تحدثنا في المقالة السابقة أنه حين نعمل «معًا» تتنوع المهارات وتتكامل فيتحقق نجاح أعظم. وعرضنا لبعض معوقات العمل الجماعيّ منها: «عدم المرونة»، وتحول الاختلاف في الرأي إلي قضية شخصية قد تصل إلي العداء بين بعض الأشخاص. إن كان النجاح الذي يسعي له الإنسان هونتاج: رؤية لأهداف يضعها أمامه، ويسعي لتحقيقها من خلال خُطة يعمل فيها بكل جِد وأمانة، ثم يقيِّمها بين حين وآخر؛ وإن كان النجاح يتدفق إلينا بيسر وسهولة حين نعمل «معًا»، إلا أن هناك أحد أهم أسرار النجاح والنمووهو»مساعدة الآخرين» في تحقيق نجاحهم الشخصيّ. يقولون: «يأتي النجاح من مساعدة الآخرين؛ إنه المبدأ الأساسيّ والمؤكَّد الذي يجب عليك أن تراعيه.». فحين نساعد غيرنا علي النمووالتقدم والنجاح نجد أننا قد حققنا معه النجاح والنمو. ومن يمكنه أن يمُد يد المساعدة إلي غيره، فهوبلا شك شخص قويّ؛ فالأقوياء الحقيقيُّون هم من يختارون أن يعلِّموا ويساعدوا غيرهم من خلال الخبرات والآلام التي اجتازوها عبر رحلة حياتهم. ومن أجمل الأقوال: «تذكَّر أنه حين تحتاج إلي من يساعدك، تجد شخصًا يقدم لك المساعدة. وبينما أنت تكبُر، تكتشف أن لديك ذراعين: إحداهما لتساعد نفسك، والأخري لتساعد بها الآخرين.». وفي ختام موضوع «النجاح» أود العبور سريعًا علي «الطموح»؛ وهنا يجب أن ننتبه: الطموح يكون حافزًا إلي النجاح إذا ما اقترن بالعمل والبذل والمبادئ السامية، ويكون دافعًا إلي الدمار إذا ما اتجه الإنسان نحوقمم الجبال دون تعلم فن تسلقها. فقواعد النجاح الحقيقيّ تعتمد علي أسس ومبادئ تحدثنا عن كثير منها، ولكن يحوطها جميعًا المبادئ السامية لتحقيق هذا النجاح. فهناك من يظن أنه حقق النجاح ـ علي سبيل المثال ـ بالغش ولكنه في حقيقة الأمر افتقد كثيرًا من كرامته الإنسانية أمام نفسه قبل الآخرين. وقد يدعي البعض أن النجاح السهل الذي يعتمد علي «الذكاء» (الفهلوة) يُسعد الإنسان؛ ربما يكون هذا صحيحًا لدي البعض، إلا أن كل عمل وفكر وتعب ومجهود يبذُِله الإنسان في طريق الحياة سعيًا نحوالنجاح يرسُِم علامات النضج في شخصيته وفي مشاعره العميقة في نفسه والآخرين. وهنا أتذكر قصة رمزية عن إنسان كان يتساءل كثيرًا: لِمَ يسمح الله بالمشكلات التي تبدو كأن لا حل لها في الحياة؟ وفي أحد الأيام، بينما كان يصلي إلي الله، قيل له إن ببابه صخرة كبيرة وعليه أن يستيقظ كل يوم ويقوم بدفعها. أطاع الرجل وكان يدفع الصخرة الكبيرة كل يوم دون أن تتحرك. وبعد مدة من الزمان، يئس الرجل وسأل الله عن سر عدم تحرك الصخرة، فقيل له: لقد كان دورك أن تدفع بالصخرة فقط، لا أن تحركها؛ فتحريكها هوعمل الله الذي يستطيع تحريك الصعاب. ولكن انظر في ذاتك: ألا تجد أنك قد اكتسبتَ الصبر، وزادت قدرتك علي التصدي للصعاب، بسبب التدرب اليوميّ الذي قمتَ به؟ لقد كانت الصخرة سببًا في نموقدراتك. وهكذا النجاح الذي تسعي له بالتعب والجُهد، يُنميان قدراتك وإمكانتك لتحقق مزيدًا من النجاح في الحياة. وأختِم بكلمات إلي كل من يسعي في طريق الحياة نحوالنجاح: «ابدأ صغيرًا. فكِّر كبيرًا. لا تقلق علي أشياء كثيرة في الوقت نفسه؛ ابدأ بالأشياء البسيطة أولًا، ثم تقدَّم إلي الأشياء التي هي أكثر تعقيدًا.».