No Result
View All Result
أهنئكم جميعًا بـ”عيد القيامة” الذي احتفلت به الكنيسة القبطية ومَسيحيو الشرق يوم الأحد ١٦/٤، كما أهنئكم بـ”عيد الفطر” الذي يحتفل به إخوتنا المسلمون في كل أنحاء العالم، ونصلي إلى الله أن يحفظ لـ”مِصر” أمنها وسلامها ويديم عليها الخيرات والبركات، ويهب للعالم السلام.
ونحن نحتفل بالقيامة، نتذكر أن الله وهب للإنسان ما يميزه عن سائر المخلوقات: روحًا خالدة لا تموت. وأما الجسد الذي يموت فسيعود بقدرة الله غير المحدودة إلى الحياة مرة ثانية ويقوم. ولهٰذا، فإن حياة الإنسان لا تنتهي بالموت الذي سيجتازه كل ذي جسد، بل بات الموت جسرًا يعبر عليه بنو البشر كافةً إلى حياة أبدية لا تنتهي. وهنا تحضرني كلمات مثلث الرحمات البابا شنوده الثالث: “لعلنا نقول: إن أهم ما في القيامة هو ما بعد القيامة. فالقيامة تدل علي أن لحياة الإنسان امتدادًا في العالم الآخر، وأن الموت هو مجرد مرحلة في حياة الإنسان، أو هو مجرد جسر بين حياتين إحداهما أرضية والأخرى سمائية.”.
وقد اتفقت الأديان وكثير من العبادات على حقيقة القيامة، فالبشر جميعهم سوف يقفون يوم الدينونة أمام عرش الله يقدم كلٌّ حسابًا عن جميع أعماله – خيرًا كانت أم شرًّا – يتبعه مصير الإنسان الأبديّ. إلا أنه يوجد ادعاء أن البشر إلى فناء ونهايتهم بموتهم ولا قيامة للأموات ولا حياة أبدية!! وفي الواقع إن هذه الأفكار هي إحدى محاربات الشيطان، عدو الخير، وإيحاءاته لكي يهتم البشر بالانغماس في شهوات الدنيا وملذاتها، غير عابئين بمصير أبديتهم فيَهلِكون معه في العذاب الأبديّ. والواقع إن رفْض الملحدين الفلاسفة لحقيقة القيامة ليس فكرًا وليد اليوم، بل هو منتشر في كل زمان؛ فنرى السيد المسيح يؤكد حقيقة القيامة، حين جاء إليه جماعة من الصَّدّوقيين الذين يؤمنون بأنه ليس قيامة، يحاورونه في أمر يتعلق بها، مجيبهم: “تضلون إذ لا تعرفون الكتب ولا قوة الله. لأنهم في القيامة لا يزوِّجون ولا يتزوجون، بل يكونون كملائكة الله في السماء. وأما من جهة قيامة الأموات، أفما قرأتم ما قيل لكم من قبل الله القائل: أنا إلٰه إبراهيم وإلٰه إسحاق وإلٰه يعقوب؟ ليس الله إلٰه أموات بل إلٰه أحياء.”. فليس من المعقول أن الله الحيّ ينسب نفسه إلى أشخاص فنوا ولم يعُد لهم ذكر!
وكثيرًا ما أكد السيد المسيح في تعاليمه حقيقة قيامة الأموات فيقول: “فإنه تأتي ساعة فيها يسمع جميع الذين في القبور صوته، فيخرج الذين فعلوا الصالحات إلى قيامة الحياة، والذين عمِلوا السيئات إلى قيامة الدينونة.”. كذٰلك يصف يوم الدينونة الرهيب قائلاً: “ومتى جاء ابن الإنسان في مجده وجميع الملائكة القديسين معه فحينئذ يجلس على كرسيّ مجده. ويجتمع أمامه جميع الشعوب، فيميز بعضهم من بعض كما يميز الراعي الخراف من الجِداء، فيقِيم الخراف عن يمينه والجِداء عن اليسار. ثم يقول الملك للذين عن يمينه: تعالَوا يا مبارَكي أبي، رثوا الملكوت المعَد لكم منذ تأسيس العالم … ثم يقول أيضًا للذين عن اليسار: اذهبوا عني يا ملاعين إلى النار الأبدية المعَدة لإبليس وملائكته … فيمضي هٰؤلاء إلى عذاب أبديّ والأبرار إلى حياة أبدية.”. ومما يؤكد حقيقة القيامة أيضًا عودة أناس من الموت وقيامتهم منه، كالذين أقامهم السيد المسيح مثل “ابنة يايرس” و”ابن أرملة نايِين”، و”لعازر” بعد موته بأربعة أيام. ولقد أكد الآباء الرسل حقيقة القيامة، فيذكر القديس “بولس الرسول”: “ولي رجاء بالله في ما هم أيضًا ينتظرونه: إنه سوف تكون قيامة للأموات، الأبرار والأثمة.”.
إن كل المحاولات لتشويه حقيقة القيامة وإنكارها هي في حقيقتها تستهدف شغل الفكر البشريّ بالعالم ومقتنياته وإغراءاته الزائلة عن الإعداد والاستعداد للحياة الأبدية. كل عام وجميعكم بخير. و… والحديث في “مِصر الحلوة” لا ينتهي!
الأُسقف العام رئيس المركز الثقافيّ القبطيّ الأُرثوذكسيّ

No Result
View All Result