تحدثنا في المقالة السابقة عن “التوازن والاستقرار” في حياة الإنسان من خلال تحقيق التوازن عندما يُدرك الإنسان حاجاته الأساسية ويُشبعها بالطريقة الصحيحة المتوازنة، وأيضًا تحقيق التوازن بين جسده ونفسه وروحه من أجل تقليل حجم الصراعات الداخلية في حياته. وبدأنا بالحديث عن أهمية التوازن بين الأدوار والمهام التي يقوم بها الشخص في حياته: فهو يعمل، وهو مسؤول عن أسرة أو فرد فيها، وهو أيضًا إنسان له طموح وأهداف شخصية يريد تحقيقها، كي ينمو ويحقق مزيدًا من النجاح والتميز سواء على مستوى حياته العملية أو الاجتماعية أو الروحية ـ طبقًا للأهداف التي وضعها لذاته. ويجب ألا ينسى الفرد أنه عضو في الأسرة الإنسانية، سواء في مجتمعه أو العالم، يسعى لتقديم الخير لجميع أبنائها. فجميع هٰذه الأدوار يجب أن تتوازن في حياة الإنسان. وعلى سبيل المثال: يجب أن يتدرب على الفصل التام بين العمل بالتزاماته ومشكلاته وبين الحياة الخاصة، فحين يترك وقت العمل عليه أن يترك كل ما له ويهتم بالأمور الشخصية والأسرية، والعكس صحيح. ويجب عليه ألا يحمل هموم الأسرة أو ما يختص بحياته الشخصية في وقت العمل. وهٰكذا يحقق التوازن في حياته في عَلاقته بالله، وبنفسه، وبالآخرين.
وعلى الإنسان أن يلاحظ نفسه فيما وضعه من أهداف يسعى للوصول إليها، وأن يسعى نحو موازنة تلك الأهداف في حياته بحيث لا يَطغَى هدف على بقية الأهداف؛ ولا يجد بعد زمن من المسير والتعب والجهاد والكفاح أنه قد فقد جانبًا من حياته لا يمكنه استرداده. ومع تحقيق التوازن بين الأهداف، يتحقق التوازن في الوقت المخصص لتحقيق كل هدف، وللأساليب التي المطلوب اتباعها مع تنوعها. ولنتذكر تلك الكلمات التي تقول: “لا يعني العثور على أمر مهم في الحياة، التخلي عن جميع الأمور المهمة الأخرى، ولا التنكر لها.”. وكما أنه يجب على الإنسان أن يوازن بين أهدافه، عليه أيضًا أن يكون متوازنًا في القيام بالواجبات التي عليه، وأن لا يَطغى أحدها على الآخر حتى لا يفقد الإنسان أحد جوانب حياته، ولا يظلم آخرين في رحلة الحياة. وقد تقتضي الأمور إعطاء بعض الاهتمام لأحد الأهداف أو الواجبات في وقت ما، لٰكن تكون القاعدة الأساسية هي التوازن.
المبادئ
للمبادئ دَور مهم في حياة الإنسان وفي سعيه نحو تحقيق التوازن في حياته؛ فمن خلال تلك المبادئ والقيم يختار الأهداف، وكذٰلك الوسائل التي تناسب تحقيقها. وللحديث بقية …
الأسقف العام رئيس المركز الثقافيّ القبطيّ الأُرثوذكسيّ