الصالح فيدوم إلى الأبد.”؛ و… والحديث في “مصرالحلوة” لا ينتهي!
الأُسقف العام رئيس المركز الثقافيّ القبطيّ الأُرثوذكسيّ

No Result
View All Result