اليوم، وكنيستنا القبطية الأرثوذكسية تحتفل بـ”عيد القيامة المجيد”، هي وبعض كنائس الشرق، أود أن أهنئكم جميعًا بقيامة “السيد المسيح”، مصلين متضرعين إلى الله أن يبارك الله “مِصر” بالخيرات وينعم عليها بالأمن والسلام.
“هٰذا هو اليوم الذي صنعه الرب. نبتهج ونفرح فيه.” (مز ١١٨: ٢٤)؛ إن القيامة هي اليوم الذي أعده الله منذ الأزل من أجل فداء البشرية الساقطة التي صدر عليها حكم الموت الأبديّ. إن الله لم يخلق البشر من أجل فنائهم! بل ليتمتع الإنسان بفيض محبته ولذة عشرته التي قال عنها: “لذاتي مع بني آدم” (أم ٨: ٣١)، فوهب له الحياة الأبدية والسعادة الدائمة. إلا أن الإنسان بكسره وصية اللهقد جلب الموت إلى العالم: “من أجل ذٰلك كإنما بإنسان واحد دخلت الخطية إلى العالم، وبالخطية الموت، وهٰكذا اجتاز الموت إلى جميع الناس، إذ أخطأ الجميع.” (رو ٥: ١٢). وإزاء الموت، جاء وعد الله بإنقاذ البشرية وفدائها من الهلاك: “… وأضع عداوة بينكِ وبين المرأة، وبين نسلكِ ونسلها. هو يسحق رأسكِ، وأنت تسحقين عقبه».” (تك ٣: ١٥). وهٰكذا ظلت البشرية في انتظار المخلِّص الذي سيسحق الشيطان والموت، ويصالح الأرضيين مع السمائيين؛ فنجد الأنبياء يصلِّون لأجل الإسراعبإتمام الخلاص: “ليت من صهيون خلاص إسرائيل. عند رد الربِّ سبي شعبه، يهتف يعقوب، ويفرح اسرائيل.” (مز ١٤: ٧)، ويقول إشَعْياء النبيّ: “ليتك تشق السماوات وتنزل!” (إش ٦٤: ١).
وفي مِلء الزمان تجسد الابن الكلمة وجاء بيننا على الأرض، جال يصنع خيرًا ويعلِّم كل يوم، وأخيرًا قدَّم ذاته ذبيحة فداء عن خطايانا نحن البشر: “فإنني سلَّمت إليكم في الأول ما قبِلتُه أنا أيضًا: أن المسيح مات من أجل خطايانا حسب الكتب، وأنه دُفن، وأنه قام في اليوم الثالث حسب الكتب …”. (١ كو ١٥: ٣و٤)، ثم قام بقوة لاهوته إذ هو الحياة ولا يمكن للموت أن يُمسِك به، وقد أعلن هٰذا حين قال: “أنا هو القيامة والحياة. من آمن بي ولو مات فسيحيا …”. (يو ١١: ٢٥)، وبقيامته وهب الحياة لأولٰئك الذين رقدوا على رجاء مواعيد الله بالخلاص، إذ نزل إلى الجحيم وكرز بالخلاص للأرواح التي في السجن، وأخرجها إلى الفردوس، ووهب رجاء الحياة الأبدية لكل من يؤمن به وبعمله الخلاصي. وبذٰلك صارت “قيامة السيد المسيح” عربونًا لقيامتنا جميعًا: “ولٰكن الآن قد قام المسيح من الأموات وصار باكورة الراقدين. فإنه إذ الموت بإنسان، بإنسان أيضًا قيامة الأموات. لأنه كما في آدم يموت الجميع، هٰكذا في المسيح سيحيا الجميع.”. (١ كو ١٥: ٢٠-٢٢).
كل عام وجميعكم بخير: المسيح قام، بالحقيقة قام.
الأسقف العام رئيس المركز الثقافيّ القبطيّ الأرثوذكسيّ