No Result
View All Result
يحتفل المِصريون غدًا الخميس الرابع والعشرين من بشنس (الأول من يونيو) بـ”عيد دخول السيد المسيح أرض مِصر”، وهو في صحبة أمه “السيدة العذراء مريم” والقديس البار “يوسف النجار”. وحين أذكر أنه احتفال المِصريين جميعًا بهذا العيد، فللمكانة السامية للسيد المسيح وللمنزلة الرفيعة “للسيدة العذراء” في قلوب الشعب المِصريّ مسلميه ومَسيحييه؛ فقد قيل عن السيد المسيح في القرآن: ﴿إذْ قَالَتِ ٱلْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ ٱللهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ ٱسْمُهُ ٱلْمَسِيحُ عِيسَى ٱبْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي ٱلدُّنْيَا وَٱلْآخِرَةِ وَمِنَ ٱلْمُقَرَّبِينَ﴾؛ وفي سورة آل عمران: ﴿أَنِّىٓ أَخْلُقُلَكُم مِّنَ ٱلطِّينِ كَهَيْئَةِ ٱلطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ ٱللهِ وَأُبْرِئُ ٱلْأَكْمَهَ وَٱلْأَبْرَصَ وَأُحْىِ ٱلْمَوْتَىٰ بِإِذْنِ ٱللهِ وَأُنَبِّئُكُم بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِى بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِى ذَٰلِكَ لَآيَةً لَّكُمْ إِنْ كُنتُم مُّؤْمِنِينَ﴾، وقيل عن “السيدة العذراء”: ﴿وَإِذْ قَالَتِ ٱلْمَلَآئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ ٱللَّهَ ٱصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَٱصْطَفَاكِ عَلَىٰ نِسَآءِ ٱلْعَالَمِينَ﴾، وفي سورة التحريم: ﴿وَمَرْيَمَ ٱبْنَتَ عِمْرَانَ ٱلَّتِىٓ أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ ٱلْقَانِتِينَ﴾؛ وفي الأحاديث ذُكر عنهما: «مَا مِنْ مَوْلُودٍ يُولَدُ إِلَّا نَخَسَهُ ٱلشَّيْطَانُ فَيَسْتَهِلُّ صَارِخًا مِنْ نَخْسَةِ ٱلشَّيْطَانِ إِلَّاٱبْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ».
وقد ورد في الكتاب مجيء العائلة المقدسة إلى “مِصر” تتميمً النبوات العهد القديم، فقيل: “… إِذَا مَلَاكُ ٱلرَّبِّ قَدْ ظَهَرَ لِيُوسُفَ فِي حُلْمٍ قَائِلاً: «قُمْ وَخُذِ ٱلصَّبِيَّ وَأُمَّهُ وَٱهْرُبْ إِلَى مِصْرَ، وَكُنْ هُنَاكَ حَتَّى أَقُولَ لَكَ. لِأَنَّ هِيرُودُسَ مُزْمِعٌ أَنْ يَطْلُبَ ٱلصَّبِيَّ لِيُهْلِكَهُ». فَقَامَ وَأَخَذَ ٱلصَّبِيَّ وَأُمَّهُ لَيْلاً وَٱنْصَرَفَ إِلَى مِصْرَ. وَكَانَ هُنَاكَ إِلَى وَفَاةِ هِيرُودُسَ. لِكَيْ يَتِمَّ مَا قِيلَ مِنَ ٱلرَّبِّ بِالنَّبِيِّ ٱلْقَائِل: «مِنْ مِصْرَ دَعَوْتُ ٱبْني».”؛ وتحدث إِشَعْياء النبيّ: “… هُوَذَا ٱلرَّبُّ رَاكِبٌ عَلَى سَحَابَةٍ سَرِيعَةٍ وَقَادِمٌ إِلَى مِصْرَ، فَتَرْتَجِفُ أَوْثَانُ مِصْرَ مِنْ وَجْهِهِ، وَيَذُوبُ قَلْبُ مِصْرَ دَاخِلَهَا.”، كما قال: “فِي ذَٰلِكَ الْيَوْمِ يَكُونُ مَذْبَحٌ لِلرَّبِّ فِي وَسَطِ أَرْضِ مِصْرَ، وَعَمُودٌ لِلرَّبِّ عِنْدَ تُخْمِهَا. فَيَكُونُ عَلَامَةً وَشَهَادَةً لِرَبِّ ٱلْجُنُودِ فِي أَرْضِ مِصْرَ.”.
وقد دبر الله أمر رعاية العائلة المقدسة في ذٰلك الهروب، فحفظها من أخطار الطريق، فقد سلكت طريقًا مختلفًا عن طرق السفر الثلاثة التي كانت معروفة آنذاك، وذٰلك هربًا من جنود الملك “هيرودس” الذين كانوا يجدّون في إثر الطفل لإهلاكه. وقد دبر الله أيضًا أمر المال الذي سوف تنفق منه العائلة المقدسة في هربها، وذلك حين قدَّم المجوس ذهب هداياهم؛ إنها عناية السماء الساهرة على العائلة المقدسة حتى بما قد يعوزها من حاجة مادية طوال هروبها وتَرحالها من مكان إلى آخر لما يزيد على ثلاث سنوات.
وبينما العائلة المقدسة ترتحل في رُبوع “مِصر”، بدءًا من مدينة “الفَرَما” بسيناء حتى “جبل قُسقام” بأسيوط (دير المُحَرَّق حاليًّا)، أخذت تترك آثار زيارتها أثرًا تِلو الأثر، في رسالة جلية أنها تختص “مِصر” ببركات لا تتكرر: ينبوع ماء في كل من “تل بسطا” و”مسطرد” و”سمنود” و”سخا” ومدن أخرى، وماجور كبير من الجرانيت عجنت فيه “السيدة العذراء” بسمنود، وحجر سخا الذي انطبعت عليه قدم السيد المسيح، و”شجرة مريم” بالمطرية، وغيرها من الآثار. وفي تنقلات العائلة المقدسة صارت معجزات كثيرة، أهمها انكفاء الأوثان وتحطمها في كل موضع كانت تطأه أقدامها.
وقد نالت “مِصر” شهرة عالمية بسبب لجوء العائلة المقدسة إليها، حتى باتت هي البلد الوحيد الذي الت جأ السيد المسيح إليه، وعاش وتغذى من خيرأرضه، وارتوى سنوات من ماء نيله، إلى أن أُرسل ملاك الله إلى “يوسف البار” وأمره بالعودة إلى أرض “فلسطين”، بعد أن مات من كان يطلب قتل الصبيّ. وعلى الفور رحلت العائلة المقدسة عن حِضن”مِصر”، تاركة فيه بصمات وبركات لنتنمحي طول الأزمان.
و… والحديث في “مِصر الحلوة” لا ينتهي!
الأُسقف العام رئيس المركز الثقافيّ القبطيّ الأُرثوذكسيّ

No Result
View All Result