«إنني أطلب من المِصريِّين طلبًا يوم الجمعة القادم: لا بد من نزول كل المِصريِّين الشرفاء الأمناء. لماذا؟ ينزلون لكي يعطوني تفويضًا وأمرًا بأن أواجه العنف والإرهاب المتوقع. ينزلون لكي يُروا الدنيا … أنا أطلب منكم أن تُروا الدنيا مثلما أرَيتموها في 30/6، و 3/7 كيف أن لكم إرادة ولكم قرار. أنا أريد حضراتكم يا كل المصريِّين أن تنزلوا لكي تذكِّروا الدنيا كلها بأن لكم أنتم إرادة ولكم قرار؛ الإرادة والقرار هما: [إنه إذا أُلجِئ إلي العنف أو أُلجِئ إلي الإرهاب، يفوَّض إلي الجيش والشرطة اتخاذ اللازم للتصدي لهٰذا العنف وهٰذا الإرهاب].». كانت هٰذه كلمات السيد «عبد الفتاح السيسي» رئيس جمهورية مِصر العربية، الفريق الأول «عبد الفتاح السيسي» آنذاك، في الرابع والعشرين من يوليو 2013م. وقد استجاب الشعب المِصريّ للطلب، وملأت الجماهير الميادين يوم الجمعة السادس والعشرين من يوليو 2013م لتعلن رغبتها وقرارها الحر في رفض الإرهاب والعنف بكل أنواعه وأساليبه. لم تكُن تلك هي المرة الأولي التي أعلن الشعب فيها إرادته وفرض قراراته؛ ففي إطلالة سريعة علي التاريخ، البعيد والقريب، نري دَور الشعب العظيم الذي قدم الأديب المِصريّ العالميّ «نجيب محفوظ» أُنموذجًا له في روايته «كفاح طيبة» التي قال عنها: «… أردتُ بذٰلك أن أقول إنه مثلما نجح الشعب المِصريّ في تحقيق استقلاله في العصور الغابرة، فإنه سينجح أيضًا في العصر الحديث.». ودائمًا ما يُثبت المِصريُّون نجاحهم؛ ففي ثورة 1919م ساند الشعب زعيم الثورة «سعد زغلول» وأجبروا السلطات البريطانية علي إعادته من المنفي، كما ساند ثورة 1952م التي انطلقت من بين صفوف الجيش المِصريّ. إنه الشعب الذي يدافع عن إيمانياته ومواقفه علي مر التاريخ. وقد كان طوفان المِصريِّين الذي ملأ ميادين القاهرة مقدِّمًا رسالة واضحة قوية إلي العالم بأسره تقول: • إن الشعب وضع ثقته في قيادته وفي الأشخاص الذين يعملون من أجله، وأنه لن يبالي بأي غالٍ أو ثمين في سبيل بلاده. • إن القرار المِصريّ ينبَُِع من إرادة الشعب وحريته ولا يُفرض عليه. • إن المِصريِّين يسعَون نحو السلام والأمن والحياة الكريمة، فهم شعب تعلَّم علي مر تاريخه العريق أن يسعي نحو الحياة والخلود. • إن الشعب لا يبخل ببذل كل جُهد من أجل مِصر حين يسمع النداء؛ وهو أيضًا لن يتردد في بذل الجُهد من أجل بنائها واستعادة أمجادها. فالمِصريُّون علي مر تاريخهم الطويل صانعو حضارة من أولي الحضارات التي شهِدها العالم. فقدموا إلي البشرية: الزراعة، والصناعات مثل: المعادن واستخراجها، والزجاج، والأواني الفَخّاريّة، وبناء المنازل بدلًا من الأكواخ، وصناعة السفن. وفي العلوم قدموا: الطب، والفلك، والكتابة، والحساب، والقياسات، والهندسة، وحساب المثلثات، كما قدموا أيضًا إلي العالم التقويم الشمسيّ الذي يتبعه العالم الآن بعدد الأيام نفسه والأشهر. إن من يخُط الحضارات يبني معها أسس الحياة والاستقرار، ولا يكون لديه مكان لهدم أو قتل أو إرهاب. فالمِصريّ منذ القِدم وهو يُدرك معني الجمال والحياة والبناء والتشييد، وفي كل مكان يحِل فيه ينقُل معه حضارته وعلمه وإبداعه. ومن يعلِّم العالم كيف تُصنع الحضارات، يعلِّمه أيضًا الطريق إلي السلام والعدل والرحمة. مصر: بلد الأمن والسلام، بلد الحضارات، بلد البركات التي نالها بوجود الأنبياء فيه وزيارة العائلة المقدسة له. وذكري يوم تفويض الشعب إلي قياداته هي تجديد لهٰذه الثقة للسعي نحو أمن مِصر وسلامها ورخائها؛ فأنتم، يا سيادة الرئيس، أمل المِصريِّين في الحفاظ عليهم وعلي أراضيهم، وعلي وَحدتهم؛ فنحن «فوضناك». حفِظ الله مِصر وصانها من كل شر!