No Result
View All Result
مضى الحديث بنا في المقالة السابقة عن “العزيز عثمان” ملك “مِصر”، وما حدث من نزاعات مع أخيه “الأفضل” بسبب سوء تدبير وزيرة “الجَزَرِيّ” وقبح أفعاله. وانتقل “الأفضل” من حكم “دمشق” إلى «صَرْخَد». وبعد زمن عاد “العزيز” إلى “مِصر”، وظل يحكمها حتى وفاته سنة 595هـ (1198م) في حادث صيد بـ”الفيوم”.
وكان “العزيز” قد سبق فأوصى بأمر حكم “مِصر” إلى ولده “ناصر الدين مُحمد” الذي كان عمره آنذاك عشر سنوات، لٰكن المؤرخ “ابن تَغْري” يذكر: “اختلف المؤرخون فيمن وُليمُلك «مِصر» بعد موت الملك «العزيز عثمان» ابن السلطان «صلاح الدين يوسف بن أيوب» (صلاح الدين الأيوبيّ)؛ فمِن الناس من قال: أخوه «الأفضل نور الدين عليّ بن صلاح الدين يوسف بن أيوب». ومنهم من قال: ولده الملك «المنصور مُحمد» هٰذا؛ والصواب المقالة الثانية؛ فإنه كان ولّاه والدُه «العزيز» من بعده، وإليه أوصى «العزيز» بالمُلك.”، كما ذكر المؤرخ “شمس الدين يوسف” أن مقدَّمي الدولة اتفقوا على ابن “العزيز”: “ناصر الدين مُحمد”، لٰكن “سيف الدين أُزْكُش” مقدَّم “الأسَدية” (أتباع “أسد الدين شِيرِكُوه”) اقترح استدعاء “الأفضل” من “صَرْخَد” لتدبير أمور البلاد فلم يتمكنوا من معارضته. فأرسل “سيف الدين أُزْكُش” يستدعي “الأفضل”، في حين الأمراء “الصلاحيّة” (أو “الناصرية” أتباع الناصر “صلاح الدين الأيوبيّ” المؤدين “الملك العادل” في تحركاته ومعاركه) أرسلوا إلى أصدقائهم يطلبون منع “الأفضل” من المجيء إلى “مِصر”، لٰكنهم لم يتمكنوا من ذٰلك وقدِم “الأفضل” إلى “مصر”. وأشار “الأسدية” على “الأفضل” بالخروج إلى “دمشق” واستعادتها تحت حكمه، خاصة أن عمه “العادل” منشغل بمحاصرة قلعة “مارِدِين”.
سار “الأفضل” بالعساكر المِصرية صوب “الشام”، وأناب “سيف الدين أُزْكُش” في حكم “مِصر”. وعند وصول “الأفضل” إلى “دمشق”، وصل الأمر عمه “العادل”، فرحل عن القلعة، تاركًا حصارها لولده “الكامل”، متجهًا إلى “الشام”. ووقعت أمور عديدة بين “الأفضل” و”العادل” انتهت برحيلهما إلى “مِصر” حيث تقاتلا وهُزم “الأفضل”. ويذكر “ابن تغري”: “ودخل «سيف الدين أُزْكُش» بين «العادل» و«الأفضل»، واتفقوا أن يعطيه «العادلُ» «مَيّافارِقِين» و«جبل جُور» و«ديار بكر»، ويأخذ منه «مِصر»؛ فاتفق الأمر على ذٰلك.”. وهٰكذا رحل “الأفضل” عن “مِصر”، ودخل “العادل” إلى “القاهرة”، ثم استدعى ابنه “الكامل” إلى “مِصر” فوصل إليها سنة 595هـ (1195م). ثم جمع “العادل” الفقهاء وسألهم عن صحة ولاية الصغير “المنصور مُحمد”، فلم يجيزوها؛ فقطع خطبة “المنصور” وخطب لنفسه ولولده “الكامل” من بعده، وكان ذٰلك سنة 596هـ (1200م)؛ ومن ذٰلك الحين اعتُبر “العادل” حاكمًا على “مِصر، لتصير مدة ملك “المنصور مُحمد” على “مِصر” سنة وتسعة أشهر منذ يوم موت أبيه حتى خلعه وتولي “العادل” وابنه “الكامل”. وفي تلك السنة مرت بالديار المِصرية بلايا من انخفاض مياه “النيل” وجفاف للأراضي وانتشار الغلاء. ويحدثنا “أنبا ساويرس ابن المقفع” عن تلك الحقبة فيقول: “واستوزر («الملك العادل») رجلاً من أهل «دَمِيرَة» القبلية يُسمى «عبد الله بن عليّ» … فأنعته بـ«القاضي صفي الدين» وأسماه «الصاحب»، وسلَّم له الدولتين المِصرية والشامية، فنهض فيهما واستقل بهما حتى صار يستخدم ويصرف ويأمر وينتهي، ولا ينعمل شيئًا في صغيرة أو كبيرة إلا بعلمه وبثبوت خطه، حتى صار «الملك العادل» لا ينفرد عنه بشيء، ولا يطلق ولا يمنع ولا يوقع في شيء إلا برأيه وقلمه …”، ثم يسرُد لنا ما حدث سنة 597هـ (1200-1201م): أن خلفاء “مِصر” اعتادوا على صرف الصدقات للمحتاجين في “مِصر” والرواتب للأقرباء والأجانب، وكان خيرهم يصل إلى الناس كافة فتساوى الفقراء والأغنياء، والأقوياء والضعفاء. لٰكن الوزير “صفي الدين” أشار بقطع تلك الأموال فقُطعت عنهم. وصار حال البلاد رديًّا و…والحديث في “مِصرالحلوة” لا ينتهي!
الأُسقف العام رئيس المركز الثقافيّ القبطيّ الأُرثوذكسيّ

No Result
View All Result