No Result
View All Result
تحدثنا في المقالة السابقة عن “رياح الغضب” التي تدمر حياة الإنسان وتُفسد عَلاقاته بالآخرين. واليوم نتحدث عن نوع آخر من العواصف التي لا تقل خطرًا عن الغضب: “عواصف اليأس”.
يُعدّ اليأس من أعداء الإنسان التي تسعى لتدميره في الحياة. فإن الهزيمة الحقيقية التي يتلقاها الإنسان خلال سعيه في رحلة الحياة لا تأتيه من خارجه، إنما تنبَُِع من أعماقه، من نفس أصيبت باليأس فتركت كل عمل إيجابيّ لها واستسلمت للفشل. يقول الكاتب الكبير “نجيب محفوظ”: “لا أحذركم إلا من عدُو واحد: هو اليأس.”. وهٰكذا في أثناء ما يسعى الإنسان في طريق الحياة، عليه أن ينتبه لأعاصير اليأس التي تبُثها محاولات غير ناجحة قد يمر بها أو ظروف عصيبة تعترض طريقه، ويتذكر تلك المقولة الشهيرة للزعيم “مصطفى كامل”: “لا حياة مع اليأس، ولا يأس مع الحياة.”؛ فيتأهب لمقاومة كل يأس يحاول اختراق نفسه.
ويكمن خطر اليأس في أنه يؤثر في فكر الإنسان فلا يمكنه أن يفكر بعقلانية ومنطقية، إذ تسيطر عليه المشاعر السلبية المتولدة من اليأس. وهٰكذا يقف اليأس عائقـًا أمام استخدام الإنسان لإمكاناته الشخصية ومهاراته، فهو يعتقد أن جميع المحاولات لن يُكتب لها النجاح وهو ما يُرْسِخ لديه فكرة حتمية الفشل في الطريق الذي يسلك في حياته.
ومن أسباب اجتياح الإنسان بعواصف اليأس، أنه كثيرًا ما يركز في باب محدَّد، يرغب في العبور خلاله إلى النجاح أو السعادة، ربما يكون مغلقـًا، في حين إن نظر بإيجابية في الحياة، فسوف يجد عديدًا من الأبواب الأخرى المفتوحة له. إن الإنسان كثيرًا ما يقف أمام الأبواب المغلقة ليَطرقُها، غير مدرك لتلك الأخرى التي يمكنه العبور منها إلى تحقيق أهدافه ونجاحاته. ومن أسباب يأس الإنسان كذٰلك عدم تمتعه بصبر كافٍ حتى يصل إلى ما يتمنى تحقيقه؛ فتعجُّله الأمور قد يقوده إلى شعوره بالإحباط واليأس اللذين يؤثران سلبـًا في أفكاره ليجد نفسه يسير متخبطـًا في حياته؛ وكما يقولون: “أفكارك تحدد مسارك”.
ولمقاومة عواصف اليأس، إليك بعض الأفكار:
• لتكُن لك الثقة بالله
ربما تشعر بضعفك أمام ذٰلك الهدف الذي تسعى نحوه؛ لذٰلك شدِّد نفسك بالثقة بالله الذي يستطيع كل شيء ولا يَعسُر عليه أمر. ولا تدَع عواصف اليأس تُغرق قاربك بل تشبَّث بمجدافَي الإيمان واليقين، فالليل يعقبه النهار وغروب الشمس لا يمنعها من إشراقة جديدة. وتذكَّر تلك الكلمات الرائعة للمتنيح “القديس البابا كيرلس السادس”: “كُن مطمئنـًا جدًّا جدًّا، ولا تُفكر في الأمر كثيرًا، بل دَع الأمر لمن بيده الأمر.”.
• ثِق بالإمكانات الموهوبة لك
إمكاناتك هي التي وهبها الله لك؛ لذا عليك أن تثق بها، لأنه واضع المواهب لكل إنسان ليعمل بها ويؤدي رسالته في الحياة بنجاح. فقط، تحتاج إلى أن تكتشف تلك المواهب وتستخدمها بالأسلوب المناسب في الحياة.
• ليكُن لك قوة التفكير الإيجابيّ
التفكير الإنسانيّ هو طاقة توجه الإنسان بقوة نحو الطريق، فإن كان سلبيـًّا دفعه نحو التقهقر والفشل واليأس، وإن كان إيجابيـًّا صعِد به إلى مرتفعات النجاح. يقول أحدهم: “إن العقل كالحقل، وكل فكرة نفكر فيها مدة طويلة هي بمنزلة عملية ريّ، ولن نحصُِد سوى ما نزرع من أفكار سلبية أو إيجابية.”؛ لذٰلك اُنظر بإيجابية فيما يعتريك من مواقف وصعوبات حتى تتمكن من تغيير حياتك بإيجابية. وبدلاً من أن تكون تلك الصعوبات أحجارًا تتعثر بها وتيأس، اجعلها قُوى تحرك قدراتك، وكما يقولون: “وُجدت الصعوبات لتستخرج منك القدرات؛ فلا تيأس”. لقد كانت “هيلين كيلر” مثالاً لذٰلك فتقول: “لقد حصلتُ على نعم كثيرة في هٰذه الحياة، حتى إنها شغلتني عن التفكير في تلك التي حُرمتُ منها.”.
وللحديث بقية …
الأسقف العام رئيس المركز الثقافيّ القبطيّ الأُرثوذكسيّ
No Result
View All Result